الأحداث- تـــرأس مــتـروبــولـيـت بـيــروت وتــوابـعـهـا المـطـــران الــيــاس عـــودة خــدمــة قـــداس الـمـيـــلاد فــي كــاتــدرائــيــة الــقـــديـس جــاورجـيـــوس، بحضور جمع من المؤمنين.
بــعــد قـــراءة الإنــجــيـــل الــمــقـــدس ألـــقـــى المطران عودة عـظــة قال فيها: "الـمَجْـدُ للهِ في العُـلى، وعـلى الأَرْضِ الـسَّلامُ، وفي الـنَّـاسِ المَـسَـرَّة. نـقِـفُ الـيَـوْمَ أَمامَ مِـيلادِ مُخَـلِّـصِ العـالَـمِ، لا كَحَـدَثٍ تاريخِـيٍّ مَـضى، ولا كَـذِكـرى نُـزَيِّـنُ لها الـشَّـوارِعَ والمَـنازِلَ، بَـلْ كَحَـقِـيـقَـةٍ خَلاصِـيَّـةٍ حَـيَّةٍ تَـهُـزُّ كَـيانَ الإِنْـسانِ وتَـدْعُـوهُ إلى مُـراجَعَـةِ ذاتِـهِ وحَـياتِهِ ومَـوْقِـعِـهِ في هَـذا العـالَـم. مـيلادُ الـُمخَـلِّـص هُـوَ إِعْـلانُ اللهِ الحاسِـمُ أَنَّهُ لَـمْ يَـتْـرُكِ الإِنْـسانَ فَـرِيـسَةً لِـلـظُّـلْـمَـةِ والـخَطـيـئةِ والـمَـوْت، بَـلْ دَخَـلَ بِـنَـفْـسِهِ تـارِيخَـنـا، ولَـبِـسَ جَـسَـدَنـا، وَاخْـتَـبَـرَ ضُعْــفَــنـا وخَـوْفَـنـا، لِـيُـقِـيـمَـنا مَعَـهُ في نـورِ الحَياة. نَعَـم، «الـكَـلِـمَةُ صارَ جَسَـدًا وحَـلَّ بَـيْـنَـنا، ورَأَيْـنـا مَجْـدَهُ، مَجَـدًا كَـما لِـوَحِـيـدٍ مِـنَ الآبِ، مَـمْـلُـوءًا نِعْـمَةً وحَـقًّـا» (يو 1 : 14)".
أضاف: "في مـيلادِ الـمَـسـيحِ نَـشـهَـدُ إِنْـقِـلابًـا جَـذْرِيًّـا في مَـنْـطِـقِ هَـذا العـالَـمِ الَّـذي يَـبْـنِي الـمَجْـدَ عـلى الـقُـوَّةِ، والعَـظَـمَةَ عـلى الـتَّـسَـلُّـطِ، والـنَّجاحَ عـلى إِقْـصاءِ الآخَـرِ وتَحْـطـيـمِه. اللهُ اخْـتـارَ طَـرِيقًـا مُغـايِـرًا. إِخْـتـارَ أَنْ يَـأْتِـي طِـفْـلًا ضَعِـيـفًـا، لا يَـمْـلِـكُ شَـيْـئًا، مَـوْلُـودًا في مَغـارَةٍ، مَـوْضُوعًـا في مِـذْوَدٍ، مُحاطًـا بِـرُعـاةٍ وغُـرَباء، لا بِـمُـلـوكٍ وجُـيـوش. وكَـأَنَّ اللهَ أَرادَ مُـنْـذُ الـلَّحْـظَـةِ الأُولى أَنْ يُعْـلِـنَ أَنَّ الخَلاصَ لا يُـبْـنَى عـلى الـقَهْـرِ أَوْ يُـفْـرَضُ بِالـقُـوَّةِ، بَـلْ يُعْـطَـى بِالـمَحَـبَّـةِ والإِتِّـضاع. يَـقـولُ الـقِـدِّيـسُ إِسْحَـقُ الـسُّـرْيانِيُّ: «حَـيْـثُ الإِتِّـضاعُ، هُـناكَ يَحِـلُّ الله». هَـذا الإِتِّـضاعُ الإِلَـهِـيُّ لَـيْسَ تَـفْـصـيلًا ثـانَـوِيًّـا في إِيـمانِـنا، بـل هـو قَـلْـبُ الإِنْجـيـل. الـمَـسِيحُ لَـمْ يَـتَّـضِعْ فَـقَـطْ في مِـيلادِهِ، بَـلْ جَعَـلَ الـتَّـواضُعَ نَـهْـجَ حَـياتِـهِ كُـلِّـها، حَـتَّى الـصَّلـيـب. فَـمِـنَ الـمِـذْوَدِ إلى الجُـلْجُـلَـةِ، نَـرى إِلَـهًـا يَخْـدِمُ الإِنْـسانَ عِـوَضَ أَنْ يُـطَـالِـبَهُ بِخِـدْمَـتِـه، ويَـبْـذُلُ ذاتَهُ عِـوَضَ أَنْ يَـطْـلُـبَ ذَبـيحَةً. لِـذَلِـكَ يَـقـولُ الـرَّبُّ: «مَـنْ أَرادَ أَنْ يَـكـونَ فِـيـكُـمْ عَـظِـيـمًـا، فَـلْـيَـكُـنْ لَـكُـمْ خـادِمًـا» (متى20: 26). الـمِـيلادُ مَـدْرَسَةٌ جَـدِيـدَةٌ لِـلإِنْـسان، تُعَـلِّـمُهُ كَـيْـفَ يَـكُـونُ عَـظِـيـمًـا بِالـمَحَـبَّـةِ، قَـوِيًّـا بِالـتَّـواضُعِ، غَـنِـيًّـا بِـالـرَحْمَةِ والعَـطـاء، صانِـعَ سَـلام".
وتابع عودة: "هَـذا الـسِّـرُّ العَـظِـيـمُ يُـسـاءُ فَهْـمُـهُ حِـيـنَ يَـتَحَـوَّلُ العِـيدُ إلى مُجَـرَّدِ تَـقْـلِـيـدٍ إِجْـتِـماعِـيٍّ أَوْ مَـوْسِـمٍ إِسْـتِـهْـلاكِـيّ. هَـذا ما يَحَـصَـلُ في الـعـالَـمِ وَفي مَعْــظَـمِ الـمُـدُنِ والـشَّـوارِعِ الـلُّـبْـنانِـيَّـةِ، حَـيْـثُ يَـتَـنـافَـسُ الجَميعُ عـلى إقـامَةِ أكْـبَـرِ أَوْ أَجْـمَـلِ أو أغْــرَبِ شَجَـرَةٍ يُـسَـمّـونَـهـا شَـجَـرَةَ الـمـيلادِ لَـكِـنّـهـا لا تَـمُـتُّ إلى مَـعْــنى الـميلادِ بِـصِـلَـة. قَـد تَكـونُ وَسـيـلَـةً لإدْخالِ بَعْـضِ الـبَهْـجَةِ إلى القُـلوبِ أو إنْعـاشِ الإقْـتِصادِ، لَكِـنَّ الـمـيلادَ لَـيْـسَ زِيـنَةً ولا مَـوائِـدَ، بَـلْ دَعْـوَةٌ إلى وِلادَةٍ جَـديـدَة. هَـلْ نَعـي مَعْـنى وِلادَةِ الـطِـفْـلِ الإلَهـيّ فـي عـالَـمِـنـا؟ وَهَـلْ نَـسْـمَحُ لِـلمَـسِـيحِ بِـأَنْ يُـولَـدَ في قُـلـوبِـنا؟ هَـلْ تَغَـيَّـرَ فـيـنـا شَـيْءٌ مِـنْ خِـلالِ هَـذا الـسِّـرِّ؟ أَمْ نَكْـتَـفِـي بِـالمَـظـاهِـرِ الـزائِـلَـةِ فـيـما قُـلُـوبُـنا مُغْـلَـقَةٌ، وعَـلاقـاتُـنا مَـكْـسُـورَةٌ، وأَنانِـيَّـتُـنا مُـسَـيْـطِـرَة؟. عَـيْـشُ المِـيلادِ الـيَـوْمَ يَعْــنِي أَنْ نَعِـيـشَ مَـنْـطِـقَ المَـسـيحِ في عالَـمٍ تَحْـكُـمُـهُ المَـصالِـحُ والأَنانِـيَّـةُ، وأَنْ نَخْـتـارَ الحَـقَّ ولَـوْ كانَ الـخَـيـارُ مُـكْـلِـفًـا، والمَحَـبَّـةَ ولَـوْ بَـدَتْ ضُعْــفًـا، والخِـدْمَةَ دونَ انْـتِـظارِ مُـكافَـأة. يَـقـولُ الـقِـدِّيـسُ غـريغـوريوسُ اللَّاهـوتِيُّ: «فَـلْـنُـكْـرِّمْ مِـيلادَ المَـسـيحِ، لا بِالأَطْـعِـمَةِ والـشَّـرابِ، بَـلْ بِـالأَعْـمالِ الـصَّالِحَةِ ونَـقـاوَةِ الـقَـلْـب». فَحَـيْـثُ يُـولَـدُ المَـسِـيحُ يُـولَـدُ مَعَـهُ إِنْـسانٌ جَـديـدٌ، لَـهُ فِـكْـرٌ جَـديـدٌ وسُلوكٌ جَـديـدٌ ونَـظْـرَةٌ جَـدِيـدَةٌ إلى الحَـياةِ وإلى الإنسان".
وقال: "نحْـتَـفِـلُ بِعـيـدِ المِـيلادِ في وَطَـنِـنا لُـبْـنان فـيـما الجِـراحُ مَـفْـتُـوحَةٌ والأَوْجـاعُ كَـثِـيـرَةٌ والأَسْـئِـلَـةُ مَـصِـيـرِيَّـةٌ. نَحْـتَـفِـلُ والـمُـواطِـنُ مُـثْـقَـلٌ بِالهُـمومِ الـيَـوْمِيَّةِ، خائِـفٌ عـلى لُـقْـمَةِ عَـيْـشِهِ وصِحَّـتِـهِ، وقَـلِـقٌ عـلـى مُـسْـتَـقْـبَـلِ أَوْلادِهِ. نَحْـتَـفِـلُ فـيـما الـدَّوْلَـةُ لَـمْ تَـلْـتَـقِـطْ أنْـفـاسَهـا بَعْــدُ، وَلَـمْ يُـسْـمَحْ لَـهـا بِـفَـرْضِ الـوُجـود، والمُـؤَسَّـساتُ مـا زالـتْ مُسْـتَـضْعَــفَـةً، يَـتَحَكَّـمُ بِهـا ذَوو النُـفـوذ، والإنْـقِـساماتُ مـا زالَـتْ عَـمـيـقَـةً، والـتَـشَـبُّـثُ بِالـرَأيِ أو المُكْـتَـسَـباتِ يَـزْدادُ، والإسْتِهْـتـارُ بالـدُسْـتورِ والـقَـوانـيـن مـا زال سِـلاحَ الجَـمـيعِ، ما يُـفْـقِـدُ الـثِّـقَـةَ بَـيْـنَهـم ويُـعَـمِّـقُ الخِلافات. نَحْـتَـفِـلُ فـيـما الـمُـواطـنـون يُعـانون، يَـشْـعُـرونَ بِـأَنَّهُـمْ مَـتْـروكـونَ، غَـيْـرُ مَـسْـمـوعـيـنَ، وغَـيْـرُ مَـرْئِـيِّـيـن.في هـذا الـواقِـعِ، يَـأْتِـي المِـيـلادُ لِـيَـضَعَــنـا أَمامَ مَـسْـؤُولِـيَّـتِـنا الـوَطَـنِـيَّةِ والأَخْلاقِـيَّـةِ والـرُّوحِـيَّة. فَـالإِيمانُ لَـيْـسَ انْـفِـصالًا عَـنِ الـشَّـأْنِ العـامّ، ولا الـكَـنِـيـسَةُ مَـدْعُـوَّةٌ إلى الصَّـمْـتِ أَمامَ الـظُّـلْـمِ أوِ الخَطَـأ. بِـتَّـجَـسُّـدِهِ دَخَـلَ اللهُ حَـياةَ الـبَـشَـرِ بِـكُـلِّ أَبْعـادِهـا، لِـذَلِـكَ لا يُـمْـكِـنُـنا أَنْ نَـفْـصِـلَ بَـيْـنَ إِيـمـانِـنا وسُـلُـوكِـنـا كَـمُـواطِـنِـيـنَ، ولا بَـيْـنَ صَلاتِـنا ومَـوْقِـفِـنـا مِـنَ الـفَـقْـرِ والـفَـسـادِ والـظُّـلْـمِ والـقَـتْـلِ والإِسْـتِـغْـلال. قالَ الـرَبُّ يسوع: «روحُ الـربِّ عَـلَيَّ لأنَّـه مَـسَـحَـني لأُبَـشِّـرَ الـمَساكـيـن، أرسَـلَـني لأشْـفـي المُـنْـكَـسِـريّ الـقُـلـوب، لِأُنـادي لِـلـمَأْسـوريـن بِالإطْـلاقِ وَلِـلعُـمْيِ بِالـبَصَرِ، وَأُطْـلِـقَ المُـنْسَحِـقـيـنَ في الحُرِّيَّة» (لـو 4: 18)".
وأردف: " فَـيا مَـنْ أُوكِـلَـتْ إِلَـيْـكُـمْ شُـؤُونُ هَـذا الـوَطَـن، الـمِـيـلادُ يُـذَكِّـرُكُـمْ بِـأَنَّ الـسُّـلْـطَـةَ لَـيْـسَـتْ إِمْـتِـيـازًا بَـلْ خِـدْمَةٌ، وأَنَّ الـمَـرْكَـزَ لَـيْـسَ مُـلْـكًـا شَخْـصِـيًّـا بَـلْ أَمانَةٌ. الـمَـسـيحُ، رَبُّ الـمَجْـدِ، لَـمْ يَـأْتِ لِـيُخْـدَمَ بَـلْ لِـيَخْـدِمَ، فَـكَـيْـفَ بِـمَـنْ أُمِّـنـوا عـلى شَعْــبٍ مَجْـرُوحٍ ومُـتَـأَلِّـم؟ الـشَّعْـبُ لَـيْـسَ قَـطـيعـاً يُـقـادُ بِحَسَبِ مـا يُـنـاسِبُ المَـصالِحَ، ، ولا وَرَقَـةَ ضَغْــطٍ لِـنَـيْـلِ الـمَـكاسِـبِ، ولا أَصْـواتًـا تُـسْـتَـعْـمَـلُ في الـمَـواسِـمِ ثُـمَّ تُـنْـسَـى. الـشَّعْــبُ وُجـوهٌ حَـقِـيـقِـيَّةٌ، عـائِلاتٌ تَـتَـأَلَّـمُ، شُـبَّـانٌ يُهـاجِـرونَ، شُـيـوخٌ مَـتْـروكـون، أطْـفالٌ يَـسْـتَـعْـطون، مَـظْـلـومـونَ يَـنْـتَـظِـرُونَ العَـدالَـةَ. الـمِـيلادُ يَـدْعُـوكُـمْ إلى الـنُّـزولِ مِـنْ أَبْـراجِ الخُـطـابـاتِ إلى مَغـارَةِ الـواقِـعِ، وإلى رُؤيَـةِ واقِعِ الـنَّـاسِ كَـمـا هُـوَ. يَـقـولُ الـقِـدِّيـسُ يُـوحَـنَّـا الـذَّهَـبِيُّ الـفَـم: «مَـنْ لا يَهْـتَـمُّ بِـأَخِـيهِ الإِنْـسـانِ، لا يَعْـرِفُ اللهَ كَـما يَـنْـبَـغِـي». أولـى واجِـبـاتِ الـمَسْـؤولِ أنْ يَعـي حاجاتِ شَعْـبِهِ وأن يَعْـمَـلَ عـلى تَـلْـبِـيَـتِـهـا، كَما أنَّ أولـى مَهامِ الحاكِـمِ أنْ تَعُـمَّ الـمُسـاواةُ والعَـدْلُ فـي رَعِـيَّـتِـه".
