Search Icon

الخطر الوجودي سببه "الحزب" وإزالة الخطر بإزالة سلاح "الحزب"

منذ 8 ساعات

من الصحف

الخطر الوجودي سببه الحزب وإزالة الخطر بإزالة سلاح الحزب

الاحداث- كتب شارل جبور في صحيفة نداء الوطن يقول:"حاول "حزب الله" استغلال الأحداث السورية لتبرير احتفاظه بسلاحه، عبر القول إن كل من واجه إيران وأذرعها يريد الانتقام منها ومن هذه الأذرع، كما اعتبر أن سلاح "الحزب" أصبح ضرورة ليس لمواجهة إسرائيل فقط، بل بهدف مواجهة "الخطر الوجودي الذي يهدِّد الشيعة"، كما وصفه، وأن "الطوائف الأخرى باتت تعتبر أن السلاح ضمانة لها، سواء كان في يد "الحزب" أو في يدها".

لا بدّ من التأكيد بداية بأن "حزب الله" لم يواجه إسرائيل لأهداف لبنانية، إنما انطلاقًا من مشروعه الإيراني التوسعّي الذي لا علاقة للبنان به، وقد استخدم هذا العنوان تبريرًا لسلاحه غير الشرعي، هذا السلاح الذي كان يجب أن يسلَّم في العام 1991، لولا الانقلاب على اتفاق الطائف وتقاسم النفوذ السوري-الإيراني في لبنان.

وقد أكدّت حرب تموز 2006 أن "حزب الله" عاجز عن مواجهة إسرائيل، ولولا الظروف التي سمحت له في الانقلاب على القرار 1701، على غرار انقلابه على الطائف، لكان انتهى مشروعه المسلّح في العام 2006، كما أكدت "حرب الإسناد" التي أعلنها في 7 تشرين الأول 2023، على أثر "طوفان الأقصى"، على عجزه الكامل واضطراره مجددًا إلى توقيع اتفاق يتضمّن موافقته على تفكيك بنيته العسكرية.

والفارق بين حربيّ تموز 2006 وتشرين 2023 أن أحدًا من المجتمع الدولي لم يعد يأخذ بتوقيع "حزب الله"، ولا بتعهدات الدولة اللبنانية في تنفيذ دستورها وبسط سيطرتها على الأرض بقواها الذاتية، فواصلت إسرائيل حربها ضدّه متسلحة بتوقيع "الحزب" على اتفاق وقف إطلاق النار، وجمّد المجتمع الدولي أي دعم للبنان ربطًا باحتكار الدولة وحدها للسلاح، ولم يعد باستطاعته العودة إلى الوراء، وشُلّت حركته العسكرية وأصبحت المبادرة في يد إسرائيل كليًّا.

ولأن "حزب الله" أدرك بأن سلاحه لم يعد يحظى بأي بيئة لبنانية حاضنة، ولأنه شعر أن بيئته تتجِّه إلى الابتعاد عنه بعد انكشافه في الحرب، واغتيال أمينه العام التاريخي ومحاصرته جغرافيًّا بين سوريا وإسرائيل، واهتمام مرجعيته الإيرانية بأزماتها واستمرار التهجير والقتل، وبالتالي بعد أن بدأت هذه البيئة تسأل لماذا لا يسلِّم سلاحه، الذي يحرمها من إعادة الإعمار ومن عودتها إلى قراها، خصوصًا أنه تبيّن عدم فعاليته في الميدان، وجدّ أن الحلّ الوحيد أمامه لالتفاف بيئته حوله، يكمن في تخويفها بحرب وجودية ضدها، وأن تسليم سلاحه يعني القضاء عليها.

إن أكثر ما يخشاه "حزب الله" هو انفكاك بيئته عنه، ويظنّ أنه بتخويفها من ردود الفعل ضدها بسبب حروبه التي خاضها في الاتجاهات كلها، يجعلها تلتصق به وتتمسّك بسلاحه، علمًا أن أي مراجعة لدوره العسكري تفيد أن هذا الدور بالذات شكل تهديدًا وجوديًّا للبيئة الشيعية، فهو استجرّ الحروب الإسرائيلية ضدها، وهو من أعلن الحرب ضد إسرائيل في تموز 2006 وفي تشرين 2023 وليس العكس، وهو من قاتل في سوريا وقتل الشعب السوري وليس العكس، وهو من خوّن الدول العربية وتهجّم عليها وليس العكس، وهو من أنشأ خلايا أمنية في أكثر من دولة وليس العكس، وهو من حوّل المناطق التي يسيطر عليها إلى مراكز تدريب لتنظيمات من دول مختلفة، يحرِّضها على ضرب الاستقرار في دولها وليس العكس، وبالتالي الخطر الوجودي على الشيعة، إن وجد، هو بسبب "حزب الله".

وعلاوة على أن دور "حزب الله" شكل ويشكل تهديدًا وجوديًّا للشيعة في لبنان بسبب استجراره الحروب من كل حدب وصوب، فإن دوره المسلّح يشكل تهديدًا وجوديًّا للمسيحيين والسنة والدروز، والهاجس الوجودي لهذه الطوائف يعود إلى سياسات هذا "الحزب" بالذات، الذي يخيِّرهم بين الخضوع أو التهجير أو الإلغاء، ويخطف لبنان ويُلحقه بمحوره الإيراني خلافًا لإرادة الأكثرية الساحقة من اللبنانيين الذين يريدون دولة طبيعية وحياة آمنة ومستقرة ومزدهرة، ولكن هذه الحياة ممنوعة بسبب هذا "الحزب" الذي حوّل حياتهم إلى موت وجحيم وعدم استقرار دائم.

إن الخطر الوجودي الذي يهدِّد الشيعة هو نفسه الذي يهدِّد المسيحيين والسنة والدروز، وسببه "حزب الله" الذي يصادر قرار الدولة، وإذا كان الخطر الوجودي على الشيعة سببه استجرار "الحزب" للحروب والعداوات، فإن الخطر الوجودي على المسيحيين والسنة والدروز سببه "حزب الله" الذي يريد إخضاعهم لشروط مشروعه الإيراني.

لا خلاص من الخطر الوجودي على المسيحيين والسنة والشيعة والدروز إلا في الدولة التي تحتكر وحدها قرار الحرب والقوة المسلحة. الخطر الوجودي على جميع اللبنانيين قائم وموجود، وهذا كلام صحيح، ولكن سببه "حزب الله" وليس أي شيء آخر، وخريطة الطريق الوحيدة لإزالة هذا الخطر تكمن أولًا في تفكيك بنية "الحزب" العسكرية التي جرّت الويلات والكوارث على الشيعة وجميع اللبنانيين، وتكمن ثانيًا في قيام الدولة الفعلية في لبنان المصادر دورها من "الحزب"، ولا اطمئنان لأي طائفة في لبنان على حاضرها ومستقبلها سوى في الدولة اللبنانية، التي تطبِّق دستورها وتضبط حدودها وتُمسك بقرار الحرب وتحتكر وحدها السلاح