Search Icon

سلام في احتفال الذكرى الـ80 لتأسيس "الميد ايست": سيرة مقاومة مدنية طويلة

منذ ساعتين

سياسة

سلام في احتفال الذكرى الـ80 لتأسيس الميد ايست: سيرة مقاومة مدنية طويلة

الأحداث -  إحتفلت شركة "طيران الشرق الأوسط"، "الميدل ايست" بالذكرى 80 لتأسيسها تحت عنوان "من هالارض لكل الأرض" بعد ظهر اليوم، في هنغارات الشركة في مطار رفيق الحريري الدولي _ بيروت في احتفال حاشد برعاية رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، وشخصيات رسمية ودبلوماسية وسياسية وعسكرية وأمنية وفاعليات.

الحوت

بداية، النشيد الوطني، فكلمة لرئيس مجلس ادارة "شركة طيران الشرق الأوسط" محمد الحوت قال فيها: "هذا المشهد يشهد على عرس، وطني كبير. هذا المشهد يجري تحت سقف هنغارات شركة "طيران الشرق الأوسط". هذا المشهد يشهد على التفاف القيادات الوطنية حول شركتهم الوطنية واحتضانها بأحسن الظروف وأصعبها. المشهد يشهد على استمرارية وصمود الشركة وعلى إستمرار تقدمها وإزدهارها. هذا المشهد يشهد على كل ما قمنا به خلال هذه الأحوال والأعوام، عندما أسس الشركة الرئيس صائب سلام وأطلق عليها اسم "طيران الشرق الأوسط"، سماها اسما يرمز الى طموح اللبنانيين للعب دور في المنطقة، ثم جاء الشيخ نجيب علم الدين وحقق هذا التصور بجعل بيروت مركزا للترانزيت وصلة الوصل بين الشرق والغرب".

 

وتحدث عن "العملية الإصلاحية التي كان لا بد منها في الشركة بين اعوام 1998 و2001"، مذكرا "بالدور الذي لعبته شخصيات كبيرة في دعم تلك العملية الإصلاحية ساهموا فيها ولم يكن النجاح لولاهم لا سيما رئيس مجلس الوزراء حينها رفيق الحريري، والرئيس نبيه بري الذي وضع شروطا بتطبيق القواعد على الجميع دون استهداف جماعة معينة، إضافة الى وضع حد أدنى لللتعويضات لتأمين نوع من الاستقرار الاجتماعي، وهذا ما حصل"، مشيرا الى ان "الرئيس نبيه بري هو من وافق واشرف على بيع الشركة وانتقالها الى مصرف لبنان" .

 

وذكر بدور "النائب السابق وليد جنبلاط الذي تعني له الشركة كثيرا، ولولاه لم نكن لنستطيع تنفيذ تلك العملية، وهو من الاشخاص الأوائل الذين أيدوا تلك العملية علنا، بغض النظر عن تأثيرها على الجمهور، لأنه وجد فيها مصلحة للشركة"، مشيرا الى "محبة جنبلاط للشركة وتقديمه النصائح لها وهو شخص نستمع الى آرائه ونأخذها بعين الاعتبار ولا سيما خلال الحرب الأخيرة على لبنان" .

 

وتحدث عن "الخطوات اللاحقة للشركة لا سيما خلال عام 2006 مع الاعتداء الإسرائيلي على المطار وإخراج الطائرات"، وقال: "لا بد من التنويه بدور الرئيس السابق فؤاد السنيورة والسفير الاميركي حينها جيفري فيلتمان فلولا إنقاذ تلك الطائرات لم تستطع الشركة استكمال أعمالها بسهولة بعد حرب تموز 2006".

 

كما تحدث عن "التحديات التي واجهت الشركة في عهد الرئيس حسان دياب لا سيما جائحة "كورونا"، لافتا الى انه "مع الرئيس نجيب ميقاتي يوجد تاريخ طويل يبدأ مع العملية الإصلاحية التي كان ميؤوسا منها، حتى انه كان يوجد تفكير ان العملية الإصلاحية لن تنجح وكان هناك تفكير بأن نؤسس لشركة جديدة، ولكننا مع الرئيسين ميقاتي والحريري حينها اكدنا ان شركة "طيران الشرق الأوسط" ستنجح وهذا ما حصل".