وقال: "الـمِـيلادُ يُـخـاطِـبُـنا أيضاً كَـمُـواطِــنِـيـنَ. الـمَـسْـؤُولِـيَّةُ لا تَـقَعُ فَـقَـطْ عـلى مَـنْ هُـمْ في الحُـكْـمِ، بَـلْ عـلى كُـلِّ واحِـدٍ مِـنّـا. الـمِـيلادُ يَـدْعُـونـا إلى رَفْـضِ ثَـقـافَـةِ اللَّامُـبـالاةِ، والخُـروجِ مِـنْ مَـنْـطِـقِ الـشَّـكْـوَى العَــقِـيـمَةِ، وتَحَـمُّـلِ مَسْؤولِـيَّـتِـنا في بِـناءِ مُجْـتَـمَعٍ أَكْـثَـرَ عَـدْلًا وصِدْقًـا وإنـصـافًـا. يَـدْعـونـا إلى تَـرْبِـيَةِ أَولادِنا عـلى الـقِـيَـمِ لا عـلى الـتَحايُـلِ عـلى الـقـانـونِ واسْـتِغْلالِ الآخـر، وعـلى الخِـدْمَةِ لا عـلى الـمَصْلَحَة، وعـلى الأَمانَةِ لا عـلى اسْتِغْـلالِ النُـفـوذ. لَـوْ أَهْـمَـلَ الـرَبُّ شَعْـبَهُ وعـامَـلَهُ بِحَسَـبِ أعْـمالِهِ وَعُـقـوقِـهِ هَلْ كانَ تَـنازَلَ وأفْـرَغَ ذاتَهُ وَتَجَسَّـدَ مُـتَّخِـذاً طَـبـيعَـتَـنـا لِـيُخَـلِّصَهـا؟".
