الاحداث- كتب نذير رضا في صحيفة الشرق الاوسط يقول:"جدّد إعلان «حزب الله» عن تمسكه «بنهج الولي القائد»، المرشد الإيراني علي خامنئي، المخاوف اللبنانية من انخراط الحزب في المعركة الدائرة بين إسرائيل وإيران، في حال طلبت طهران ذلك، وذلك على ضوء الضبابية التي تُحيط بهذه الفرضية على المستوى الرسمي اللبناني، وتشكيك المحللين العسكريين في قدرات الحزب العسكرية على الانخراط بحرب مشابهة.
وقال «حزب الله»، في بيان، إنّ تهديد إسرائيل بقتل المرشد الأعلى علي خامنئي، «حماقة وتهوّر، له عواقب وخيمة، وعلى الرغم من سخافته وانحطاط مستوى مَن يُهدّد، فإنّ مجرّد النطق به فيه إساءة إلى مئات الملايين من المؤمنين والمحبّين والمرتبطين بالإسلام وخط الأصالة والمقاومة والعزّة، وهو مستنكرٌ ومُدان بأبلغ عبارات الإدانة».
وتابع: «إننا اليوم أكثر إصراراً وتمسّكاً بنهج الولي القائد العظيم، الإمام خامنئي (دام ظله)، وأكثر التفافاً حول مواقفه العظيمة وتصدّيه مع الشعب الإيراني البطل والعزيز في مواجهة العدوان الإسرائيلي-الأميركي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية».
صور لخامنئي والخميني تتقدم صور قادة لبنانيين وفلسطينيين وإيرانيين قتلوا في المعارك مع إسرائيل في مبنى السفارة الإيرانية ببيروت (إ.ب.أ)
صور لخامنئي والخميني تتقدم صور قادة لبنانيين وفلسطينيين وإيرانيين قتلوا في المعارك مع إسرائيل في مبنى السفارة الإيرانية ببيروت (إ.ب.أ)
ورغم هدوء الجبهة اللبنانية على مدى الأسبوع الماضي، جدّد بيان الحزب المخاوف من انخراطه في الحرب. وقالت مصادر وزارية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش اللبناني يتولّى التنسيق والتواصل مع «حزب الله» أمنياً، بعدما جزمت الحكومة اللبنانية ورئاسة الجمهورية بأن على لبنان أن يكون محايداً في هذا الصراع.
تنسيق أمني متواصل
وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش اللبناني «لم يوقف التنسيق الأمني مطلقاً مع الحزب، ولم ينقطع التواصل معه». وفيما تبلغت الفصائل العسكرية الموجودة في لبنان من الجيش بحزم تحذيرات من أي محاولة للعب باستقرار الجنوب وأمنه، قالت المصادر إن الحزب «اتخذ قراراً ذاتياً بالحياد عن المعركة الدائرة، وأبدى حرصه على استقرار الساحة اللبنانية وعدم التدخل بالمعركة الحارية».
وقالت المصادر إن الحزب «بالوقت الحالي، لم يقم بأي ردة فعل» بعد 7 أيام على الحرب. وتُشدد المصادر على ضرورة «حماية لبنان وإبقائه بمنأى عن الصراع، وعدم تعريض استقراره لأي اهتزاز».
ورغم أن المعطيات السياسية لا تشير، حتى الآن، إلى أن الحزب عازم على الانخراط في المعركة، و«لم تظهر أي ملامح لهذا الاتجاه، حتى هذا الوقت»، لم تتبدّد «الضبابية التي تحيط بالمشهد»، حسبما تقول مصادر وزارية، قائلة لـ«الشرق الأوسط» إن «التواصل قائم، والدعوات لتحييد لبنان فاعلة، والتحذيرات من مغبة انخراط الحزب تتوالى، ونتمنى أن تثمر كل تلك الجهود بإبقاء لبنان بمنأى عن الحرب».
