الأحداث - أطلقت وزيرة التربية والتعليم العالي الدكتورة ريما كرامي، ووزير الصحة العامة الدكتور راكان ناصر الدين، وممثل مُنَظَّمَةِ الصِّحَّةِ العَالَمِيَّةِ فِي لُبْنَان الدُّكْتُورِ عَبْدِ النَّاصِرِ أَبُو بَكْر،المسح الصحي العالمي القائم على تلامذة المدارس في لبنان ، وذلك في احتفال أقيم في قاعة المسرح في وزارة التربية ، في حضور المدير العام للتربية الأستاذ فادي يرق، مدير التعليم الثانوي خالد فايد ، مدير التعليم الأساسي جورج داوود ، مديرة الإرشاد والتوجيه الدكتورة هيلدا الخوري ، أمينة سر الهيئة الأكاديمية في المركز التربوي للبحوث والإنماء رنا عبد الله ، منسق اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الأب يوسف نصر، نقيبة الممرضات والممرضين عبير علامة ، وعدد من رؤساء الوحدات في الوزارة والمركز التربوي للبحوث والإنماء وفرق العمل والمدارس المشاركة .
بعد النشيد الوطني كلمة من مدير الإحتفال المستشار الإعلامي ألبير شمعون أشار فيها إلى أن المسح الصحي العالمي أساس للانطلاق في خطط المعالجة والمتابعة.
يرق :
وتحدث المدير العام للتربية الأستاذ فادي يرق فقال :
يسرّني أن أشارككم اليوم إطلاق نتائج "المسح الصحي العالمي القائم على تلامذة المدارس والثانويات"، وهي محطة مفصلية في مسار تطوير البيئة التعليمية في لبنان، إذ تسلّط الضوء على الجوانب الصحية والنفسية التي تُعدّ جزءًا لا يتجزأ من العملية التربوية.
تعمل وزيرة التربية والتعليم العالي على مقاربة شاملة للتربية، وقد أولت المدرسة، بكل مكوّناتها، عناية خاصة كونها المساحة الآمنة للتلميذ محور السياسات والقرارات. هذه الرؤية جعلت من الصحة النفسية والجسدية أولوية أساسية ضمن المبادرات التربوية.
وقد جاء هذا المسح ثمرة تعاون وثيق بين وزارة التربية، وزارة الصحة العامة، ومنظمة الصحة العالمية. نثمّن هذا التنسيق البنّاء والدعم الفني الذي قدّمه الشركاء في مختلف مراحل العمل.
وقد تولّت فرق المديرية العامة للتربية متابعته، لا سيما جهاز الإرشاد والتوجيه، وحدة التربية الصحية والبيئية، مديريتا التعليم الابتدائي والثانوي، ومصلحة التعليم الخاص، فكانت النتيجة بيانات دقيقة تعكس واقع التلامذة في مجالات متعددة: من التغذية والنشاط البدني، إلى الصحة النفسية، وصولًا إلى السلوكيات المعرضة للمخاطر.
لكن ما يمنح هذا التقرير قيمته، هو أنه لا يكتفي بوصف الواقع، بل يوفّر قاعدة علمية يمكن البناء عليها للتحرك بفعالية وخاصة بعد الأزمات المتراكمة التي مرّ بها لبنان منذ المسح الأخير (2017). فهو أداة عملية تساهم في رسم السياسات، وتصميم برامج وتدخلات أكثر استجابة لاحتياجات الطلاب في ظل تحديات متزايدة.
أتوجّه بالشكر لكل من ساهم في هذا الإنجاز منذ بدايته خاصة الأستاذ عماد الأشقر وكل من الأستاذ جورج داود والدكتورة هيلدا خوري والأستاذ خالد فايد، ولكل من شارك في تنفيذه ميدانياً وفنياً.
معًا، نستطيع أن ننتقل من الرؤية إلى التنفيذ، ومن البيانات إلى الأثر، في سبيل بناء مدارس أكثر أمانًا، وتلامذة أكثر قدرة على التعلم والنمو.
