Search Icon

انتقال السيدة العذراء: حدث إيماني متجذّر في التاريخ المسيحي

منذ ساعتين

متفرقات

انتقال السيدة العذراء: حدث إيماني متجذّر في التاريخ المسيحي

الاحداث- يُعدّ عيد انتقال السيدة العذراء مريم بالنفس والجسد إلى السماء من أقدم الأعياد المريمية وأهمها في التقليد المسيحي، حيث تحتفل به الكنيسة الكاثوليكية وسائر الكنائس التي تتبع التقويم الغريغوري في 15 آب من كل عام، فيما تحتفل به الكنائس الأرثوذكسية في 28 آب وفق تقويمها.

جذور العقيدة وتاريخها

يعود الإيمان بانتقال العذراء إلى القرون الأولى للمسيحية، وقد حفظته الكنيسة في صلواتها وأيقوناتها قبل أن يكتسب صيغة رسمية. وتشير أقدم النصوص، المعروفة بـ “انتقال مريم – Transitus Mariae”، إلى هذا الحدث، وهي كتابات وُجدت بعدة لغات منها السريانية، واليونانية، واللاتينية، والقبطية، والعربية، والحبشية، ويعود تاريخها إلى القرنين الرابع والخامس الميلاديين، وجميعها تجمع على الإيمان بانتقال مريم إلى السماء.

الرواية التقليدية للانتقال

تروي كتابات الآباء الأوائل أنّه حين اقترب موعد انتقال العذراء، أرسل السيد المسيح إليها ملاكًا ليبشرها بالحدث، ففرحت كثيرًا وطلبت أن يجتمع حولها الرسل. وبأمر إلهي، انتقل الرسل من أماكن كرازتهم المختلفة إلى الجثمانية حيث كانت مريم، ما عدا توما الرسول الذي كان في الهند، إذ شاءت العناية الإلهية غيابه.

وبحضور المسيح مع حشد من الملائكة، أسلمت مريم روحها الطاهرة بين يديه، ورفعها الرسل إلى التابوت وسط تراتيلهم وتراتيل الملائكة غير المنظورين، ودفنوها في القبر حيث استمرت التسابيح ورائحة البخور ثلاثة أيام متواصلة.

في اليوم الثالث، حُمِل الجسد الطاهر إلى السماء بواسطة الملائكة، دون أن يشاهد الرسل ذلك، باستثناء توما الرسول، الذي رفعته سحابة لملاقاة الجسد في الهواء، فباركه قبل أن يرتفع إلى السماء. وعندما عاد توما إلى أورشليم بعد أشهر، طلب من الرسل رؤية الجسد، لكنهم وجدوا التابوت خاليًا إلا من الأكفان، فعرفوا أن ما رآه توما كان حقيقة.

ويذكر التقليد أنّ القبر الذي وُضعت فيه العذراء صار ينبوع عجائب، حتى أنّ بعض اليهود حاولوا إحراق الجسد الطاهر، لكنهم لم يجدوا سوى بخور عطِر يتصاعد، ما دفع كثيرين منهم إلى الإيمان.

الاعتراف الرسمي بالعقيدة

رغم تجذر الإيمان بالانتقال منذ القرون الأولى، لم يُعلن كعقيدة رسمية ملزمة إلا في 1 تشرين الثاني 1950، حين أصدر البابا بيوس الثاني عشر الدستور الرسولي Munificentissimus Deus، مؤكدًا أنّ “مريم الطاهرة، بعد إتمام مسيرة حياتها الأرضية، انتقلت بالنفس والجسد إلى المجد السماوي”.

الطقوس والاحتفال

يرتبط عيد الانتقال بصوم يدوم 14 يومًا في الكنائس الشرقية يُعرف بـ”صوم العذراء”، ينتهي بإقامة قداديس احتفالية وزياحات مريمية. وفي لبنان، يتحول العيد إلى مناسبة دينية وشعبية، حيث تقام الاحتفالات في القرى والمدن التي تحمل أسماء مريمية، وتُزيَّن الكنائس بالورود، وتُرفع الصلوات على نية السلام.

المعنى الروحي

 

 

يمثل انتقال العذراء عربون رجاء للمؤمنين بقيامة الأجساد والحياة الأبدية، ويجسد مكانتها الفريدة في قلب العقيدة المسيحية باعتبارها والدة الإله وأقرب البشر إلى المسيح. ويبقى هذا العيد محطة جامعة بين التاريخ والإيمان، تجمع المؤمنين حول قيم المحبة والسلام