 

ولفت الى ان "الرئيس ميقاتي في حرب الإسناد خلال العشرة أسابيع، كان متابعا دائما، وكنا على اتصال يومي، وبالتالي إستمرت الشركة بفضل قرار الإدارة، وأيضا بفضل التطمينات التي كنا نحصل عليها بواسطته من مختلف دول العالم"، لافتا في هذا المجال الى "عمل فريق السفارة الأميركية ولا سيما السفيرة ليزا جونسون والسفير الفرنسي هنري ماغرو الذي كان دائما الى جانبنا في تلك المرحلة".

 

وعن المستقبل في شركة "طيران الشرق الأوسط" قال الحوت أنه "مع انتخاب الرئيس العماد جوزاف عون وتشكيل حكومة الرئيس نواف سلام فإن المستقبل مزدهر وزاهر، ولقد اعددنا خططا لذلك تبدأ بإعادة دور بيروت كمركز صيانة لطائرات الشركات الأجنبية وهذه الهنغارات كانت تستقطب أهم الشركات العالمية ولا سيما من اميركا، واذا كنا سنستعيد هذا الدور فهو بفضل كفاءة العنصر البشري الموجود في لبنان والشركة، وهو ما يتطلب إنشاءات جديدة، وقد تحدثت مع حاكم مصرف لبنان الاستاذ كريم سعيد الذي زار الشركة منذ عدة أسابيع واطلع على الأعمال التي نقوم بها وطلب منا البدء في هذا المشروع، قائلا: "اذا كان هناك حاجة للأموال فلا توزعوا أرباحا بل استثمروها في الشركة لأننا نعمل سويا لمصلحة الشركة" .

 

وأعلن عن إطلاق ""فلاي بيروت" لمن يفضّل السفر بتكلفة أقل، وهذه الطائرات تتضمّن السلامة نفسها كسلامة طائرات "الميدل ايست"، كاشفا عن أن "العام المقبل ستتسلم شركة "طيران الشرق الأوسط" 6 طائرات جديدة".

 

ولفت الى أن "مجلس الادارة اتخذ قرارا بتخصيص مساعدات لـ80 مدرسة رسمية في كل المناطق اللبنانية وقيمة المساعدة هي بمعدّل 10 آلاف دولار لكل مدرسة"، موجها "تحية شكر الى مصرف لبنان"، قائلًا: "كل ما تحقق لم يكن ممكنا من دون دعم مصرف لبنان لنا ووقوفه الى جانبنا". كذلك وجه الحوت تحية الى كل من "وزير الاشغال العامة السابق غازي العريضي وحاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة اللذين وقفا الى جانب الشركة".

 

رسامني

 

وكانت كلمة لوزير الاشغال العامة والنقل فايز رسامني رحب فيها بالحضور، وقال: "لا يُمكنَ لأحدِِ رأى بعينيهِ هبوطَ واقلاعِ طائرات الميدل ايست في ذروةِ الهجماتِ الجويةِ العدوانيةِ الأخيرةِ على بيروت، ومنظرَ وهيبة طائراتِها من خلال دخانِ ونارِ الانفجارات، الاّ أن يُدركَ قيمةَ شركة طيران الشرق الأوسط وطياريها وطواقِمها وأهميتهم على مستوى الوطن".

 

أضاف: "ومنذ أن بدأت قصةُ طيرانِ الشَّرقِ الأوسط عامَ 1954، حين أقلعت أول طائراتها من بيروت إلى نيقوسيا حاملة على متنها حلم وطن أراد أن يحلق، انطلقت مسيرة ثمانين عاما في سماءِ الصمود اللبناني، مسيرة صنعتها الإرادة والمتابعة، حتى أصبحت رمزا لوطن لا يعرِف إلا النهوض رغم كل الصعاب".

