Search Icon

الرياض تنتظر واشنطن لإكمال خطواتها الإيجابيّة باتجاه لبنان
رسائل سياسيّة من «العيار الثقيل» أطلقتها عين التينة

منذ ساعة

من الصحف

الرياض تنتظر واشنطن لإكمال خطواتها الإيجابيّة باتجاه لبنان
رسائل سياسيّة من «العيار الثقيل» أطلقتها عين التينة

الاحداث-  كتبت صحيفة الديار تقول: مرة جديدة تقف بيروت في قلب عاصفة متشابكة الخيوط: تهديدات عسكرية «إسرائيلية» متصاعدة، مطالب مالية واقتصادية أميركية ضاغطة، ومبادرات سياسية مصرية وفرنسية تتقدم خطوة وتتراجع خطوتين، وكأن لبنان تحول إلى طاولة اختبار لإرادات إقليمية ودولية، تبحث عن تسوية لم تولد بعد، تختلط قبلها لغة الديبلوماسية بنبرة الإنذار، معيدة رسم خطوط الاشتباك والتهدئة.

فـ «إسرائيل» التي تواصل قرع طبول الحرب على الحدود الجنوبية، تصعد خطابها العسكري في محاولة واضحة لفرض وقائع ميدانية جديدة، املا في انتزاع تنازلات سياسية تحت ضغط الخوف، في وقت يواجه فيه لبنان، دولة ومؤسسات، معادلة شديدة الخطورة: كيف يمنع الانزلاق إلى مواجهة شاملة لا طاقة له عليها، دون أن يقدم هدايا سياسية على طبق من الاضطرار؟ وكيف يوازن بين ضرورات الردع وضرورات البقاء؟

تزامنا، تمضي واشنطن في شد الخناق المالي والاقتصادي، عبر ضغوط مباشرة على القطاع المصرفي وعلى حركة التحويلات والتمويل، في إطار ما تصفه المصادر الأميركية بـ<إعادة تنظيم البيئة المالية اللبنانية»، في لحظة حرجة يلمس اللبنانيون تأثيرها يومياً، من سعر الصرف إلى القطاع المصرفي، ومن «استنزاف» الاحتياطي إلى تفاقم الانكماش.

وسط هذا المشهد المتوتر، تتحرك القاهرة وباريس كل وفق مقاربتها. فالمبادرة المصرية تعود إلى الواجهة كمسار قابل للحياة، مستندة إلى شبكة اتصالات واسعة مع الأطراف اللبنانية والإسرائيلية على حد سواء، فيما تواصل باريس جهدها الديبلوماسي، رغم تراجع زخم مبادرتها الأصلية، ورغم ان كلا الطرفين يدركان أن أي مسار سياسي لن ينجح ما لم تجمد اللعبة العسكرية أولا، وما لم تفتح واشنطن نافذة تتيح تعاملا اكثر تساهلا ثانيا.

هكذا يدخل لبنان عنق الزجاجة، معلقا على حبال ثلاثة مسارات: تهديد عسكري، حصار اقتصادي، ومبادرات سياسية تفتش عن فسحة أمل في جدار مسدود. وبين هذا كله، يقبع اللبنانيون في انتظار القرار الكبير: هل تكتب المنطقة فصلا جديدا من الاشتباك؟ أم تذهب إلى تسوية تعيد ترتيب الأدوار قبل الانفجار؟

عين التينة

في هذا السياق المحموم والبالغ الحساسية والدقة، اطل رئيس مجلس النواب نبيه بري بموقف سياسي، حاول من خلاله رسم حدود الاشتباك، وتحديد اتجاه الرياح، في مرحلة تتقاطع فيها الضغوط الداخلية والخارجية، حيث المشهد المحلي يغلي، واضعا نفسه في قلب النقاش، ليس بوصفه طرفاً سياسيا تقليديا، بل كمرجعية يعتبر أن استهدافها بات جزءا من محاولة إعادة تشكيل المشهد الداخلي.