وفي الختام، أؤكد أننا في وزارة التربية، وبتوجيه من معالي الوزيرة الدكتورة ريما كرامي، سنعمل على ترجمة نتائج هذا المسح إلى خطط تنفيذية واقعية، تُحدث فرقًا ملموسًا في بيئة المدرسة، وتُرسّخ نهجًا تربويًا يُنصف التلميذ، ويصون حقه في التعلم داخل بيئة صحية، عادلة، وراعية.
عرض النتائج :
ثم كان عرض على الشاشة الكبيرة لنتائج التقرير قدمه كل من المنسقة العامة لوحدة التربية الصحية والبيئية في الإرشاد والتوجيه السيدة صونيا نجم ، رئيسة دائرة الأم والطفل والمدارس في وزارة الصحة العامة السيدة باميلا زغيب ، ممثلة عن منظمة الصحة العالمية السيدة دانيال عيناتي . وتناول العرض كل محاور المسح الصحي وشمل السلوكيات والأدوية التدخين والنارجيلة والمخدرات والنظافة الشخصية وطب الأسنان والرياضة البدنية والتنمر والتعرض للاعتداءات وغير ذلك الكثير .
الدكتور أبو بكر :
ثم تحدث ممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان الدكتور عبد الناصر أبو بكر فقال :
إنه لشرف عظيم أن أنضم إليكم اليوم لإطلاق المسح العالمي لصحة الطلاب في المدارس لعام ٢٠٢٤ في لبنان، والذي طال انتظاره.
اسمحوا لي أولاً أن أعرب عن عميق امتناني لوزارة التربية والتعليم العالي ووزارة الصحة العامة على قيادتهما المتميزة وتعاونهما الوثيق. كما أود أن أشكر فرق المسح المتفانية، والمدارس، والمعلمين، وأولياء الأمور، والأهم من ذلك، الطلاب الذين ساهمت أصواتهم ومشاركتهم في جعل هذا المسح ممكناً.
يأتي هذا المسح في لحظة حرجة بالنسبة للبنان. فعلى مدى السنوات الماضية، عانى البلد من أزمات متداخلة عطّلت الحياة اليومية وخلقت ضغوطاً جديدة على الأسر والمجتمعات. وفي خضم هذه التحديات، تُرك مراهقونا ليواجهوا مواطن ضعف متزايدة. ومع ذلك، يمثل اليوم خطوة مهمة إلى الأمام - خطوة نحو استخدام الأدلة لبناء أجيال أكثر صحة ومرونة.
يوفر لنا المسح أكثر من مجرد بيانات. إنه يوفر لنا نافذة على حياة شباب لبنان ويقدم لنا بيانات تتحدث مباشرة عن واقعهم.
النتائج التي رأيناها للتو أكثر من مجرد أرقام على شريحة. وراء كل رقم تكمن قصة: قصة طالب يعاني من ضائقة نفسية، وقصة شاب يُجبر على الانخراط في سلوكيات ضارة، وقصة عائلة تحاول دعم أطفالها في مواجهة تحديات هائلة.
تُسلط نتائج المسح العالمي لصحة الطلاب في المدارس لعام 2024 الضوء على مخاوف مُلحة، منها تزايد السمنة، وتعاطي المخدرات، وتحديات الصحة النفسية، والعنف، والسلوكيات الرقمية غير الآمنة. تُذكرنا هذه الحقائق بأن الاستثمار في صحة المراهقين لم يعد خيارًا؛ بل أصبح أولوية مُلحة.
دورنا الآن واضح: تحويل هذه الرؤى إلى أفعال، واستخدام الأدلة لصياغة سياسات وبرامج تجعل المدارس ليست مجرد أماكن للتعلم، بل أيضًا مساحات للأمان والنمو والصحة. وهذا يدعونا جميعًا - الوزارات والبلديات والمجتمع المدني والشركاء الدوليين - إلى العمل معًا حتى تتاح لكل طالب في لبنان فرصة النمو بصحة جيدة، مدعومًا، ومتفائلًا. إن التعاون الوثيق بين وزارة التربية والتعليم العالي ووزارة الصحة العامة في هذا المسح هو نموذج لنوع الشراكة المطلوبة.
