Search Icon

الانتخابات النيابية تتحول إلى خنادق لإلغاء الآخر سياسياً
توجّس فرنسي من قرار «إسرائيلي» بإبقاء لبنان يتخبّط بأزماته
صندوق النقد يشدّد شروطه على الحكومة ولا ضوء أخضر أميركي

منذ 9 ساعات

من الصحف

الانتخابات النيابية تتحول إلى خنادق لإلغاء الآخر سياسياً
توجّس فرنسي من قرار «إسرائيلي» بإبقاء لبنان يتخبّط بأزماته
صندوق النقد يشدّد شروطه على الحكومة ولا ضوء أخضر أميركي

الاحداث- كتبت صحيفة "الديار": بدأت وتيرة الانشغال بالانتخابات النيابية المقرّرة في الربيع المقبل تتصاعد يوماً بعد يوم وتأخذ طابعاً حادّاً، بعدما ظهر أنّ المسألة باتت تربط بين الصراع السياسي والصراع الانتخابي، الذي كان يأخذ شكل المنافسة الانتخابية العادية. أمّا الآن فالشعار هو "من يُلغي الآخر" على الساحة السياسية، وليس فقط في ساحة النجمة، مع أنّ الرياح التي تهبّ على المنطقة تتجاوز بكثير اللعبة الداخلية التي لا تأثير لها قطعاً على مسار هذه الرياح.
وبينما لا يزال السجال يدور مكانه بالنسبة لتمثيل المغتربين اللبنانيين، بوجود تباين حاد في وجهات النظر، علمت "الديار" أنّ الذين يراهنون على المال الخليجي، وتحديداً المال السعودي، في تمويل "الحملات المجنونة"، سيواجهون صدمة حقيقية مع ورود معلومات موثوقة بأنّ الرياض ستقف على مسافة واحدة من كلّ الأطراف، باعتبار أنّ الأوضاع الحالية والمرتقبة في المنطقة لا تتحمّل أيّ انفجار سياسي أو طائفي على الساحة اللبنانية.
في غضون ذلك، تُعقد الاجتماعات السنوية للبنان مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن، حيث قال خبير سابق في صندوق النقد الدولي لـ"الديار" إنّ تعامل الصندوق مع الحكومة اللبنانية يأخذ أبعاداً سياسية، وبخلفيات سياسية، لم يمارسها الصندوق إلّا مع البلدان التي تُعتبر "مارقة" في المعجم السياسي الأميركي. ملاحظاً أنّ ما يجري من جدل، سواء حول الإصلاحات المالية ومنها إعادة هيكلة المصارف اللبنانية ومعالجة الفجوة المالية، يعكس اتجاهاً واحداً، وهو إبقاء لبنان داخل الدوامة بانتظار أن تعطي واشنطن الضوء الأخضر لصندوق النقد. وهذا الأمر لم يحصل حتى اللحظة، ولن يحصل قبل أن يتأكّد الإسرائيليون من إزالة حزب الله من الخارطة السياسية اللبنانية.
بموازاة ذلك، سلّم لبنان اللوائح كاملة إلى الجانب السوري، مفصّلة بجميع الموقوفين والمحكومين في السجون اللبنانية، موزّعين وفقاً للتقسيمات التي وضعتها وزارة العدل والأجهزة الأمنية اللبنانية. وحول مسألة المتهمين السوريين بجرائم الإرهاب، يُجرى الحديث عن حلٍّ وسط يقضي بمحاكمتهم في لبنان على أن يقضوا فترة المحكومية في السجون السورية.
السجال حول اقتراع المغتربين وإلغاء المادة 112
بالعودة إلى الانتخابات النيابية، وبعد أن قدّم وزير الخارجية مشروع قانون معجّلا يطلب فيه إلغاء المادتين 112 و122 من قانون الانتخاب المتعلّقتين باقتراع المغتربين اللبنانيين واللتين تحصران تمثيلهما بستة مقاعد مخصّصة للاغتراب، أشارت "القوات اللبنانية" إلى أنّها اقترحت إلغاء المادة 112 سابقاً عن طريق جلسة تشريعية لمجلس النواب، إنّما ذلك لم يحصل، أو الذهاب إلى الحكومة لإلغاء هذه المادة، وبذلك يصبح المجلس النيابي مُلزماً بخيار تصويت المغتربين اللبنانيين لـ128 نائباً.
وفي هذا الصدد، أكّدت "القوات اللبنانية" أنّها ماضية في معركة تمكين المغتربين من المشاركة في انتخاب 128 نائباً.