فكلامه امام مجلس نقابة المحررين، وفقا للمتابعين، لم يأت في إطار رد عابر، بحسب مصادر متابعة ، بل شكل محطة مفصلية تضيء على التوازنات التي يحاول البعض تعديلها، وعلى أدوار يريد البعض الآخر تحجيمها، مقدما قراءته لتقاطع الضغوط: محاولات التشكيك في دوره، دفع المجلس إلى زوايا ضيقة في ملف الانتخابات، تصعيد عسكري بلا غطاء وطني، ومناخ دولي يزداد صرامة، معتمدا نبرة تجمع بين التحدي والاحتواء، رافضا الانجرار إلى السجالات، متمسكا بالدستور والمؤسسات، رافعا شعار الوحدة الداخلية كشرط بقاء، لا كترف سياسي.

وختمت المصادر بان كلام عين التينة يؤشر إلى مرحلة مقبلة، ستتحدد ملامحها وفق قدرة القوى على التفاهم أو على الاشتباك، وفي كلتا الحالتين، يبدو «الاستاذ» عازما على تثبيت معادلة مفادها ، أنه لا يمكن تجاوز موقعه ولا تجاهل تحذيراته في أي مسار يرتبط بمستقبل البلاد، محاولا ضبط إيقاع الساحة اللبنانية وسط الضوضاء الهائلة، حيث «لا مخرج من الأزمة إلا بالوحدة».

تصعيد جعجع

وفي الداخل ايضا، برز أخيرا تصعيد رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع كعامل إضافي في إشعال حرارة المواقف السياسية، حيث تقول اوساط سياسية، ان جعجع الذي يقرأ التطورات بوصفها مرحلة إعادة رسم توازنات داخلية وإقليمية، رفع منسوب خطابه إلى حد غير مسبوق، محملا «الدولة» كما «الحزب» مسؤوليات تتجاوز الميدان، إلى طبيعة الخيارات الاستراتيجية للبلاد، مستندا إلى شعور متزايد لدى معراب بأن لبنان يتجه نحو لحظة مفصلية، تشبه في رأيها، «الامتحان الأكبر للدولة والسيادة»، ما يفرض على جعجع التحول إلى مواجهة مفتوحة، مع ما يعتبره «الخيارات التي تجر لبنان إلى عزلة عربية ودولية»، بوصفه «بي وأم» التسوية الرئاسية، وسبق له ان حذر منذ اشهر من مهلة السماح التي تنتهي نهاية السنة».

هذا الاندفاع التصعيدي، وفقا للاوساط، يضع الساحة المسيحية أيضا على خط التوتر، ويعيد تشكيل خريطة التموضع داخل المعارضة، حيث يتلاقى خطاب «القوات» مع قوى تعتبر أن البلاد أمام «مسار انحداري يجب قطعه فورا»، تحديدا عشية هجوم رئيس الجمهورية على زوار واشنطن من «السياديين»، الذي لاقاه فيه رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جبلاط، ما جعل من كلام جعجع جزءا من مشهد سياسي يغلي على أكثر من جبهة، مضيفا طبقة جديدة من التوتر، إلى لوحة لبنانية متخمة أصلا بالتعقيدات.

الانفتاح السعودي

وفيما يترقّب لبنان بقلق وتركيز بالغين الزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي إلى واشنطن، باعتبارها محطة مفصلية قد تعيد خلط الأوراق الإقليمية ، وتترك آثاراً مباشرة على الساحة اللبنانية، استمرت الاتصالات على اكثر من صعيد داخلي وخارجي، للوقوف على خلفيات مستجدات الموقف السعودي الذي استجد خلال الساعات الماضية، وموجة «التهليل» الذي رافقته.

مصادر ديبلوماسية عربية وصفت مقاربة الرياض، بالتحول العملي الناتج من اداء الأجهزة اللبنانية في ملف مكافحة المخدرات وعمليات التهريب نحو الخليج، بما فيها تفكيك شبكات مرتبطة بتهريب الكبتاغون، في اطار تفعيل التنسيق الأمني مع الرياض، ما أعاد وضع لبنان على خريطة الثقة الجزئية بعد سنوات من الفتور، متوقفة عند نقطتين اساسييتين: أولاً الرغبة في اختبار مدى التزام السلطة اللبنانية بتثبيت خطوات جدية على الأرض، وثانيا الاستعداد المشروط لإعادة فتح قنوات التواصل الاقتصادي، ولو ضمن حدود حذرة، والأهم أن المملكة تظهر استعدادا للتجاوب حين تبدي بيروت جدية في الملفات التي تؤثر مباشرا في أمن الخليج.

