الاحداث- كتبت كارولين عاكوم في صحيفة الشرق الاوسط تقول:"يصل أمين عام المجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، الأربعاء، إلى بيروت للقاء المسؤولين في زيارة تحمل علامات استفهام لناحية التوقيت والأهداف، لا سيما وأنها تأتي بعد تصريحات لمسؤولين إيرانيين عكست استمراراً في سياسة طهران تجاه لبنان، ولا سيما فيما يتعلّق بـ«حزب الله» وسلاحه.
لقاءاته لن تشمل وزير الخارجية
وفي حين صدرت اعتراضات لبنانية على «التدخل الإيراني» قبل وصول لاريجاني إلى بيروت، فإن الموفد الإيراني حُددت له مواعيد مع رؤساء الجمهورية جوزيف عون والبرلمان نبيه بري والحكومة نواف سلام، بينما لن يكون هناك لقاء بين لاريجاني ووزير الخارجية يوسف رجّي، حسب مصادر وزارة الخارجية.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لاريجاني لم يطلب موعداً للاجتماع مع الوزير رجّي، لكنه إذا طلب كان سيقابَل بالرفض بُعيد كل التصريحات غير المقبولة التي صدرت عن مسؤولين إيرانيين إثر اتخاذ الحكومة قرارها حول حصرية السلاح وسحب سلاح «حزب الله».
ثوابت الرئيس اللبناني
وعن عنوان هذه الزيارة التي تأتي بعد زيارة لاريجاني إلى العراق وما هو متوقع منها، تقول مصادر وزارية مقربة من رئاسة الجمهورية لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يمكن التنبؤ بنتائج هذه الزيارة وما ستحمله قبل أن تحصل، بل علينا الانتظار ليبنى على الشيء مقتضاه على ضوء ما سيحمله وما سيتحدث به الموفد الإيراني»، وتؤكد: «هناك ثوابت بالنسبة إلى الرئيس جوزيف عون لطالما أكد عليها ويكرّرها بشكل دائم، وإذا كان هناك حاجة إلى تكرارها أمام الزائر الإيراني سيقوم بذلك».
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً في شهر فبراير الماضي وفداً إيرانياً يضم رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف ووزير الخارجية عباس عراقجي والسفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون مستقبلاً في شهر فبراير الماضي وفداً إيرانياً يضم رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف ووزير الخارجية عباس عراقجي والسفير الإيراني لدى لبنان مجتبى أماني (الرئاسة اللبنانية)
وكان عون قد أكد أمام وفد إيراني التقاه في شهر فبراير (شباط) الماضي «أن لبنان تعب من حروب الآخرين على أرضه»، وتوجه لهم بالقول: «أوافقكم الرأي بعدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى».
زيارة بعد تدخلات إيرانية وردّ لبناني حاسم
وتأتي زيارة لاريجاني بعد تدخلات إيرانية في الشؤون اللبنانية تمثلت بإطلاق علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، تصريحات «مشبوهة ومرفوضة»، حسب ما وصفها وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي.
وكانت «وكالة تسنيم» الإيرانية قد نقلت قبل أيام عن ولايتي قوله: «إن خطوات الحكومة اللبنانية لنزع سلاح (حزب الله) ستفشل»، مشيراً إلى أن إيران «تعارض حتماً نزع سلاح (حزب الله)؛ لأنها لطالما دعمت شعب لبنان ومقاومته، ولا تزال تواصل هذا الدعم حتى الآن».
ولفت إلى أنها «ليست المرة الأولى التي تُطرح فيها مثل هذه الأفكار في لبنان، لكنها – كما فشلت سابقاً – ستفشل هذه المرة أيضاً»، وأن المقاومة ستصمد في مواجهة ما وصفها بـ«المؤامرات».
وهو ما ردّ عليه رجّي بالقول: «بعض المسؤولين الإيرانيين يتمادون في إطلاق تعليقات مشبوهة على قرارات داخلية لبنانية... لن نقبل بهذه الممارسات الإيرانية المرفوضة تحت أي ظرف»، مؤكداً «أنه لا حق لأي طرف أن يتحدث باسم الشعب اللبناني أو أن يدعي حق الوصاية على قراراته السيادية».
وبانتظار ما سيحمله لاريجاني، تلقى زيارته رفضاً من قِبل قوى لبنانية معارضة، حيث ارتفعت بعض الأصوات المطالبة بعدم استقباله.
رفض التدخلات الإيرانية
في هذا الإطار، دعا عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبد الله في حديث إذاعي، بعض الموفدين إلى أن «يريحوا لبنان قليلاً»، قائلاً: «تكفينا حروب الآخرين على أرضنا، وهذا البلد يحتاج إلى الراحة».
وأمل من الموفدين الآخرين، «حمل ضمانات تحمي لبنان، والضغط كما يجب على إسرائيل لتكفّ عن عدوانيّتها واغتيالاتها اليومية، وعن استباحة الأجواء والأرض اللبنانية، ولتنفّذ الانسحاب من الأراضي اللبنانية وتعيد الأسرى»، في إشارة إلى الزيارة المرتقبة للمبعوث الأميركي توم براك إلى بيروت الأسبوع المقبل.
كذلك، كتب عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب أكرم شهيّب، على حسابه عبر منصة إكس»: «إن زيارات المسؤولين الإيرانيين مؤخراً وقرارات التدخل مجدداً في لبنان، بعد كل الذي جرى، قرارات سطحيّة وغير واقعية وأحلام واهمة»، وختم: قائلاً: «يللي استحوا ماتوا».
وكان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع قال في بيان، الاثنين: «على الحكومة أن تفكّر جدياً بدعوة مجلس جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي إلى عقد جلسات طارئة لطرح مسألة التهديد الإيراني للبنان، وكذلك التقدّم بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي مفادها أن إيران تهدّد لبنان وتتوعّده، وصولاً إلى التهديد بالتدخّل العسكري المباشر».
من جانبه، شدد رئيس «حزب الكتائب» النائب سامي الجميّل، الاثنين، على أنّ «(حزب الكتائب) يرفض رفضاً قاطعاً كل التصريحات الإيرانية، سواء صدرت عن مستشار خامنئي، أو وزير الخارجية، أو نائبه، أو مسؤولي (الحرس الثوري) الإيراني؛ لما تمثله من انتهاك لسيادة لبنان وتعدٍّ على قرار الدولة اللبنانية».
ثلاثية «حزب الله»
في موازاة ذلك، استمرت المواقف العالية السقف التي يطلقها المسؤولون في «حزب الله» لناحية رفضهم تسليم السلاح وتطبيق قرار الحكومة الذي اتخذته الأسبوع الماضي.
وهذا ما عبّر عنه، الثلاثاء، عضو كتلة «حزب الله» النائب إيهاب حمادة بالقول: «إننا مقتدرون وثابتون على عهدنا، ولا يأخذن أحداً منكم أي خوف على المقاومة ومستقبلها، إنهم وإن حاولوا أن ينزعوا الشرعية عن سلاح الوجود، سلاح حفظ لبنان، الذي أمَّن لهم أن يكونوا على كراسيهم فهم مشتبهون، فالمقاومة هي التي تضفي الشرعية على الآخرين ولا تحتاج إلى شرعية من أحد».
وأضاف: «نحن والجيش اللبناني ثنائي في المعادلة الذهبية، وستبقى ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة فاعلة ومؤثرة، ولن نكون إلا في المسار الذي نؤمن به ونحمي فيه لبنان، حدوداً وأرضاً وحجراً وثروات».