 

ووجه رسامني "تحية تقدير وشكر وامتنان إلى كل فرد من أفراد هذه الشركة الكبيرة: إلى رئيس مجلس الإدارة الأستاذ محمد الحوت، الذي قاد طيران الشرق الأوسط برؤية ثابتة وحكمة ومسؤولية، إلى طياريها صقور السماء الشجعان، إلى المضيفات والمضيفين، إلى المهندسين والفنيين وإلى كل العاملين على الأرض وفي الإدارة".

 

كما وجه تحية شكر وتقدير لجهاز أمن مطار بيروت وقائده العميد فادي كفوري ل"الدور الكبير الذي يقوم به، وللمديرية العامة للطيران المدني لكل ما تبذله في سبيل حسن سير العمل في المطار وسلامة وشؤون الطيران المدني".

 

وقال: "ويشرفني بشكل خاص أن أحيي دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام، الحاضر بيننا اليوم والحامل على أكتافه مسؤوليات كبرى واستثنائية في مرحلة دقيقة من تاريخ لبنان".

 

أضاف: "لقد دخلنا إلى القطاع العام بدافع الإصلاح وخدمة الناس، رأينا عن قرب ما تراكم من أزمات وإهمال عبر سنوات طويلة، لكننا اخترنا العمل بدل التبرير، والمواجهة بدل المراوغة. وفي مطار رفيق الحريري الدولي، الوعد واضح، والعمل جار بخطى واثقة".

 

وتابع: "أنشأنا الهيئة الناظمة للطيران المدني، وأعدنا تفعيل مركز سلامة الطيران بالتعاون مع الإيكاو (ICAO)، وعززنا الانضباط التشغيلي والأمني بقرارات حازمة.ولقد عملنا على تأهيل الطريق المؤدي إلى مطار بيروت،بتمويل ودعم من شركة طيران الشرق الأوسط (MEA)،وها نحن اليوم نلمس جميعا هذا المشهد الذي أعاد إلى الطريق نبض بيروت ونورها وإشراقها".

 

وأكد ان "مطار بيروت الجديد سيكون مطارا عصريا، أنيقا وفعالا في آن واحد، مطارا بطابع "بوتيكي"، يجمع بين الفخامة والراحة والتقنيات الذكية، ليقدم تجربة سفر راقية لا تنسى". وقال :" نستعد قريبا لافتتاح ال Fast Track لتسهيل حركة المسافرين وتسريع إجراءات العبور،وهذا المشروع، إلى جانب سائر أعمال التأهيل والتحديث، سيتيح للمطار استيعابا إضافيا يقدر بنحو مليوني مسافر سنويا. وبدأنا تأهيل منطقة المغادرة لتجسد صورة لبنان الحديثة،وتجديد قاعة كبار الزوار (VIP Lounge)،

 

وتحديث المرافق والخدمات، فيما ستتوزع في أرجاء المطار تحف فنية تضفي لمسة من الثقافة والجمال".

 

وقال: "نحن لا نرمم مطارا، بل نبني تجربة جديدة للسفر من لبنان وإليه. وخلال عام واحد، سنقدم للعالم أحد أكثر المطارات تميزا وأناقة. وبالتوازي، تعمل الوزارة على إعادة تفعيل مطار رينيه معوض - القليعات، كخطوة استراتيجية لربط شمال لبنان بالعالم وتحفيز التنمية".

 

وتوجه الوزير رسامني مجددا إلى الأستاذ محمد الحوت: "نتابع في الوزارة إنجازات MEA بإعجاب واعتزاز، ونراها شريكا أساسيا في رفع اسم لبنان عاليا. ولكن الطموح لا يتوقف في بيروت ولا مع ال MEA ".

 

وختم: "ولأن لبنان لا يكتمل إلا بأبنائه المنتشرين، فهم سنده في الأزمات، ووجهه المشرق في كل مكان.ندين لهم بالكثير، فحضورهم الاقتصادي والإنساني يشكل دعامة أساسية لهذا الوطن، ومن واجبنا أن نقابل وفاءهم بما يستحقون، فنؤمن لهم رحلات جوية بأسعار مدروسة ومنظمة، تتيح لهم زيارة أهلهم ووطنهم كلما اشتاقوا.

