الاحداث – كتبت صحيفة "الديار": في الوقت الذي لا تزال القوى السياسية في لبنان، تتجادل حول جدوى إطلاق مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع «إسرائيل»، يبدو أن هذه الأخيرة لا يعنيها هذا الطرح أصلا، اذ ردت في الساعات الماضية على الحراك الحاصل في هذا المجال، سواء من الأميركيين أو المصريين، برفع وتيرة تهديداتها واستهدافاتها، اذ شدد رئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو على أننا «لن نسمح بأن تعود جبهة لبنان مصدر تهديد لإسرائيل، وسنفعل ما يلزم لمنع ذلك»، فيما حذَّر وزير دفاع العدو يسرائيل كاتس امس ، من أن الجيش سيكثّف هجماته ضد حزب الله، معتبرا أنه «على الحكومة اللبنانية الوفاء بالتزامها بنزع سلاح الحزب وإخراجه من جنوب لبنان». وقال إن «حزب الله يلعب بالنار، والرئيس اللبناني يماطل».
وفي ظل هذا الجو التصعيدي الاسرائيلي تجاه لبنان، لفت اعلان المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني امس الأحد أن «وزارة الخارجية تلقت رسائل لاستئناف المفاوضات مع أميركا».
جواب «تل أبيب»
وقالت مصادر وزارية لـ<الديار» إن «الرئاسة والحكومة اللبنانية ينتظران من المبعوثين الأميركيين جوابا اسرائيليا، على قبول لبنان بتوسعة لجنة الإشراف على وقف النار لتتضمن مدنيين، فتكون هي الجهة المخولة خوض مفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين على غرار تلك التي حصلت عند ترسيم الحدود البحرية».
وأضافت المصادر:»لبنان قام بما عليه وزيادة ، سواء من خلال التزامه التزاما تاما باتفاق وقف النار، مقابل آلاف الخروقات اليومية الإسرائيلية، كما مؤخرا بموافقته على خوض مفاوضات غير مباشرة. لكن الطابة كانت ولا تزال في الملعب الأميركي- «الإسرائيلي»، باعتبار أن واشنطن مطالبة بممارسة الضغوط اللازمة على «تل أبيب»، لاجبارها على تطبيق الاتفاق الذي رعته ، كما أنه على «تل أبيب» ألا تنتظر مزيدا من الايجابية اللبنانية ،طالما هي لا تقوم بأي خطوة الى الأمام، بل تواصل تصعيدها».
واعتبرت المصادر أنه «في وقت تتجادل القوى السياسية اللبنانية، حول الجدوى من مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة، فإن «إسرائيل» لا تبدو مرحبة بأي من الاثنين، وهمّها الأوحد التوسع لتطبيق مشروعها الكبير في المنطقة».
وشددت المصادر على «أهمية أن يبقى الموقف الرسمي اللبناني موحدا، لأن أي تشتت في الموقف، سيُترجم ضعفا لدى العدو».
التطورات الميدانية
ميدانيا، واصل العدو اغتيالاته، فنفذ مساء السبت- الأحد غارة على كفررمان- قضاء النبطية، أدت إلى سقوط أربعة شهداء، وإصابة ثلاثة مواطنين بجروح، بحسب مركز عمليات طوارئ الصحة التابع لوزارة الصحة العامة.
من جانبه، أعلن جيش الاحتلال عن مقتل 4 عناصر من حزب الله. وقال المتحدث باسمه أفيخاي أدرعي عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «إكس»: «جيش الدفاع هاجم وقضى على 4 عناصر إرهابية من قوة الرضوان في حزب الله، ومن بينهم مسؤول الدعم اللوجيستي للقوة في جنوب لبنان».
وخلال تشييع الشهداء يوم أمس، ألقى النائب في كتلة «الوفاء للمقاومة» علي فياض كلمة قال فيها:»بعد عام على وقف إطلاق النار، لقد بات المشهد واضحاً وضوح الشمس، ولا مجال معه للغموض. لقد بات ما يستهدف لبنان، لا يقتصر على موضوع السلاح فحسب، بل يتجاوزه إسرائيلياً وأميركياً، إلى أن يُفرض على لبنان إتفاقيات أمنية، ومناطق حدودية خالية من السكان، وتطبيع مفروض، وسيادة منقوصة، والإقرار للعدو بحق التدخل كلما قدَّر ان أمنه مهدد». واعتبر فياض أنه «وبالخلاصة، يعرض علينا الإستسلام أو الموت، ونحن لن نستسلم ولن نموت، بل سنقاوم ونحيى».