ماكرون ودعم لبنان
في المقابل، إذا تمكّن الرئيس إيمانويل ماكرون من عقد المؤتمرين الخاصين بلبنان: الأوّل لدعم الجيش اللبناني بمهامه البالغة الحساسية والأهمية في ظلّ وضع مالي معقّد، ولا منفذ له حتى الآن، والثاني للنهوض بالبلاد وإعادة الإعمار فيها، فماذا يمكن أن تكون نتيجة هذين المؤتمرين إذا كانت المليارات العربية ستذهب لإعادة إعمار غزة لتغدو الأخيرة "ريفيرا الشرق الأوسط"، دون ذكر للبنان، وفقاً لما أكّد عليه الرئيس الأميركي أمام الكنيست؟
أمّا لبنان فلم يحصد من المؤتمرات السابقة سوى الملامات، بعدما لوحظ أنّ أوساطاً فرنسية مسؤولة تتوجّس بأنّ هناك قراراً إسرائيلياً، بامتدادات دولية، بإبقاء لبنان يتقلّب بأزماته السياسية والمالية دون حلّ قريب أو بعيد.
ترامب قدّم كلّ شيء لإسرائيل ولا شيء للبنان
في سياقٍ متّصل، لاحظت أوساط سياسية لبنانية بعيدة عن التأجيج السياسي والطائفي أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب قدّم في خطابه الثلاثاء الماضي أمام الكنيست، الذي رأت فيه صحيفة "يسرائيل هيوم" "الثلاثاء العظيم"، كلّ شيء لـ"إسرائيل"، ولا شيء للبنان. كما فتح ترامب لإسرائيل أبواب المنطقة، لا سيّما أبواب البلدان العربية الثرية، دون أن يفتح أمام لبنان سوى الباب الذي يمكن أن يؤدّي إلى حربٍ أهلية، إذا لم تُعالج الأمور بالحوار والتفاهم، إذ إنّ مسألة سلاح حزب الله ليست بالطارئة، كون هذا السلاح في نظر الحزب مسألة وجودية إذا ما أُخذت بالاعتبار نوعية وهوية الإعصار الذي يضرب المنطقة الآن.
خزائن العرب لمن؟
يُضاف إلى ذلك فتح الرئيس الأميركي خزائن الدول العربية أمام إعادة إعمار غزة، في حين أنّ كلّ هذه الخزائن ما زالت مقفلة أمام لبنان، حيث إنّ إعادة إعمار الجنوب باتت عاملاً أساسياً في إعادة بناء الدولة، إذ لا يمكن ترك مئات آلاف اللبنانيين خارج بلداتهم وأرضهم، حتى إنّ الإسرائيليين يمنعون نصب خيمة وسط أيّ بلدة من تلك البلدات الجنوبية التي تعرّضت للدمار الشامل.
مأزق السلاح وعدم تسهيل ترامب لمهمة الرئيس عون
أمّا النقطة الأكثر حساسية التي تشير إليها هذه الأوساط السياسية اللبنانية فهي أنّ ترامب، الذي أشاد بالرئيس جوزيف عون معتبراً "أنّ أشياء جيدة جداً تحصل في لبنان"، لم يقدّم أيّ ورقة أو أيّ تسهيل لعون لمساعدته على تفعيل الحوار مع قيادة حزب الله حول السلاح، كأن يدعو نتنياهو إلى الانسحاب من التلال الخمس التي لا معنى عسكرياً أو استراتيجياً لتواجد القوات الإسرائيلية فيها سوى الضغط على الدولة اللبنانية، أو وقف الاغتيالات التي تنفّذها "إسرائيل" في لبنان، وأيضاً الغارات الجوية الإسرائيلية التي تستهدف مناطق لبنانية.
ذلك أنّ تأليف اللجنة الدولية لمراقبة وقف إطلاق النار ("الميكانيزم")، التي لم تلتزم بها "إسرائيل" يوماً، كانت خطوة شكلية لمراقبة وقف النار من جهة واحدة، بعدما لم تُطلق من الجانب اللبناني رصاصة واحدة منذ إعلان الاتفاق على وقف الأعمال العدائية في 27 تشرين الثاني عام 2024.
وترى الأوساط أنّ ترامب وضع الرئيس عون أمام مأزق حقيقي، بعدما حصر مهمّته في مسألة "نزع سلاح" حزب الله، من دون أن يقدّم بالمقابل أي ضمانات تكبح السياسات العدوانية التي يواصلها الائتلاف الحاكم في "إسرائيل" ضد الحزب، إلى حدّ السعي لإلغاء وجوده وتهديد بيئته الحاضنة بوضعها على حدّ السكين.