لقد أظهر شباب لبنان مرونة ملحوظة في خلال سنوات الأزمة. لكن المرونة وحدها لا تكفي. إنهم يستحقون التزامنا بتهيئة الظروف التي تُمكّن من تحويل المرونة إلى فرص، وحيث يمكن لكل شخص أن يزدهر.
لطالما أدركت منظمة الصحة العالمية في لبنان أن المدارس من أقوى البيئات في تشكيل صحة ومستقبل أجيالنا الشابة. منذ عام ٢٠٠٧، وبالتعاون مع وزارتي التربية والصحة العامة، دعمت منظمة الصحة العالمية البرنامج الوطني للصحة المدرسية من خلال توليد الأدلة، وتطوير المناهج، وتوجيه السياسات.
واليوم، نؤكد من جديد التزامنا بتعزيز الصحة المدرسية وصحة المراهقين في لبنان. وتقف منظمة الصحة العالمية على أهبة الاستعداد لمواصلة تقديم الدعم الفني لتحديث الاستراتيجيات الوطنية، وتعزيز إطار عمل المدارس المعززة للصحة، ودمج الصحة في شكل أقوى في المناهج الدراسية.
معًا، دعونا نستثمر في الصحة المدرسية وصحة المراهقين - لأن المراهقين الأصحاء يعني مستقبلًا قويًا للبنان.
الوزير ناصر الدين :
بعد ذلك تحدث وزير الصحة العامة الدكتور راكان ناصر الدين فقال :
أقف أمامكم اليوم وأنا أحمل شعوراً بالغ المسؤولية، بعد أن استمعنا إلى نتائج المسح العالمي لصحة طلاب المدارس 2024 في لبنان. صحيح أنّ النتائج تبيّن وجود تحديات جدّية على صعيد صحة المراهقين، لكنها في الوقت نفسه تزوّدنا بفرصة ثمينة: فهي تقدّم أدلة واضحة وموضوعية تمكّننا من التحرك بشكل مدروس، وتسمح لنا بتحويل القلق إلى عمل، والتحديات إلى برامج وحلول واقعية. هذه المعطيات العلمية تمنحنا الأساس المتين لبناء سياسات وخطط تعيد الثقة، وتعزز حماية طلابنا، وتؤكد أن الاستثمار في صحتهم هو الاستثمار الأهم في مستقبل لبنان.
إننا في وزارة الصحة العامة نعتبر أن التعامل مع هذه النتائج لم يعد خياراً بل أولوية وطنية عاجلة. لذلك، نؤكد التزامنا بالتحرك الفوري عبر، ونطلب من معالي وزيرة التربية دعوة اللجنة الوطنية للصحة المدرسية إلى عقد سلسلة اجتماعات منتظمة، من أجل مناقشة النتائج بتفاصيلها، وتوحيد الجهود لوضع خطة وطنية محدّثة وشاملة تُبنى على هذه التوصيات.
•توصي وزارة الصحة العامة بالاستناد إلى توصيات المسح ووضع خطة عمل وطنية متكاملة لصحة المراهقين، مقسّمة إلى أهداف قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، ومنسجمة مع إطار استراتيجية الصحة المدرسية
•وفي هذا السياق، بدأت وزارة الصحة العامة فعلياً بخطوات ملموسة، حيث نعمل على إطلاق الحملة الوطنية للتوعية حول صحة المراهقين، من خلال الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، لنشر رسائل واضحة حول أنماط الحياة الصحية، السلوكيات الوقائية، والدعم النفسي والاجتماعي.
إن صحة المراهقين هي حجر الأساس لمستقبل لبنان. شبابنا يتمتعون بقدرة عالية على التحمّل، لكن الصمود وحده لا يكفي. واجبنا أن نؤمن لهم الفرص ليعيشوا بصحة جيدة، وأن نوفّر لهم بيئة مدرسية ومجتمعية آمنة، داعمة ومحفّزة للنمو والابتكار.
فلنحوّل هذه النتائج إلى نقطة انطلاق للتغيير الإيجابي. معاً، بالتعاون بين وزارتي التربية والصحة، ومع منظمة الصحة العالمية والشركاء كافة، سنعمل من أجل حماية أبنائنا وبناتنا، لأن صحة المراهقين اليوم هي ضمانة استقرار وازدهار لبنان غداً.
