الاحداث- كتبت صحيفة "الجمهورية": ظهر الموفد الاميركي توماس برّاك في باريس أمس، باحثاً مع المسؤولين الفرنسيين في مهمته اللبنانية، بعدما كان زار الرياض اخيراً للغاية نفسها، على ان يزور بيروت الاثنين المقبل للمرّة الثانية، لتلقّي الردّ اللبناني على المقترحات الاميركية التي كان نقلها الى المسؤولين اللبنانيين ايام الحرب الاميركية ـ الاسرائيلية الأخيرة على ايران. وملاقاة لوصول براك، ارتفع أمس منسوب الضغوط الخارجية وفي بعض الاوساط الداخلية في موضوع نزع سلاح حزب الله، في الوقت الذي ينتظر انجاز الردّ على المقترحات الاميركية خلال عطلة نهاية الاسبوع على الارجح، خصوصاً ان اللجنة الرئاسية المشتركة المكلّفة اعداده اجتمعت بعد ظهر امس في القصر الجمهوري وانجزت معظم الردود على المقترحات على أن تنجز المسودة النهائية لهذه الردود بعد تبلّغ المعنيين الموقف النهائي لـ "الثنائي الشيعي"، الذي سجّل على جبهته لقاء قبل يومين بين رئيس مجلس النواب نبيه بري والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل، جاء في اطار استكمال المشاورات التي لم تصل إلى خواتيمها النهائية بعد.
على مسافة ايام من وصول براك إلى لبنان الاثنين المقبل يشتد الضغط على الدولة اللبنانية المتمثلة بالرؤساء الثلاثة الذين يتولون صوغ الردّ الرسمي، وعلى حزب الله خصوصاً، للتعهّد بتسليم سلاحه. وقد أكّدت معلومات لـ"الجمهورية" انّ حزب الله لم يسلّم بعد ردّه النهائي والرسمي في انتظار ما ستسفر عنه جولات التفاوض.
وقال مصدر مسؤول مضطلع على جانب من الاجتماعات لـ"الجمهورية"، إن التشاور قائم، وإن رأي حزب الله في الورقة أصبح واضحاً في أي اتجاه، لكن في النهاية هناك أجوبة نهائية يجب ان تعطيها الدولة على المقترح الأميركي، ويفترض أن تكون هذه الأجوبة موضع توافق. واشار، "أنّ الرئيس نبيه بري أعاد تصويب المشهد خصوصاً أنّ فريقاً معيناً يريد جواباً محدداً يعمل عليه من خلال ضخ أجواء ضاغطة تتقاطع بين الداخل والخارج".
وكشف المصدر أنّ الاجتماع الأخير للجنة صوغ الردّ في القصر الجمهوري وضعت خلاله أجوبة عن معظم بنود الورقة. أما الجواب الأساسي المتعلق بالسلاح وهو بيت القصيد بالتأكيد، لا يستطيعون الإجابة عنه وحدهم ويجب أن يكون حزب الله الطرف الأساسي في هذا الجواب. ولفت المصدر إلى أنّ هناك نقطة مهمّة جداً في السياق العام، إذ أنه حتى الرؤساء الثلاثة لا يستسيغون طبيعة الورقة التي تتبنّى الموقف الإسرائيلي بكامله وتُسقط عدم التزامه باتفاق وقف النار والقرار 1701. والأهم أنّ هذا الاتفاق التزم لبنان به بكل شروطه سواء بالانسحاب او بتسليم السلاح جنوب الليطاني وعدم الردّ على الخروقات والاغتيالات التي بلغت 190 شهيداً، واسرائيل تستكمل عدوانها وفق اتفاقية سرّية بينها وبين الأميركيين خارج نص الاتفاق. من هنا يعتبر الرئيسان عون وبري أن الورقة لا تشكّل ضماناً لتأمين التزام إسرائيل الكامل.
"الثنائي الشيعي"
وأكّدت مصادر "الثنائي الشيعي" لـ"الجمهورية"، أنّ هناك هواجس لدى قسم من اللبنانيين حتى في البيئة المسيحية، زادها ما يحصل على الحدود الشرقية وعودة ظهور شبكات "داعش"، التي تبين أنّ لديها حركة في لبنان، فكيف يمكن تجاوز هؤلاء الناس".
واكّدت المصادر "أنّ السعي لخلق بلبلة بين "الثنائي" لن تنجح. وانّ النقاش مستمر ولن ينتهي مع وصول برّاك الذي قدّم الورقة، وقال سأعود بعد بعد ثلاثة أسابيع، ما يعني أنّه يعلم تماماً بأنّ الورقة ستخضع للنقاش، وهو العارف بالخصوصية اللبنانية". وأشارت المصادر نفسها إلى "أنّ هذه الورقة "ما بتقطع" كما هي. كما أنّه لا يجوز التعاطي معها ضمن سياسة العصا والجزرة أو بمنطق التهديد ولا وفق ضغوط لاجبار حزب الله على إعطاء جواب بين السبت والأحد، فهذا الأمر لن يحصل. ولماذا استعجال الجواب بطبيعة الحال؟ الورقة تتضمن أسئلة ومطالب، ويُصار حالياً إلى توحيد الموقف حولها، ولن ينتهي النقاش على قاعدة take it or leave it، ونحن ننتظر وصول برّاك لاستكمال عملية الأخذ والردّ". وحذّرت المصادر من "فرض إيقاع يدفع في اتجاه تفجير الوضع الداخلي"، كاشفة عن "انّ النقاش يتركّز في مكان ما حول نقطة ماذا سيُعطى لبنان مقابل السلاح خصوصاً أنّ حزب الله وافق على خطاب القَسَم والبيان الوزاري وأبدى مرونة في مناقشة استراتيجية الأمن الوطني. فلماذا أخذ لبنان إلى الهاوية؟".
