Search Icon

الدولة على باب الحزب: وزير الصحة يشرّع مركزًا حزبيًا باسم الرعاية العامة

منذ ساعتين

سياسة

الدولة على باب الحزب: وزير الصحة يشرّع مركزًا حزبيًا باسم الرعاية العامة

الاحداث-  كتبت ليلى خوري

في مشهدٍ يختصر التباس الدولة بالحزب، افتتح وزير الصحة العامة ركان نصر الدين مركزًا للرعاية الصحية الأولية قُدِّم على أنّه تابع لوزارة الصحة العامة، فيما هو في الواقع مركز أُنشئ داخل مكتب حزبي تابع لـ«التيار الوطني الحر» في مدينة البترون، بعدما حُوِّل المكتب بقرار سياسي إلى ما سُمّي «مركز بترونيات للرعاية الصحية».

هذه الخطوة لا يمكن قراءتها خارج سياقها السياسي، إذ جرى استقدام وزير الصحة لإضفاء صفة رسمية على مركز حزبي، بما يسمح لاحقًا بتسويقه كإنجاز للدولة، فيما هو في جوهره امتداد لمنظومة الخدمات الحزبية التي لطالما شكّلت إحدى أدوات النفوذ والاستثمار الانتخابي في لبنان.

الخطير في الأمر ليس إنشاء مركز صحي بحد ذاته، فحاجة الناس إلى الرعاية الصحية أمر لا نقاش فيه، بل في الآلية المعتمدة: تحويل مقرّ حزبي إلى مركز خدمات، ثم تغليفه بغطاء وزارة الصحة العامة، بما يشكّل سابقة خطيرة في تسييس العمل الصحي وتوظيف مؤسسات الدولة في خدمة مشروع سياسي محدّد.

فوزارة الصحة العامة ليست شركة مانحة لشهادات شرعية، ولا يجوز أن تتحوّل إلى مظلّة لتبييض الطابع الحزبي لمراكز يُراد لها أن تؤدي دورًا انتخابيًا مقنّعًا. الدعم الرسمي يجب أن يُمنح وفق معايير واضحة وشفافة، لمراكز مستقلة، لا لمقارّ حزبية جرى تغيير يافطتها فقط.

ولم يكن عابرًا أن يُستكمل هذا المشهد بكلمات سياسية خلال الافتتاح، كان أبرزها كلمة نجل المرشح السابق على لائحة التيار د. وليد حرب، والمرشح المحتمل على لائحة التيار في البترون د.جورج حرب  ما يؤكد أن المناسبة لم تكن صحية بحتة، بل منبرًا سياسيًا بامتياز، استُخدم فيه وجع الناس وحاجتهم للعلاج كوسيلة استعراض وتسجيل نقاط.

إن افتتاح وزير الصحة العامة مركزًا داخل بنية حزبية يطرح أسئلة جوهرية حول دور الدولة وحدود تدخلها، وحول ما إذا كانت الوزارات تُدار لمصلحة المواطنين جميعًا، أم تُسخَّر لخدمة أحزاب بعينها تحت عناوين إنسانية براقة.

في بلدٍ ينهار فيه القطاع الصحي وتُستنزف موارده، كان الأجدى بوزارة الصحة أن تحصّن استقلاليتها، لا أن تنخرط، عن قصد أو عن غير قصد، في عملية خلطٍ متعمّد بين الدولة والحزب. فالرعاية الصحية حق للمواطن، لا أداة سياسية، ومن واجب المسؤولين أن يصونوا هذا الحق من التوظيف والاستغلال، لا أن يشاركوا فيه.

Link Whatsapp