وختم عودة: "إِنَّ الـتَّـواضُعَ والـمَحَـبَّـةَ الـلَّـذَيْـنِ أَعْـلَـنَهُـما الـمَـسِـيحُ بِـمِـيلادِهِ هُـما الـطَّـرِيـقُ الـوَحِـيـدُ لِـلخُـروجِ مِـنْ أَزَمَـتِـنا العَـمِـيـقَـة. لا خَلاصَ لِـوَطَـنِـنا بِلا مُـصالَحَةٍ حَـقِـيـقِـيَّـةٍ مَعَ الحَـقِّ، ولا قِـيـامَةَ بِلا صَـلِـيـبٍ، ولا مِـيلادَ بِلا تَـوْبَـةٍ. اللهُ لا يَـفْـرِضُ خَلاصَهُ، لَـكِـنَّهُ يَـضَعُــهُ أَمامَـنا كَـدَعْـوَةٍ، فَـإِمَّـا أَنْ نَـقْـبَـلَ مَـنْـطِـقَ الـمِـذْوَدِ، أَوْ نَـبْـقَى أَسْـرَى مَـنْـطِـقِ الـقُـصـورِ الـوَهْـمِـيَّةِ الّـتي تَـنْهـارُ عـلى ساكِـنِـيـها. لِـنَـتَـذَكَّـرْ دَومًا أنَّـنـا زائِلـون وَأنَّ الإنْسانَ لا يَعْـرِفُ مَـتى تَـأتي ساعَـتُـهُ، وأنَّـهَ يَـذْهَـبُ خالي الـيَـدَيْـن، لا يَحْمِـلُ مَعَـهُ إلاّ تَواضُعَـهُ وأعْـمالَـهُ، لِـذلِـكَ، عِـوَضَ تَـضْيـيعِ الأيّـامِ في مُلاحَـقَـةِ الشَهَـواتِ وَجَـمْعِ الـثَـرَواتِ والإساءَةِ إلى الإخْـوَةِ، لِــيَـكُـنْ ذِكْـرُ المَـوْتِ ماثِـلاً أمامَـنـا، لا يَغـيـبُ عَـنْ أذْهـانِـنا، كَما يَـفْـعَــلُ الـرُهْـبانُ، لِـكَـي تَـكونَ حَـياتُـنا مَجالاً لِـتَـوْبَةٍ مُسْتَـمِـرّةٍ، ومُـمارَسَةِ المَحَـبَّـةِ والرَحْـمَـةِ والخَيْـرِ، مَجالاً لِـلسَلامِ مَعَ أنْـفُـسِـنـا وَمَعَ إخْوَتِـنـا. فَـلْـنَـرْفَـعِ صَلاتَـنا مِـنْ أَجْـلِ بَـلَـدِنـا الحَـبـيـب، عَـلَّهُ يَخْـلُـصُ مِـنْ مَـنْـطِـقِ الأَسْـلِـحَـةِ الـفِـعْـلِـيَّةِ والكَلامِيَّة، وَمِنْ سَـيْـطَـرَةِ الأنا وطُـغْــيـانِ الحَسَدِ والحِقْـدِ والـمَصْلَحَة، فَـيُـولَـدُ الـمَـسـيحُ في ضَـمائِـرِ الجَـمـيعِ وَيَـنْـعَـكِسُ خَـيْـراً في سُلوكِهِم وَقَـراراتِهِـم وخَـيـاراتِهِـم. لِـنُصَلِّ مِنْ أجْلِ أنْ يُـعْـتِـقَ الـرَبُّ الإلَهُ شَعْـبَ لبنانَ مِنْ كُـلِّ ما يُـكَـبِّـلُ حَـياتَهُ، وَيَـمْـنَحَهُ السَلامَ والكَـرامَةَ التي تَـلـيـقُ بِـأبْـناءِ الله. ولِنَـرْفَعِ الصَلاةَ مِـنْ أجْـلِ كُـلِّ مُـتَـأَلِّـمٍ وَمَـريضٍ وَمَـقْـهـورٍ وَمَخْطوف، ومِنْ أجْلِ أنْ يُعـيدَ إلَـيْـنا أَخَـوَيْـنـا الـمُطـرانَـيْـن بـولُـس ويـوحَـنَّـا سالِـمَـيْـن. أَلا سَـكَـنَ الـنُّـورُ الـمُـشْـرِقُ مِـنْ بَـيْـتَ لَحْـمَ قُـلوبَـكُـم، وحَـوَّلَ طُـرُقَ حَـيَـاتِـكُـمْ مِـنْ ظُـلُـماتِ هَـذا الـدَّهْـرِ الـفـاسِدِ الخَـدَّاعِ إلى نُـورٍ يَـشِعُّ مِـنْـكُـمْ لِـيُـنـيـرَ العـالَـمَ، آمين».