الاحداث - كتبت صحيفة "الأخبار": هل نحن أمام خديعة أميركية – إسرائيلية جديدة، في سياق الحملة المفتوحة ضد سلاح المقاومة؟
مردّ السؤال، إلى ما حصل أمس فجأة، ومن دون أي مقدّمات، عندما أعلن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو استعادة فلسطيني يحمل الهوية الإسرائيلية، ويُدعى صالح أبو حسين، وكان محتجزاً في لبنان لمدة عام تقريباً.
وقالت إذاعة جيش العدو، إنه «بعد مفاوضات جرت في الأشهر الأخيرة بمساعدة الصليب الأحمر، تمّ نقل المواطن عبر معبر رأس الناقورة من قبل السلطات اللبنانية إلى منسّق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد (احتياط) غال هيرش»، لافتة إلى أنه «بعد استجواب وفحص طبي أولي، نُقل أبو حسين لإجراء فحوصات شاملة في المستشفى، ثم سيلتقي بعائلته»، فيما نقلت «القناة 12» الإسرائيلية عن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قولها إن الظروف التي احتُجز فيها أبو حسين لا تزال قيد الدراسة، لافتةً إلى أنه لم يُطلَق سراح أي معتقل لبناني مقابل الإفراج عنه.
الحدث على ضيق الاهتمام به، أثار موجة من التساؤلات تتعلق أولاً بهوية الرجل، وكيف تمّ توقيفه، وهل لبنان أطلق سراحه من دون مقابل، أم أن ما حصل هو جزء من مسار تفاوضي وفق مبدأ الخطوة مقابل خطوة؟
بحسب مصادر أمنية فإن «الرجل دخل إلى لبنان في تموز عام 2024 من منطقة الناقورة، ليلقي الجيش اللبناني القبض عليه. وهو قال في التحقيق معه إنه غادر الأراضي المحتلة لأنه غير راغب في البقاء هناك، وقد دخل لبنان للبحث عن عمل. وأجرت استخبارات الجيش تحقيقاتها ليتبيّن لها أنه ليس من مجموعات المستعربين ولم يكن في حوزتها ما يدل على تورطه في مهمة أمنية محددة، فأبقته عندها قبل أن تقوم منذ حوالي شهرين بنقله إلى المديرية العامة للأمن العام، وهناك كرّر الرجل أنه لا يريد العودة إلى كيان الاحتلال وطلب من الأمن العام نقله إلى دولة ثالثة كلاجئ فيما قال الأمن العام إن لا دولة وافقت على الطلب.
ثم حصل فجأة أن اتصلت اللجنة الدولية في الصليب الأحمر، متقدّمة بـ«طلب من عائلته التي كانت تبحث عنه»، وليصار إلى مشاورة مدّعي عام التمييز جمال الحجار الذي أعطى إشارة بإطلاق سراحه، بحجة أن لا بنود قانونية تسمح بتوقيفه.
في لبنان، لم يصدر أي كلام رسمي على ما حصل، ولا حتى أي تفسير لما أُعلن عنه في تل أبيب، علماً أن ترك الرجل لا يحصل بلا قرار من «جهة عليا» في لبنان، علماً أن مصادر بارزة كشفت لـ«الأخبار» أن إطلاقه جزء من مسار سيتكشّف خلال الأيام المقبلة، ويرتبط بوعود قدّمها المبعوث الأميركي توم برّاك عن «خطوة ستقوم بها الحكومة الإسرائيلية تقابل قرار الحكومة بنزع سلاح المقاومة». وقالت المصادر إن برّاك لفت إلى إمكانية أن تطلق إسرائيل سراح بعض الأسرى اللبنانيين والانسحاب من نقاط احتلتها أخيراً.
عون يفتح الطرقات
على المستوى السياسي، يبدو أن الرئيسين جوزيف عون ونواف سلام، قد لمسا حجم الغضب الذي تسبّب به دفعهما الحكومة إلى اتخاذ قرارات تهدد الاستقرار في البلاد. ويُصر الرئيس عون على إظهار أن علاقته مع الثنائي حزب الله وحركة أمل لا تزال قائمة، خصوصاً بعد أزمة الثقة الكبيرة التي قامت على خلفية إعلان الحكومة التي أعلنت التزام المذكّرة الأميركية.
وتقول مصادر مطّلعة إن الرئيسين، بعثا، كلّ على طريقته برسائل تفيد بأنهما لم يقصدا بالقرار، أي محاولة لجرّ البلاد إلى فتنة داخلية، ولا يريدان الإيقاع بين الجيش وأي قسم من اللبنانيين. وقد سمع عون وسلام كلاماً واضحاً بأن الثنائي، يصرّ على أن الجلسة لم تكن ميثاقية، وأن القرار ساقط بالشكل والمضمون.
كما تلقّى عون إيضاحات بأن على الحكومة إيجاد المخرج لنفسها. وهو ما دفعه إلى إيفاد مستشاره أندريه رحال للمرة الثانية إلى عين التينة، للتشاور والتنسيق. كذلك التقى رحال مسؤولين في حزب الله، بقصد تصحيح الوضع، بينما بعث رئيس الحكومة برسائل تقول، إن قرار الحكومة «لا يلزم لبنان بخطوات تنفيذية قبل أن تعلن إسرائيل موافقتها الكاملة على الورقة الأميركية، وتباشر الانسحاب ووقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى».
في السياق، وقبل أيام على جلسة الحكومة المُقرّر عقدها في تاريخ 2 أيلول المقبل للبحث في خطة الجيش الخاصة بحصر السلاح بيد الدولة، علمت «الأخبار» أن «قيادة الجيش أبلغت أركان الدولة وحزب الله، أن الجيش لن يبادر إلى أي خطوة من شأنها المس بالاستقرار الداخلي ولن يسمح لأي جهة باستغلال التوتر القائم لإحداث صدام بين الجيش والمقاومة».