 

لذلك فان طيران منخفض الكلفة أصبح حاجة أساسية في لبنان على أمل ان نراه يحلق قريبا من بيروت والقليعات الى العالم. كل عام و MEA بخير، وكل عام ولبنان يحلق أعلى".

 

الرئيس سلام

 

وكانت كلمة لراعي الاحتفال الرئيس سلام قال فيها: "يسعدني أن أكون بينكم اليوم للاحتفال معاً بالذكرى الثمانين لتأسيس شركةٍ ليست مجرّد مؤسسة اقتصادية ناجحة، بل جزء من ذاكرة لبنان المعاصر، ووجه من وجوه هويته، وصورة حيّة عن قدرة ابنائه على التحليق عالياً، مهما اشتدت العواصف فيه او من حوله".

 

أضاف: "ثمانون عاما مرت على مغامرة ولدت في زمن كانت فيه المبادرة شجاعة، والريادة حلما، والانفتاح رؤية.

 

منذ ذلك اليوم، وطيران الشرق الأوسط تجسد مرآة للبنان نفسه: بلد صغير في الجغرافيا، كبير في طموح أهله.

 

ولدت الميدل إيست في لحظة تاريخية مليئة بالتحولات. كانت سنوات الأربعينيات زمن تحول عالمي، وكانت منطقتنا الخارجة من الحرب تبحث عن ذاتها. في ذلك الوقت، لم يكن الطيران مجرد وسيلة نقل، بل رمزا للتقدم ومجالا جديدا لا يدخله إلا من يملك الرؤية وشجاعة المبادرة".

 

وتابع سلام :"هذه هي بالضبط روح لبنان التي عبرت عنها الشركة منذ لحظتها الأولى: بلد لا ينتظر الظروف، بل يخلقها، بلد يريد أن يكون رائدا في محيطه وحاضرا في العالم، لا هامشا فيه.

 

حتى الاسم الذي حملته، "طيران الشرق الأوسط "، كان إعلانا عن طموح أكبر من حدود الوطن. لم تحمل الشركة اسم بيروت أو لبنان، بل اختارت أن تمثل الشرق الأوسط بأسره".

 

وقال :" بالنسبة إلي، كانت "الميدل ايست" جزءا لا يتجزأ من ذاكرة العائلة، ومن تفاصيل الطفولة التي تختلط فيها صورة تلال الرمل التي كانت تحيط بالمطار بأضواء بيروت وبدايات الحلم اللبناني الحديث. كبرت وأنا أسمع اسمها في البيت، وأرى الوجوه التي ارتبطت بها من خارج العائلة، مثل نجيب علم الدين واسعد نصر.

 

ففي طفولتي، كنت أمر قرب المطار وأرى الطائرات التي تحمل شارة الأرز، وأشعر بشيء من الفخر الغامض. لم أكن أدرك السبب، لكنني كنت أفهم، بطريقة الأطفال، أن تلك الطائرات ليست مجرد آلات، بل جزء من الحكاية التي كبرنا عليها — حكاية بلد عربي صغير يحلم بأن تكون له أجنحة".

 

وأردف :"كان عمي صائب، صاحب المبادرة وأول رئيس لمجلس إدارة الشركة، في سنوات كان فيها تأسيس شركة طيران في لبنان مغامرة تشبه تأسيس البلد نفسه:

 

رؤية تتجاوز الممكن، وإيمان بأن لبنان قادر على أن يكون مركزا للتواصل والانفتاح في المنطقة. وكان دائما الحديث معه عن الميدل إيست يتداخل مع الحديث عن بيروت، عن دورها في العالم العربي، وعن الروابط التي جمعت العديد من افراد اسرتنا مع اشقاءهم العرب من مصر الى الجزيرة العربية ومن بغداد الى الرباط.

 

ومن الرعيل الاول بقي والدي، عبد الله سلام، عضوا في مجلس إدارة الشركة حتى أوائل ثمانينيات القرن الماضي، متمسكا برؤية المؤسسين رغم الاضطرابات التي بدأت تعيشها البلاد منذ نهاية الستينيات.

 

وفي مرحلة لاحقة تولى ابن عمي سليم سلام رئاسة مجلس الإدارة في أصعب الظروف، فحمل الشعلة ذاتها في زمن تغير فيه كل شيء تقريبا، وسعى لتبقى فيه الشركة محتفظة بوجودها وروحها".