لكن الإيجابية السعودية، رغم أهميتها، تشير المصادر لا تعني عودة كاملة إلى ما قبل الأزمة، فالرياض تنتظر مسارا مستداما، لا خطوة ظرفية، مراقبة في الوقت نفسه الوضع السياسي والأمني، خصوصاً في ضوء التوتر الحدودي والضغوط الأميركية، كاشفة في هذا الاطار ان الخطوات السعودية التي يحكى عنها، ايا كان حجمها وحدودها، لن تبصر النور قبل زيارة ولي العهد الى واشنطن، وبيانه الموقف الاميركي الجدي من بيروت.

فرنسا

وقت ضائع ملأته زيارة مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا آن كلير لوجاندر، التي تحدثت بالعربية مع من زارت، حيث تشير المعلومات الى ان زيارتها، ركزت على مؤتمر دعم الجيش العالق عند تحفظ واشنطن، والذي سيسعى قائد الجيش العماد رودولف هيكل الى «كسره» خلال زيارته المرتقبة الى واشنطن.

اما في ما خص «إعادة الاعمار» فكانت لوجاندر جازمة بان وقتها وظروفها لم تحن بعد، مبدية اهتماما استثنائيا في ما خص مسار العلاقات اللبنانية ـ السورية، ونسبة تطورها والمدى الذي ستصل إليه، مشددة على أن العلاقة الفرنسية - اللبنانية متينة ومستمرة، والدعم الفرنسي مستمر بكل النواحي.

اليونيفيل

ووسط حرب البيانات بين «اليونيفيل» و «اسرائيل»، حول بناء جدار اسمنتي مقابل مارون الراس امتدادا الى سهل يارون مرورا بعيترون، وموقع الحدب وراء الخط الازرق، في محاولة لاعادة احياء مشروع قديم باشرت « تل ابيب» تنفيذه قبل اكثر من عشر سنوات، عبر بناء جدار اسمنتي يصل ارتفاعه في بعض النقاط الى 18 مترا، بهدف فصل المستوطنات عن البلدات اللبنانية القريبة من الحدود من رمايات القنص والصواريخ المضادة للدروع، بدأت قوات الطوارئ الدولية قبل ايام بتنفيذ خطة انتشار معتمدة سلسلة من التدابير، عبر تسيير دوريات على طول الخط الأزرق، إضافة إلى وضع نقاط مراقبة ليلية غير ثابتة بتوقيت غير معلن ومتبدل، بهدف استكمال عمليات المراقبة وتوثيق الخروق، تزامنا مع اعادة تثبيت نقاط اعتلام الخط الازرق التي تضررت او دمرت خلال الحرب الاخيرة.

اللائحة الرمادية

وفي تطور اقتصادي سلبي، يتوقع ان تجتمع مجموعة العمل المالي الدولية خلال الشهر الحالي، لبحث الواقع المالي اللبناني، وتصنيف لبنان الذي كانت أدرجته في العام الماضي على اللائحة الرمادية، بعد مراجعتها لمطالعة الدولة اللبنانية حول الاجراءات التي اتخذتها لتلافي أي تدبير سلبي.

البنك الدولي

تزامنا، وبعيد عودة وفد البنك الدولي من رحلته الاستكشافية اللبنانية، اكدت المعلومات ان إدارة «البنك» مستاءة الى حد كبير من مجريات الأمور في لبنان وتطورها، في ظل التجاذبات السياسية، مشيرة إلى أن قرارا اتخذ بالتريث في استكمال العمل على المشاريع المرتبطة بلبنان، في انتظار معالجة «تخبط السلطة» وسوء إدارتها للملفات.

بيروت 1

خطوات دولية، تأتي في لحظة يبحث فيها لبنان عن كيفية انجاح «مؤتمر بيروت 1»، بعد الدلالات الايجابية التي تبلغها المنظمون عن مشاركة سعودية، ولو رمزية، تكسر جدار القطيعة الاقتصادية الطويلة بين الرياض وبيروت، في محاولة لإعادة إدراج لبنان على الخريطة، رغم ان النجاح الحقيقي يبقى في مدى قدرة السلطة على تحويل الكلام إلى أفعال، والإشارات إلى مسار ثابت، والعلاقات العربية إلى مشروع إنقاذي حقيقي لا موسمي.