Search Icon

جهود رئاسية لتثبيت حصرية السلاح وجدولته إنقاذاً لمجلس وزراء لبنان

منذ 14 ساعة

من الصحف

جهود رئاسية لتثبيت حصرية السلاح وجدولته إنقاذاً لمجلس وزراء لبنان

الاحداث- كتب محمد شقير في صحيفة الشرق الاوسط يقول:"تبقى آمال اللبنانيين معقودة على مشاورات اللحظة الأخيرة بين رؤساء الجمهورية العماد جوزيف عون، والمجلس النيابي نبيه بري، والحكومة نواف سلام، التي تأتي استباقاً لجلسة مجلس الوزراء الثلاثاء المقبل، لعلهم يتوافقون على صيغة لاستكمال تطبيق البيان الوزاري ببسط سلطة الدولة اللبنانية على كل أراضيها بأدواتها الذاتية، على أن تتبناها الحكومة مجتمعةً لاستيعاب الضغوط الدولية والعربية المطالبة بحصر السلاح بيد الدولة وسحبه من القوى المسلحة ومن ضمنها «حزب الله»، وتسليمه إلى الجيش اللبناني.

فالغموض، وإن كان يكتنف لقاء المصارحة بين الرئيس عون ورئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، فإن القوى السياسية من موقع الاختلاف تراهن على دور للرئيس بري قبل انعقاد الجلسة للتوصل إلى صيغة توافقية لحصرية السلاح، كونه يتعاطى بواقعية وانفتاح حيال بسط سلطة الدولة ولديه القدرة على إقناع حليفه «حزب الله» بأن يتموضع سياسياً تحت سقف الصيغة التي يجري العمل على إنضاجها لاحتواء الضغوط التي تستهدف لبنان وتدعوه لالتقاط الفرصة الأخيرة لإنقاذه، وقاعدتها جمع سلاح الحزب.

عناصر من «حزب الله» يقفون أمام راجمات صواريخ خلال مناورة عسكرية في مايو 2023 بجنوب لبنان (أ.ب)
عناصر من «حزب الله» يقفون أمام راجمات صواريخ خلال مناورة عسكرية في مايو 2023 بجنوب لبنان (أ.ب)
مراحل زمنية

ورغم أن المشاورات الرئاسية تتلازم والتواصل بين عون ورعد في ضوء المصارحة التي اتسم بها لقاؤهما الأول، وغلب عليه الطابع الإيجابي، فإنه لا شيء نهائياً حتى الساعة لأن النتائج تبقى بخواتيمها، فإن المشكلة التي تتصدر اجتماع مجلس الوزراء لا تكمن في بسط سلطة الدولة وإنما في تحديد المراحل الزمنية لطرحها، بدءاً من التوافق على موعد لانطلاقتها لتفكيك الضغوط الخارجية التي تنصبّ على لبنان.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية مواكبة للقاء عون - رعد، أن جدول أعمال الجلسة يبقى محصوراً في مناقشة الرد الرئاسي على الأفكار التي طرحها الوسيط الأميركي، توم برّاك، لمساعدة لبنان على وضع آلية تطبيقية لوقف النار، مع أنها تتوقع أن يصل جوابه على الرد في الساعات المقبلة قبل انعقادها.

وأكدت المصادر أن الهواجس التي طرحها رعد على عون لا تمتّ بصلةٍ إلى خطابه في عيد تأسيس الجيش، وتأييده بلا تحفّظ لثلاثية الأولويات التي أوردها، بدءاً بوقف فوري للأعمال العدائية، وإطلاق الأسرى وانسحاب إسرائيل وبسط سلطة الدولة، وسحب سلاح جميع القوى المسلحة ومن ضمنها «حزب الله»، وإن كان يفضّل عدم ذكر اسم الحزب باعتبار أنه وافق على البيان الوزاري ويشارك في الحكومة.

ولفتت إلى أن هواجس رعد محصورة في أنه لا يحبّذ تحديد جدول زمني لسحب سلاح الحزب، ما دامت إسرائيل ماضية في خروقها واعتداءاتها وترفض الالتزام بوقف النار وتمنع إعادة الإعمار، وبالتالي من غير الجائز التفريط مجاناً في ورقة سلاحه بغياب الضمانات التي تُلزم إسرائيل بوقف أعمالها العدائية والانسحاب من الجنوب تطبيقاً للقرار 1701.