 

وتابع :"لقد أدرك القائمون على الشركة منذ البداية أن الطيران ليس مجالا جامدا، بل عالم يتغير بوتيرة سريعة، وأن النجاح فيه يتطلب يقظة دائمة، واستعدادا لتجديد الذات في كل مرحلة، فكانت الميدل إيست من أوائل الشركات العربية التي تبنت مفاهيم الإدارة الحديثة، وأدخلت التقنيات الجديدة في التدريب والصيانة والخدمات الجوية.

 

وكذلك أصبحت الميدل إيست مع مرور الزمن نموذجا للمؤسسة اللبنانية الحديثة: مؤسسة تجمع بين روح المغامرة التي ورثتها من جيل التأسيس، والعقلانية التي اكتسبتها من الخبرة التقنية، والانفتاح المستمر على العالم بوصفه بيئة طبيعية لنجاحها.

 

ولم تكتف الميدل إيست بأن تكون مرآة لصورة لبنان في الخارج، بل أصبحت عنصرا ثابتا في هوية اللبنانيين أنفسهم.

فهي ترافقهم في السفر والعودة، في الحنين والمغامرة، في الفرح والخوف. كل لبناني جرب الغربة يعرف شعور الطمأنينة حين يرى طائرة الميدل إيست في مطار بعيد، بالأرزة على ذيلها وألوانها المألوفة. إنها تلك اللحظة التي تختصر معنى الوطن: أن تشعر أنك عدت قبل أن تصل".

واستطرد سلام :"وحين يتذكر اللبنانيون لحظات الحرب والعزلة، يتذكرون كيف بقيت الميدل إيست صلة الوصل الوحيدة بينهم وبين العالم.

تاريخ الميدل إيست ليس مجرد تسلسل زمني لمحطات اقتصادية أو إدارية، بل هو سيرة مقاومة مدنية طويلة، توازي في معناها مسيرة لبنان نفسه في مواجهة الأزمات.

في عام 1969، كانت الضربة الأولى الكبرى. خلال الغارة الإسرائيلية على مطار بيروت، دمر أسطول الشركة بكامله تقريبا. مشهد الطائرات المحترقة في أرض المطار كان يمكن ان ينهي أي شركة، لكن الميدل إيست، بدل أن تنهار نهضت من الرماد، أعادت تنظيم نفسها، واستأنفت عملياتها خلال فترة وجيزة، لتتحول تلك الكارثة إلى بداية فصل جديد من الصمود والتحدي.

ثم كانت الحرب عام 1975، وبعدها واحدة من أصعب المراحل التي عاشتها البلاد وصولا الى الاجتياح الإسرائيلي عام 1982. توقف المطار مرارا، وتعطلت حركة الملاحة، وتعرض العاملون للخطر المباشر، وخطف بعضهم وقتل آخرون.

ومع ذلك، صمدت الشركة، بل تحولت إلى عائلة كبيرة متماسكة، جمعت بين الشجاعة والانضباط والوفاء".

وأكمل :"وجاءت حرب عام 2006 لتضيف امتحانا جديدا: توقف المطار مجددا، وتضررت منشآت الشركة، لكنها كانت بين أوائل القطاعات التي استعادت نشاطها فور وقف النار.

اما الحرب الأخيرة في عام 2024، فكشفت مجددا معنى الصمود حين يصبح خيارا وحيدا للحياة. فقد استمرت طائرات الميدل ايست تقلع وتهبط من مطار بيروت. وفيما كانت السماء نفسها تبدو مهددة، راحت ترتسم على وجوه الطيارين والمضيفين والفنيين معاني الشجاعة الهادئة.

لقد أثبتت الميدل إيست أن مؤسساتنا تستطيع أن تنجح حين تقوم على المهنية والمسؤولية فتتحرر من منطق الزبائنية والولاءات الفئوية".