الوزيرة كرامي :
ثم تحدثت الوزيرة كرامي فقالت :
يُشَرِّفُنِي أَنْ أُرَحِّبَ بِكُمْ فِي هَذَا اللِّقَاءِ الوَطَنِيِّ الهَامِّ لِإطْلَاقِ نَتَائِجِ المَسْحِ الصِّحِّيِّ العَالَمِيِّ القَائِمِ عَلَى تَلَامِذَةِ المَدَارِسِ فِي لُبْنَان.
أُودُّ أَنْ أَبْدَأَ بِتَوْجِيهِ تَحِيَّةِ شُكْرٍ وَتَقْدِيرٍ إِلَى مَعَالِي وَزِيرِ الصِّحَّةِ العَامَّةِ الدُّكْتُورِ رَاكَان نَاصِرِ الدِّين وَفَرِيقِ عَمَلِهِ، وَإِلَى مُمَثِّلِ مُنَظَّمَةِ الصِّحَّةِ العَالَمِيَّةِ الدُّكْتُورِ عَبْدِ النَّاصِرِ أَبُو بَكْر وَفَرِيقِهِ.
كَمَا أَشْكُرُ المَدِيرِيَّةَ العَامَّةَ لِلتَّرْبِيَةِ، وَجِهَازَ الإِرْشَادِ وَالتَّوْجِيهِ، وَالوَحَدَاتِ الإِدَارِيَّةَ فِي التَّعْلِيمِ الرَّسْمِيِّ وَالخَاصِّ، عَلَى العَمَلِ المُتَكَامِلِ الَّذِي أَوْصَلَنَا إِلَى هَذِهِ اللَّحْظَةِ. وَالشُّكْرُ مَوْصُولٌ إِلَى اللَّجْنَةِ العِلْمِيَّةِ الَّتِي وَاكَبَتْ هَذَا المَسْحَ، وَالخُبَرَاءِ الجَامِعِيِّينَ، وَمُدِيرِي وَمُعَلِّمِي المَدَارِسِ وَالثَّانَوِيَّاتِ المُشَارِكَةِ. ِنَّنَا لا نَعْرِضُ اليَوْمَ مُجَرَّدَ وَثِيقَةِ سِيَاسَاتٍ، (وقفة)
بَلْ نَقِفُ أَمَامَ خُطْوَةٍ جَرِيئَةٍ نَحْوَ التَّغْيِيرِ، تَسْتَنِدُ إِلَى َرُؤْيَةٍ عِلْمِيَّةٍ وَإِنْسَانِيَّةٍ، تَسْعَى إِلَى بِنَاءِ بِيئَةٍ تَعْلِيمِيَّةٍ أَكْثَرَ شُمُولًا وَوَعْيًا بِاحْتِيَاجَاتِ المُتَعَلِّمِينَ. إِنَّهَا بَدَايَةٌ لِمَسَارٍ مُتَكَامِلٍ نَحْوَ مُسْتَقْبَلٍ أَكْثَرَ صِحَّةً وَأَمَانًا وَأَمَلًا لِأَطْفَالِنَا وَشَبَابِنَا، حَيْثُ يُصْبِحُ التَّعْلِيمُ أَدَاةً لِلرَّفَاهِ، وَلَيْسَ مُجَرَّدَ وَسِيلَةٍ لِنَقْلِ المَعْرِفَةِ.
إِنَّها خُطْوَةٌ تَأْسِيسِيَّةٌ فِي مَسَارِ النُّهُوضِ الوَطَنِيِّ. خُطْوَةٌ تَنْطَلِقُ مِنْ بَيَانَاتٍ دَقِيقَةٍ، وَلَكِنَّهَا تَسْتَهْدِفُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ الإِنْسَانَ المُتَعَلِّمَ، لِتُؤَكِّدَ أَنَّ المُتَعَلِّمَ هُوَ مَحْوَرُ كُلِّ عَمَلِيَّةٍ تَرْبَوِيَّةٍ، وَأَنَّ بِنَاءَ بِيئَةٍ تَعْلِيمِيَّةٍ أَكْثَرَ شُمُولًا وَوَعْيًا بِاحْتِيَاجَاتِ المُتَعَلِّمِينَ هُوَ شَرْطٌ أَسَاسِيٌّ لِلإِصْلَاحِ الَّذِي التَزَمَتْ بهِ حُكُومَتُنَا لِتَحْقِيقِ أَيِّ نُهُوضٍ.