وأضاف:»إن العدو يعرض علينا معادلة الإستقرار مقابل الرضوخ، ونحن لن نرضخ. وإذا كان البعض يتساءل ماذا بوسع لبنان ان يفعل في مقابل التوحُّش الإسرائيلي والتجبُّر الأميركي، فإن موقف فخامة الرئيس جوزف عون في تكليف الجيش اللبناني بالتصدي للتوغل الإسرائيلي في المناطق المحررة، هو الخطوة النوعية الضرورية، في سياق بناء موقف لبناني وطني رسمي، يرقى إلى مستوى ما تستوجبه المرحلة في مواجهة العدوانية الإسرائيلية».
من جهته، تساءل رئيس تكتل «بعلبك الهرمل» النائب حسين الحاج حسن خلال احتفال تأبيني: «تتحدثون عن اتفاق جديد والاتفاق الماضي لم يُطبّق، أي منطق هو هذا المنطق؟ تتحدثون عن قوة لبنان، تريدون سلبنا قوة لبنان وليس قوة المقاومة، فيما العدو لم يلتزم، هل تعلمون ماذا تطلبون؟»
وشدد الحاج حسن على أن «أي إخلاء للبنان من أي قوة قبل تنفيذ اتفاق 27 تشرين الثاني 2024، أي منطق هذا؟ منطق سياسي؟ منطق وطني؟ منطق سيادي؟ لا! هذا منطق السير بمطالب العدو وسردية العدو تحت الضغط الأميركي وضغط القصف وضغط القتل، وترك لبنان بلا سقف ولا حول ولا قوة له».
كرة «المغتربين»
وبالتوازي مع التطورات الأمنية، ينتظر لبنان هذا الأسبوع أن تتضح معالم المسارات التي ستسلكها معركة انتخاب المغتربين، اذ يفترض أن تنتهي اللجنة الوزارية التي كلفتها الحكومة النظر بمشاريع القوانين الموجودة، المرتبطة بآلية انتخاب المغتربين من مهمتها خلال أيام، على أن تقدّم تقريرا مفصلا حول الخلاصات التي وصلت اليها.
وترجح مصادر مطلعة أن «تبلغ الحكومة بصعوبات تنفيذية ، تعترض عملية انتخاب المغتربين لـ6 نواب في الخارج»، لافتة لـ<الديار» الى أن «مجلس الوزراء سيعيد الكرة الى ملعب مجلس النواب، لاعتباره أن الصلاحية بنهاية المطاف باقرار وتعديل القوانين تعود اليه حصرا، ولا يمكن تحميل الحكومة في هذا المجال أكثر مما تحتمل».
وتشير المصادر إلى أنه «رغم كل ما حكي عن مخارج يتم العمل عليها، إلا أن الأمور لا تزال تصطدم بعرض الحائط، نتيجة تمسك كل فريق بمواقفه، لعلمه بأن أصوات المغتربين ستكون لصالح القوى التي تعارض حزب الله».
الدور المصري
في هذا الوقت، اختُتمت في القاهرة يوم أمس، أعمال الدورة العاشرة للجنة العليا اللبنانية – المصرية المشتركة، برئاسة رئيس مجلس الوزراء اللبناني نواف سلام، ورئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، وبحضور عددٍ من الوزراء وكبار المسؤولين من الجانبين.
وكشف مدبولي أن هناك توجيهات من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، «لتقديم كافة أشكال الدعم للبنان خلال الفترة المقبلة، ودعم كافة مشروعات إعادة الإعمار في الجنوب اللبناني»، وشدد على ان مصر «تدعو لانسحاب الجانب الإسرائيلي المتواجد بها في لبنان».
وأعلن مدبولي عن توقيع 15 مذكرة تفاهم بين البلدين، مؤكدا أن «هناك توجيهات من الرئيس بالحرص على دورية انعقاد اللجنة المشتركة بين البلدين» .
وتشير المصادر إلى أنه «من الواضح أن مصر تبحث عن دور لها في لبنان، بالتوازي مع الدور الذي لعبته وتلعبه في غزة، إلا أن ما تطرحه لا يبدو أنه يلقى تجاوبا وقبولا لدى الطرف «الإسرائيلي:، وبخاصة ما جاء بخطتها عن السماح لحزب الله بالابقاء على سلاحه، ضمن ما تصفه القاهرة بـ»الخمول الاستراتيجي»، أي دون استخدامه أو تطويره». وشبّهت المصادر في حديث لـ<الديار» ، الدور الذي تسعى اليه مصر «بالدور الذي تحاول لعبه باريس في لبنان منذ فترة، دون جدوى فعلية».