ورشة مفتوحة
وفيما يتمّ في لبنان "طبخ" صيغة الردّ على برّاك، في ورشة مفتوحة يتشارك فيها أركان الحكم، من أجل إنجازها في الموعد المحدّد، تتوقع مصادر سياسية عبر "الجمهورية" أن تشهد الفترة الحالية تصعيداً عسكرياً وسياسياً بهدف دفع لبنان و"حزب الله" إلى تقديم التنازلات في الصيغة المنتظرة. وفي هذا السياق، تقرأ المصادر تصعيد إسرائيل ضرباتها لأهداف في الجنوب كما على مشارف العاصمة، في خلدة، ورأت فيها نوعاً من التفاوض تحت النار. وفي الموازاة، تمارس واشنطن تصعيداً في ضغوطها السياسية، من خلال المواقف الصادرة أخيراً عن مسؤولين أميركيين، والتي تبدو حازمة في دفع لبنان إلى حسم ملف السلاح خارج سلطة الدولة والتزام الإصلاحات الاقتصادية تحت طائلة استمرار قطع المساعدات عن لبنان، بل زيادة العقوبات. وفي هذا السياق، جاء موقف توم برّاك الأخير، بدعم قوي من جانب الخارجية الأميركية.
ولذلك، تقول المصادر، يقف الجانب الرسمي اللبناني عند مفترق حاسم وحساس، بين رفض "حزب الله" التخلّي عن سلاحه في ظل الظروف القائمة، وبين انحياز واشنطن إلى وجهة النظر الإسرائيلية في هذا الملف. وفي أي حال، سيكون التعاطي الرسمي مع هذه المسألة شائكاً ولن يخلو من العواقب.
الامير يزيد في بيروت
في هذه الاثناء، وقبل ايام على وصول برّاك، استقبل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، بعد ظهر امس، الأمير يزيد بن فرحان مستشار وزير الخارجية السعودي والمكلّف الملف اللبناني في الخارجية السعودية، الذي كان التقى رئيس الحكومة مساء امس الاول على مأدبة عشاء، فيما تردّد انّ سفراء المجموعة الخماسية المهتمة بلبنان اجتمعوا في مقر السفارة الاميركية في عوكر، وقيل ان السفير السعودي وليد البخاري لم يحضر هذا الاجتماع لانشغاله بزيارة الامير يزيد التي تتمّ بعيداً من الأضواء الإعلامية.
.. وبرّاك في باريس
في هذه الغضون نقلت قناة "الحدث" السعودية عن مصدر ديبلوماسي فرنسي، انّ برّاك موجود في باريس، وسيلتقي مسؤولين في قصر الإليزيه لبحث الوضع في لبنان وسوريا. ولفت المصدر الى انّ باريس وواشنطن اتفقتا على تعزيز التعاون في الملفين اللبناني والسوري، وانّهما تؤكّدان التزامهما بسيادة لبنان واستقراره.
واوضح المصدر انّ برّاك ناقش مع وزير الخارجية الفرنسي بارو دور آلية وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل. ولفت الى انّ ملف قوات "اليونيفيل" العاملة في الجنوب اللبناني سيُبحث بين برّاك ومسؤولين في الرئاسة الفرنسية. واكّد انّ باريس وواشنطن تعملان معاً لتعزيز جهود مكافحة "داعش" في سوريا. وقال: "الجانبان يدعمان اتفاقاً بين سلطات الحكم الانتقالي في سوريا و"قوات سوريا الديموقراطية"(قسد) للحفاظ على الاستقرار".
الخروقات الإاسرائيلية
في اطار الخروقات اليومية الاسرائيلية لوقف اطلاق النار شن الطيران الاسرائيلي سلسلة غارات عنيفة مساء امس على المنطقة الواقعة بين يحمر الشقيف ودير سريان واطراف بلدة زوطر الشرقية لجهة النهر. وكذلك استهدف منطقة العيشية ـ المحمودية والجرمق شمال شرق مدينة النبطية، وسمع صداها في ارجاء الجنوب، وسبق ذلك استهداف مسيّرة اسرائيلية عصراً سيارة على طريق عام خلدة فأوقعت شهيداً وثلاثة جرحى. وعلى الفور كتب المتحدث باسم الجيش افيخاي أدرعي عبر حسابه على تطبيق "اكس": "أغار جيش الدفاع قبل قليل في لبنان على مخرّب كان يعمل في مجال تهريب الأسلحة والدفع بمخططات إرهابية ضدّ مواطنين إسرائيليين وقوات جيش الدفاع نيابة عن فيلق القدس الإيراني".