اندفاعة بري

ورأت المصادر، نقلاً عن مسؤول بارز في «الثنائي الشيعي» فضّلت عدم ذكر اسمه، أن مجرد الحصول على ضمانات أميركية بإلزام إسرائيل بوقف اعتداءاتها وانسحابها من الجنوب، من شأنه أن يُسقط الذرائع التي يتذرّع بها الحزب لتبرير عدم موافقته على وضع جدول زمني لسحب سلاحه ينفّذ على مراحل، وذلك يتيح للرئيس بري التدخل لدى حليفه لتعبيد الطريق أمام الشروع بتطبيق حصرية السلاح، لأنه لن يجد ما يقوله وسيضطر حتماً إلى مراعاة المزاج الشيعي الذي ينشد الاستقرار ويتحضّر لعودة النازحين إلى قراهم، وإعمار ما تهدّم منها.

وقالت إن بري كان أكثر اندفاعاً للتوصل إلى اتفاق وقف النار الذي التزم به الحزب ولم تتقيّد به إسرائيل، وكان قد تمايز عن حليفه بعدم تأييده إسناده غزة، لكن لا بد من تدعيم موقفه بتوفير الضمانات للبنود الثلاثة التي ركز عليها عون في خطابه، وهذا ما شدد عليه بري في لقاءاته مع الوسيط الأميركي، الذي وصف اجتماعه الأخير به بأنه كان ممتازاً وإيجابياً، قبل أن ينقلب عليه بدعوته الحكومة لتطبيق حصرية السلاح بخلاف مطالبة بري بالضمانات لتطبيقه، وأكدت أن الحزب لن يبيع ورقة سلاحه بلا أي مقابل سياسي، ويمكن استخدامها لإلزام إسرائيل بالانسحاب لأنه بحاجة إلى تلميع صورته أمام جمهوره وحاضنته، وصولاً إلى ترتيب بيته الداخلي.

وأضافت المصادر أن الحزب بات على قناعة بأن الولايات المتحدة وإسرائيل لن توقفا استهدافه لإلغائه من المعادلة السياسية وتقليل نفوذه، سواء احتفظ بسلاحه أو تخلى عنه للدولة، وبالتالي فإن قيادته تفضّل الاحتفاظ به ما لم تتوافر الضمانات بانسحاب إسرائيل. وقالت إنه لا يمكن استباق المشاورات الجارية بين الرؤساء، ولا بد من التريث لحين التأكد مما ستؤول إليه، لما سيكون لها من انعكاس على المداولات داخل الجلسة التي يشارك فيها 3 وزراء شيعة من أصل خمسة، لوجود وزير المالية ياسين جابر خارج البلد في إجازة عائلية في إسبانيا، واضطرار وزير العمل، محمد حيدر، إلى السفر (الأحد) إلى بغداد للقاء كبار المسؤولين العراقيين، وعلى رأسهم رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، على أن يعود إلى بيروت الأربعاء المقبل.

مكابرة «حزب الله»

لذلك، يقف الحزب الآن أمام ضرورة اتخاذه قراراً شجاعاً يجرؤ فيه على التخلي عن سلاحه ويودعه في عهدة الدولة بعيداً عن المكابرة، ليكون في وسعها الاستقواء به، ليس لاستيعابها مسلسل الضغوط الخارجية المطالبة بحصريته فحسب، وإنما لاستقدام رافعة دولية بضمانات موثوقة للضغط على إسرائيل وإلزامها بالانسحاب، وبذلك يكون قد أنقذ الجلسة وأسهم في تنفيس الاحتقان المذهبي والطائفي وأخرجها من التأزم، الذي يراهن البعض على أنه سيحاصرها، وبالتالي يفتح الباب أمام تصويب علاقته بخصومه وحلفائه الحاليين والسابقين على السواء، ويعيد الثقة الدولية بلبنان، بخلاف تمسكه بذريعة أنْ لا خيار أمامه سوى الاحتفاظ به ما دامت الولايات المتحدة وإسرائيل على موقفهما بإضعافه واستهدافه، سواء احتفظ بسلاحه أو تخلى عنه.

فهل يفعلها الحزب ويخطو خطوة للتصالح مع المزاج الشيعي الذي هو الآن في حاجة إلى التقاط الأنفاس ليعيد ترتيب أوضاعه؟ أم أن لديه حسابات لن تبدل من الوضع الميداني باختلال ميزان القوى وعدم قدرته على الدخول في مواجهة مع إسرائيل، ولو من باب الدفاع عن النفس؟