إِنَّ هَذَا المَسْحَ يُقَدِّمُ لَنَا نَافِذَةً صَادِقَةً عَلَى حَيَاةِ أَبْنَائِنَا وَبَنَاتِنَا: قَلَقٌ وَأَمَلٌ، مَخَاطِرُ وَإِمْكَانَاتٌ، تَحَدِّيَاتٌ وَصُمُودٌ.
لَقَدْ كَشَفَ عَنْ أَرْقَامٍ مُقْلِقَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالصِّحَّةِ الجَسَدِيَّةِ وَالسُّلُوكِيَّاتِ الخَطِرَةِ:
نِسَبٍ مُرْتَفِعَةٍ مِنَ السِّمْنَةِ، وَالعَادَاتِ الغِذَائِيَّةِ غَيْرِ الصِّحِّيَّةِ، وَقِلَّةِ النَّشَاطِ البَدَنِيِّ. كَمَا أَظْهَرَ مُؤَشِّرَاتٍ مُقْلِقَةً حَوْلَ الشُّعُورِ بِالوَحْدَةِ وَالقَلَقِ وَالتَّعَرُّضِ لِلتَّنَمُّرِ وَالعُنْفِ، إِلَى جَانِبِ تَجَارِبَ مُبَكِّرَةٍ فِي التَّدْخِينِ وَالكُحُولِ وَأَحْيَانًا المُخَدِّرَاتِ. لَكِنَّهُ أَظْهَرَ فِي الوَقْتِ ذَاتِهِ قُدْرَةَ طُلَّابِنَا عَلَى التَّكَيُّفِ وَالصُّمُودِ، وَحَاجَتَهُمُ المَاسَّةَ إِلَى أَنْ نَكُونَ إِلَى جَانِبِهِمْ.
فَقَدْ بَيَّنَتْ لَنَا النَّتَائِجُ شَفَافِيَّةً عَالِيَةً فِي التَّعْبِيرِ عَنْ حَاجَاتِهِمْ، كَمَا بَيَّنَتْ أَثَرَ الدَّعْمِ الأُسَرِيِّ وَالإِرْشَادِ المَدْرَسِيِّ وَالمُجْتَمَعِيِّ فِي تَعْزِيزِ صِحَّتِهِمُ النَّفْسِيَّةِ وَسُلُوكِهِمُ الإِيجَابِيَّ.
هَذِهِ النَّتَائِجُ بِسَلْبِيَّاتِهَا وَإِيجَابِيَّاتِهَا لَيْسَتْ مُجَرَّدَ أَرْقَامٍ، بَلْ هِيَ نِدَاءٌ صَرِيحٌ لِوَضْعِ رَفَاهِ المُتَعَلِّمِ وَصِحَّتِهِ الجَسَدِيَّةِ وَالنَّفْسِيَّةِ وَالاجْتِمَاعِيَّةِ فِي قَلْبِ التَّعْلِيمِ. وقد بدأنا بالفعل بدراسة هذا التقرير بتمعّن، وسنتخذه مرجعًا في رسم سياسات تربوية عملية، قابلة للتنفيذ، وتنعكس مباشرة في الممارسات اليومية داخل الصفوف، من خلال برامج الصحة المدرسية والدعم النفسي، وخطط الحماية والدمج.
إن رؤيتنا في وزارة التربية تقوم على أن التعليم ليس تلقينًا للمعرفة، بل منظومة متكاملة تحمي، وتدعم، وتمكّن. فالمدرسة ليست فقط مكانًا للتعلّم الأكاديمي، بل فضاءً للأمان، والرعاية، وبناء الطموح.
