الاحداث- كتب ابراهيم حيدر في صحيفة النهار تقول:"من اليوم وحتى الجمعة المقبل يشهد لبنان أياماً من التوتر في سباق بين تسلّم الحكومة خطة الجيش، وبين إصرار "حزب الله" والثنائي الشيعي عموماً على إسقاط قرار حصر السلاح. وإذ يصعب تحديد ما ستنتجه المشاورات بين الجارية للتوصل إلى مخرج لجلسة الحكومة ربطاً بما ستتضمنه الخطة التي تحتاج إلى تحصين سياسي بقرار لبناني ينفذ ما هو مطلوب ولو في شكل تدريجي بعيداً عن الضغوط الخارجية، فإن المرحلة الفاصلة عن جلسة مجلس الوزراء تحمل الكثير من المخاطر وسط أجواء داخلية مشحونة.
قبل أيام من الجلسة بدأت تتكون صورة سوداء متشائمة تراوح بين احتمال الانزلاق نحو مواجهة داخلية سياسية وأمنية، وبين تعرّض لبنان لضغوط دولية إذا تراجعت الحكومة عن قرار حصرية السلاح مترافقة مع تصعيد إسرائيلي متواصل. ووسط مخاوف من خلق أجواء توتر داخلي بشحن سياسي وطائفي، تشير المعطيات إلى أن قيادة الجيش ملتزمة تقديم خطتها إلى مجلس الوزراء، وهي لن تخضع للتعديل، لكنها خطة مدروسة لا تؤدي إلى الاصطدام بل تنطلق من حسابات لبنانية حصراً لاستعادة سيادة الدولة.
وعلى الرغم من الضغوط الداخلية والخارجية، لا يبدو أن هناك نية للتراجع عن قرار حصر السلاح، إذ أن المعلومات تشير إلى أن مجلس الوزراء سيؤكد قراره الذي اتخذ في 15 آب، فيما سيناقش الموقف من أهداف الورقة الأميركية عبر التأكيد مجدداً على الخطوة مقابل خطوة. وتشير مصادر ديبلوماسية إلى أن نقاشاً حصل بين مرجعيات عدة حول القرار، نتج عنه أن أي تراجع تحت الضغوط يعني سقوط البيان الوزاري وخطاب القسم، وبالتالي سقوط الحكومة، إضافة إلى تعريض لبنان لضغوط دولية كبيرة. ولذا يجري البحث حول تأمين اجماع لبناني حول حصر السلاح انطلاقاً من مصلحة وطنية لبنانية، مع تأكيد الالتزام بوقف الأعمال العدائية وتنفيذ بنود اتفاق وقف النار.
وبينما يرفع "حزب الله" من ضغوطه على الحكومة متهماً اياها بالخضوع للإملاءات الأميركية والإسرائيلية، رغم تأكيد رئيسها أن ما أقر هو أهداف الورقة الأميركية التي أدخلت عليها تعديلات لبنانية، يطلب الثنائي الشيعي التراجع عن قرار حصر السلاح لعدم موافقة إسرائيل وسوريا على الورقة، وبذلك لا تعود ملزمة بمناقشة خطة الجيش. وغير ذلك يهدّد الحزب بتصعيد شامل، إذ تشير المعلومات إلى أن ضغوط الثنائي الشيعي قد تستخدم الشارع للتوتير وفق سيناريوات يجري الحديث عنها في الكواليس وتذكر بمناخات البلاد التي كانت سائدة قبل 7 أيار 2008، أيام حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وان كانت الأوضاع مختلفة اليوم في وجود رئيس للجمهورية وحكومة مكتملة. وإذا استمر الانسداد، قد يبدأ الضغط وفق سيناريو انسحاب الوزراء الشيعة، ثم اللجوء إلى الشارع والتظاهر واضرابات تنطلق بدعوات مدنية وعبر نقابات ثم تتوسع نحو البيئة الحاضنة.
يذهب "حزب الله" في ممانعته إلى ما يتجاوز رفضه للقرار الحكومي، فيعتبر أن هناك محاولة لإنهائه وجودياً، وصولاً إلى إضعافه في الانتخابات النيابية المقبلة. لكن الأسباب التي يقدمها ضعيفة أقله لبنانياً وفق مصدر سياسي متابع، إلا إذا كان الحزب يعتبر أن فائض قوته هي التي مكنته عبر السلاح للسيطرة على المقاعد الشيعية كلها في مجلس النواب. وهو بذلك يوجه معركته إلى الداخل، بينما يتعرض لهجمات يومية من إسرائيل التي يبدو أنها غير مهتمة بقرار حصر السلاح كونه ينزع ذرائع استمرار اعتداءاتها وحتى احتلالها وإقامة منطقة عازلة.
لا يبدو أن هناك عودة عن قرار الحكومة بالنسبة لرئيسها نواف سلام، لتجنيب لبنان ضغوطاً دولية، خصوصاً في ظل ارتفاع منسوب التوتر في الإقليم وانسداد التفاوض بين إيران وأميركا وتصاعد العدوانية الإسرائيلية في المنطقة. فإذا لم يتقدم لبنان بملفاته قد تنعكس أوضاع المنطقة عليه، بالحصار والحرب والفوضى والتفكيك؟