تأكيد المؤكد
وترتبط الضبابية بشكل أساسي بضبابية المشهد الإقليمي والدولي، أولاً، نظراً «لاختلاف الحسابات بين كل ضربة من أي من الطرفين وردات الفعل عليها»، وثانياً بتحولات الحزب الأخيرة الذي سلك المسلك السياسي، منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
ويتحدث معارضو الحزب عن أن أمينه العام نعيم قاسم «استطاع أن يضبط الجناح العسكري طوال 7 أشهر، ومضى بمسار سياسي واضح بتمتين العلاقة مع الدولة اللبنانية، لكن ذلك قد لا يكون صالحاً في أي تطور حاسم متصل بالحرب على إيران»، ويُشير هؤلاء إلى أن الجسم العسكري «يرتبط بـ(الحرس الثوري الإيراني)، ومن ثم فإن الجناح السياسي لن يُسأل إذ قررت إيران فتح جبهات رديفة».
ولا يرى هؤلاء جديداً في مضمون البيان الصادر عن الحزب لجهة إعلان الولاء لخامنئي، إذ يعدّون أنه «تأكيد للمؤكد»، كون الحزب «يعتنق ولاية الفقيه، ويوالي خامنئي بصفته مرجعاً دينياً وسياسياً»، أما السياقات العسكرية «فهي مرتبطة أكثر بـ(الحرس الثوري الإيراني) الذي يشخص مصلحته لناحية انخراط الجسم العسكري بالحزب بالحرب، من عدمه، بمعزل عن التحولات السياسية». ويذهب بعضهم أكثر إلى التقدير بأن «الجسم السياسي قد لا يكون على معرفة بأوامر عسكرية كي لا يعرقلها».
وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس خلال زيارته لقواته في جنوب لبنان في فبراير الماضي (أرشيفية - د.ب.أ)
وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس خلال زيارته لقواته في جنوب لبنان في فبراير الماضي (أرشيفية - د.ب.أ)
لا قدرة عسكرية
هذه الوقائع تدفع للسؤال عن قدرة الحزب على الانخراط في معركة مشابهة، بعد الحرب الأخيرة التي قضت على قسم كبير من القدرات العسكرية لـ«حزب الله»، وأبعدته عن جنوب الليطاني، وهو الميدان الرئيسي الذي «يمكن أن يؤلم إسرائيل»، كون المقذوفات الصغيرة، مثل «الغراد» و«الكاتيوشا»، التي كانت تُطلق من مسافات قريبة من الحدود «يمكن تحضيرها بسهولة أكبر من المقذوفات الكبيرة»، في حين المقذوفات الكبيرة التي تُطلق من مسافة بعيدة «يمكن لأنظمة الدفاع الجوي التعامل معها بطريقة أسهل».
ويقول رئيس مركز «الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والعسكرية» الدكتور هشام جابر، إنه «لا مصلحة إطلاقاً للحزب بالانخراط في المعركة»، بالنظر إلى أنه «إذا دخل فيما بما تبقّى لديه من صواريخ، فإنه لن يُغير شيئاً في المعادلة القائمة، فضلاً عن أن المعركة التي تخوضها إيران في هذا الوقت ليست بحاجة لعدد قليل من الصواريخ التي لا يزال يمتلكها الحزب، كونها لن تغير من المعادلة، في ظل قدرتها على إسقاط صواريخها الباليستية في تل أبيب وحيفا».
ويتحدث جابر، وهو عميد متقاعد من الجيش اللبناني، لـ«الشرق الأوسط»، عن أن إيران «حريصة على عدم انخراطه، منعاً لتلقيه ضربات تدمره بالكامل، وقد طلبت منه رسمياً عدم التدخل في هذه المعركة، كونها لا تحتاج إليه الآن، وتمتلك كمّاً كبيراً من الصواريخ الباليستية».
ويرى جابر أن تدخل الحزب في ظل المعركة القائمة «لن يُغير في سياق المعركة، ولن تترتب عليه نتيجة دراماتيكية، وفي المقابل سيتعرض للتدمير في وقت يعيد ترتيب نفسه بعد الحرب الأخيرة».
ورأى أن إيران «حريصة على بقاء الحزب، كونه وزناً سياسياً وعسكرياً، وفي حال دخوله سيكون ذلك خطأ جسيماً بعد خطئه في انخراطه بحرب إسناد غزة، وسيفقد وزنه السياسي في الداخل اللبناني».