Search Icon

البطريرك الراعي من فرنسا: العظمة الحقيقية في الخدمة والقيادة في الكنيسة ليست نفوذاً بل عطاء

منذ ساعتين

سياسة

البطريرك الراعي من فرنسا: العظمة الحقيقية في الخدمة والقيادة في الكنيسة ليست نفوذاً بل عطاء

الاحداث – ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم قداساً احتفالياً في رعية مار شربل في مدينة سورين الفرنسية،في حضور النائب سليم الصايغ   سفير لبنان في فرنسا ربيع الشاعر، رئيس جمعية المصارف سليم صفير، رئيسة المؤسسة المارونية للانتشار روز شويري، رئيس اارابطة المارونية مارون الحلو  وحشد من الفاعليات و أبناء الجالية اللبنانية.

وبعد تلاوة الإنجيل المقدّس، ألقى البطريرك الراعي عظة بعنوان: “من أراد أن يكون الأول فيكم، فليكن خادماً للجميع” (مرقس 10: 44)، قال فيها:"طلب يعقوب ويوحنا من يسوع قائلين: “إئذن لنا أن نجلس، واحد عن يمينك والآخر عن يسارك، في مجدك” (مرقس 10: 37). فربط يسوع هذا الطلب برغبتهما في المشاركة في سر آلامه وموته، الذي عبّر عنه بعبارتي “يشربان الكأس” و”ينالان المعمودية” (مرقس 10: 38). ولما أبديا استعدادهما لمشاركته في الآلام، وعدهما يسوع بالمشاركة في المجد، دون أن يضمن لهما الأماكن عن يمينه ويساره، لأنها معدّة لمن أُعدّت لهم (مرقس 10: 40).

وعندما سمع سائر التلاميذ بذلك، غضبوا على يعقوب ويوحنا، فانتهز يسوع الفرصة ليشرح لهم معنى دعوته على طريق الفصح، والمعنى الحقيقي لملكوته. فأوضح أن “الملوكية الزمنية” تُمارَس عبر التسلّط وطلب المجد، بينما “ملوكية المسيح” تُعاش في الخدمة والتواضع والبذل من أجل الجميع. وهكذا، “الأعظم” في ملكوته يكون “خادماً للجميع”، و”الأول” يكون “عبداً للجميع” (مرقس 10: 43-44)".

وتابع الراعي قائلاً: “يسعدني أن أحييكم جميعاً، لا سيّما السلطات الكنسية والمدنية، ونحن نحتفل معاً بهذه الليتورجيا الإلهية على نية أبناء وبنات هذه الرعية، وكذلك على نية الرهبنة اللبنانية المارونية والآباء الذين يخدمون هذه الجماعة. نصلّي من أجل رعية مار شربل – سورين، ومن أجل الرهبنة، لكي يفيض الله عليهم نعمه وبركاته. ونصلّي أيضاً لكي يكون دير مار شربل، الذي تم تدشينه بالأمس، مكاناً للصلاة، والرجاء، والتعزية الروحية، والرسالة”.

وأكد أن “القداس ليس طقساً فحسب، بل هو مشاركة في سرّ المسيح الذي بذل نفسه فداءً عن كثيرين. فالمسيحية ليست أماكن شرف ولا مناصب سلطة، بل هي صليب، ومحبّة، وبذل للذات”.

وأضاف: “واجه يسوع التلاميذ بحقيقة مؤلمة: أنتم تعلمون أن الذين يُعدّون رؤساء الأمم يسودونهم، وعظماؤهم يتسلّطون عليهم. بهذا وصف منطق العالم، حيث تتحوّل السلطة إلى تسلّط، والعظمة إلى سيطرة، والقوة إلى قهر الآخرين. لكن يسوع يقلب هذا المنطق ويقول: أما أنتم، فلا يكن الأمر كذلك في ما بينكم”.

وأوضح أن “القيادة في الكنيسة ليست مكان نفوذ، بل مكان عطاء. فالعظمة الحقيقية في الخدمة، والأولوية الحقيقية في التواضع، والسلطة الحقيقية في بذل الذات بالكامل من أجل الجميع”.

واستشهد بكلام المسيح: “لأن ابن الإنسان لم يأتِ ليُخدَم، بل ليَخدم، وليبذل نفسه فدية عن كثيرين”، مشدداً على أن هذا الإعلان الإنجيلي هو شريعة ليتورجية.

وقال: “في الإفخارستيا لا نعيش مجرد لحظة رمزية، بل ندخل في سرّ المسيح الخادم والباذل. على المذبح لا يتربّع المسيح كملك متسلّط، بل يتجلّى كخادم. وعندما نرفع الخبز والخمر، نقدّم ثمار تعبنا اليومي، وتتحول حياتنا إلى عطاء وخدمة. وبمشاركتنا في القربان نصبح نحن أيضاً جسداً مبذولاً من أجل الآخرين”.

وختم: “كلمات يسوع – لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدم – هي قلب الليتورجيا. فكل رتبة كنسية ليست امتيازاً، بل علامة خدمة. وكل مشاركة في القداس ليست حضوراً شكلياً، بل التزاماً متجدداً بعهد الخدمة. وعندما نسمع في نهاية القداس – اذهبوا بسلام – فهي ليست نهاية الاحتفال، بل بداية الرسالة: أن نخرج خدّاماً في العائلة، والمجتمع، والوطن، والمهجر”.

وخصّ البطريرك الراعي الصلاة لرعية مار شربل – سورين، وللرهبنة اللبنانية المارونية، ولفرنسا “التي توفّر مساحة الحرية والكرامة والعدالة”، وللبنان “كي يستعيد وجهه الأصيل: وجه الحرية والتنوّع الخلّاق”.

وبعد القداس، التقى الراعي أبناء الجالية اللبنانية.