ولفت سلام الى ان "رؤية الحكومة التي اتشرف برئاستها تقوم اليوم على ركائز شبيهة: فهدفنا هو أن نعيد بناء الدولة اللبنانية على أساس الكفاءة والإنتاج، وأن نحفز الاستثمار ونشجع على الشراكة بين القطاع العام والخاص، وأن نفتح المجال أمام جيل جديد من الرياديين والمبدعين ليصنعوا قصص النجاح المقبلة. ولذلك أطلقنا مبادرات لتحديث الإدارة ومكننتها، ولتأسيس وزارة للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، كما عملت مع فخامة رئيس الجمهورية على إعادة وصل لبنان بالعالم العربي بعد سنوات من الانكفاء والعزلة. وكذلك عملنا على إعادة بناء الثقة بالدولة عبر الاصلاح المؤسساتي كما في استعادة السيادة وبسط سلطة الدولة بقواها الذاتية على كامل الأراضي اللبنانية".

وقال :"إن ما نحتفل به اليوم، في ذكرى تأسيس الميدل إيست، انما هو دعوة إلى استعادة الثقة بالمستقبل، وبقدرات أبناء وطننا".

وتوجه سلام إلى عائلة طيران الشرق الأوسط: "أنتم وجه لبنان الحديث، أنتم المثال الذي نريده في المبادرة، والابتكار، وبناء المؤسسات والفخر بها.

أنتم الذين جعلتم من الميدل إيست أكثر من شركة — جعلتموها رمزا للبنان الذي نحلم به: البلد الرائد، والمتجدد دائما.

فتحية أولا إلى الطيارين الذين حلقوا في أصعب الظروف، فحملوا علم لبنان في أجواء لم تكن دائما آمنة، ولكنهم أصروا أن يبقى مرفوعا.

وتحية إلى المضيفات والمضيفين الذين مثلوا لبنان في السماء بابتسامة وثقة وأناقة.

وتحية إلى الفنيين والمهندسين الذين عملوا في الظل، في الورش والمستودعات، يحفظون سلامة الأسطول ويؤمنون استمراريته بدقة وتفان.

وتحية إلى الموظفين المحليين الذين أداروا العمليات في أصعب الأيام، في المطار او المكاتب، وواصلوا العمل حين توقف كل شيء من حولهم.

تحية إلى كل العاملين في الخارج، الذين حافظوا على حضور لبنان في المطارات والمدن من حول العالم، وكانوا صوته وصورته، بل سفراءه الصامتين.

وطبعا، التحية، إلى القيادات المتعاقبة على طيران الشرق الأوسط التي عرفت كيف تدير هذه الشركة بروح الفريق الواحد، وتحافظ على مناعتها ومكانتها وسط العواصف السياسية والاقتصادية التي مرت بالبلاد".

ختم سلام: "كل التحية، الى Chairman محمد الحوت الذي عرف كيف يحلق بأجنحة الأرز من عال الى اعلى في اشد الأيام وأصعبها.

شكرا Chairman، كل عام والميدل إيست بخير، وكل عام ولبنان يحلق معها آمنا، واثقا، ورائدا كما كان دائما".

وخلال الحفل منح رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزاف عون شركة طيران الشرق الأوسط وسام الاستحقاق اللبناني المذهب.

وكرّمت الشركة الموسيقار زياد الرحباني تقديراً لإرثه الفني ومسيرته المضيئة التي شكّلت رمزاً للإبداع اللبناني، وذلك باستذكار ما قاله عنها: "اذا راحت الميدل ايست بروح لبنان"، والاستماع الى مقطوعة موسيقية ألفها الرحباني وأطلق عليها اسم "MEA".

وتخلل الاحتفال الذي قدمه الاعلامي محمد قيس عرض يوثّق مسيرة الشركة منذ انطلاقتها عام 1945، مسلطاً الضوء على مراحل تطورها وتحدياتها ونجاحاتها، فيما أضفى التكريم طابعاً إنسانياً وثقافياً على المناسبة التي جمعت بين الطيران والفن في مشهد يعكس وجه لبنان الحضاري

وقدم الحوت رمز الشركة الى الرئيس سلام لمناسبة الذكرى 80 لتأسيسها.

واختتم الاحتفال بقطع قالب حلوى للمناسبة.