فالتعليم الذي نصبو إليه هو تعليم يعترف بكامل إنسانية المتعلم:عقله، جسده، ونفسه، ويؤمّن له بيئة دامجة، عادلة، وآمنة. ولذلك، فإننا ملتزمون بالتعاطي مع هذه النتائج عبر مقاربة شمولية، تجعل من الصحة، والدعم النفسي، والوقاية، والأنشطة الرياضية، عناصر متداخلة مع المناهج، لا إضافات خارجية.
هذا ما يعمل عليه المركز التربوي للبحوث والإنماء في تطوير المناهج وفي تحضيراته لمصفوفة “المدى والتتابع”، بحيث تصبح الصحة الجسدية والنفسية جزءًا من الكفايات الأساسية، ويكتسب التلامذة المهارات اللازمة لاتخاذ قرارات صحية ومسؤولة. لكننا في وزارة التربية ندرك أن هذه المهمة تتخطى حدود وزارة التربية وحدها.
إنها مسؤولية وطنية مشتركة، تحتاج إلى تعاون وثيق مع وزارة الصحة، والشؤون الاجتماعية، والداخلية، والعدل، والشباب والرياضة،ومع البلديات والمجتمع المدني، لأن بناء شبكة أمان صحية وتربوية يتطلب تكامل الأدوار، وتوزيع المسؤوليات، وتضافر الجهود.
وهنا تبرز أهمية الشراكات التربوية: مع الجامعات التي تنتج المعرفة وتدعم البحث العلمي،مع المنظمات الدولية التي ترافقنا بخبراتها، مع المدارس الرسمية والخاصة التي تشكل الميدان الحي لتفعيل هذه السياسات.
والأهم، مع المتعلمين أنفسهم،إذ نعتبر مشاركتهم الفاعلة في بلورة البرامج والسياسات شرطًا لإنجاح أي تدخل.
إن حملة دعم المدرسة الرسمية التي أطلقناها تعبّر عن هذا الإيمان العميق بأن المدرسة هي المؤسسة الوطنية الجامعة التي تلتقي فيها كل الشراكات، وكل أشكال الدعم، لتأمين بيئة متكاملة للمتعلمين،حيث يجد الطالب لا المعرفة وحدها، بل أيضًا الرعاية الصحية، والدعم النفسي، والأنشطة الإبداعية، وفرص النمو. أمامنا مسؤولية واضحة:
أن نترجم هذه النتائج إلى خطوات عملية.أن نعزّز برامج الصحة المدرسية والإرشاد الصحي بالتعاون الوثيق مع وزارة الصحة العامة ومنظمة الصحة العالمية وجميع الشركاء، وأن نوسّع خدمات الدعم النفسي،وأن نوفّر بيئة مدرسية دامجة وآمنة.
ولشبابنا، أقول:هذه الخطوات من أجلكم، ولكنها أيضًا معكم. أنتم لستم فقط مستقبل لبنان، أنتم حاضره.وسلامتكم هي أولويتنا،مشاركتكم هي قوتنا، ونجاحكم هو إنجازنا المشترك. فَلْنَسِرْ مَعًا، بِرُؤْيَةٍ مُوَحَّدَةٍ، نَضَعُ المُتَعَلِّمَ فِي صَلْبِهَا، وَنَبْنِي مؤسسات تعليمية، مدارس وثانويات وجامعات يَتَمَكَّنُ فِيهِا كُلُّ تِلْمِيذٍ مِنَ التَّعَلُّمِ، وَالنُّمُوِّ، وَتَحْقِيقِ التَّمَيُّزِ، فِي وَطَنٍ نَعْشَقُهُ وَعَلَيْنَا أَنْ نُعِيدَ إِلَيْهِ رَوْنَقَهُ وَمَكَانَتَهُ.
حلقة نقاش:
وفي الختام كانت حلقة نقاش تحدث فيها كل من مسؤولة الفريق التقني لمنظمة الصحة العالمية في لبنان الدكتورة أليسار راضي ، رئيسة دائرة الأم والطفل والمدارس في وزارة الصحة العامة السيدة باميلا زغيب ، ومديرة الإرشاد والتوجيه في وزارة التربية ولتعليم العالي الدكتورة هيلدا الخوري تمت في خلالها الإجابة عن اسئلة الحضور.