Search Icon

عون: أفكار لحل شامل... بري: أخذ بكلّ الهواجس... برّاك: ردّ لبنان متّزن وأنا متفائل جداً جداً

منذ 6 ساعات

من الصحف

عون: أفكار لحل شامل... بري: أخذ بكلّ الهواجس... برّاك: ردّ لبنان متّزن وأنا متفائل جداً جداً

الاحداث- كتبت صحيفة "الجمهورية": خالف الموفد الأميركي توم بـرّاك كلّ الأجواء السّابقة لزيارته إلى بيروت، وضخ في أجواء البلد تفاؤلاً وإيجابيات، بخّرت السيناريوهات والروايات التي اخترعتها غرف الشحن والتحريض قبل وصوله، وروّجت للويل والثبور وعظائم الأمور، ووضعت اللبنانيين على مفترق صعب امام واحد من خيارين: إمّا القبول بالورقة الأميركية، وإمّا أن يجهّز البلد نفسه لجولة حربيّة مدمّرة، تُحدث انقلاباً في الواقع اللبناني وتفرض قواعد ومعادلات جديدة.
الرّد اللبناني على الورقة الأميركية سُلِم إلى بارّاك، وجاءت تحت إطار "أفكار لبنانية لحل شامل" سلّمها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى الموفد الأميركي خلال الاجتماع معه في القصر الجمهوري في بعبدا، وانتقل بعدها إلى عين التينة حيث التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي وصف اللقاء بأنّه "جيد وبنّاء، أخذ بحرص كبير مصلحة لبنان وسيادته وهواجس اللبنانيين كافة وكذلك مطالب "حزب الله"، فيما وصف باراك اللقاء مع بري بأنّه "ممتع"، وقال: "نتفاوض مع متمرّس بالعمل السياسي، وعندما نتعامل مع محترف تصبح الأمور أسهل".
ومن عين التينة انتقل باراك إلى لقاء رئيس الحكومة نواف سلام في السراي الحكومي، حيث قال سلام: "نشدّد على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية ووقف كامل للأعمال العدائية، وبدء عملية إعادة الإعمار والإفراج عن الأسرى". مؤكّداً "انّ الدولة وحدها من تملك خيار الحرب والسلم، وهذا ما ناقشناه مع برّاك".
واللافت في هذا السياق، هو انّ اسرائيل استبقت زيارة برّاك إلى بيروت بتنفيذها مساء أمس الأول سلسلة اعتداءات وغارات جوية على العديد من المناطق اللبنانية في الجنوب والبقاع، وزامنت لقاءاته التي أجراها مع الرؤساء، بتحليق مكثّف للطيران التجسسي خصوصاً في أجواء العاصمة والضاحية الجنوبية.
موافقة مبدئية!
كما بات معلوماً، فإنّ صياغة الردّ اللبناني، تطلّبت سلسلة لقاءات عقدتها اللجنة الثلاثية الممثلة للرؤساء الثلاثة عون وبري وسلام، وكذلك مشاورات متواصلة بين الرئيس بري و"حزب الله"، كان آخرها قبل ساعات قليلة من وصول برّاك، وخلصت في نهاية الأمر إلى التوافق على ما وُصفت بـ"الصيغة المثلى"، التي تحفظ بالدرجة الأولى مصلحة لبنان واستقراره السياسي والأمني، وتؤكّد سيادته على كامل اراضيه.
وكشف مصدر رفيع لـ"الجمهورية"، "أنّ الأميركيين كانوا على مقربة من هذه الاتصالات، وفي أجواء ما يجري من مداولات وطروحات خلالها، حيث كانوا يتابعونها لحظة بلحظة، وعكسوا الرضى عن الجدّية التي تقاربت فيها ورقة برّاك من قبل كل الاطراف".
وقال مصدر مشارك بحركة الإتصالات لـ"الجمهورية"، إنّ أجواء المباحثات مع الموفد الأميركي اتسمت بإيجابية كبيرة، تبدّت بصورة واضحة في المقاربات والطروحات التي أبداها، وكذلك في الليونة الصريحة التي قارب فيها الملاحظات التي تضمّنها الردّ اللبناني. إلّا أنّ هذه الإيجابية التي تبدّت في الجانب اللبناني، لا تعني نهاية المطاف، بل يمكن القول إننا قطعنا نصف الطريق، وأما في النصف الآخر، فإنّ مصير هذه الإيجابية مرهون بالتقييم الأميركي النهائي للردّ اللبناني الذي قدّم أقصى ما يمكن تقديمه، والذي سيبلّغ إلى لبنان بصورة رسمية في القريب العاجل، وفق ما أشار رئيس الوفد الأميركي، وفيه سيتحدّد بالتأكيد ما إذا كانت هذه الإيجابية قابلة للترجمة على الواقع، وبالتالي تولّي الولايات المتحدة الأميركية تسويقها مع الجانب الإسرائيلي، أو عكس ذلك تماماً. بما يعيد الامور إلى الوراء، وهذا بالتأكيد ليس بالأمر المحمود".
ورداً على سؤال، لفت المصدر إلى انّه بناءً على المحادثات التي جرت مع برّاك، يمكن تغليب الإيجابيات على السلبيات، وقد لا يطول الوقت لبروزها. وما يرجح العامل الإيجابي هو أنّ برّاك بدا في المحادثات وكأنّه أعطى موافقة مبدئية على الردّ اللبناني، طبعاً موافقة غير نهائية في انتظار ما سيقرّرونه رسميّاً حياله، لذلك الكرة الآن في الملعب الأميركي، وما علينا سوى الانتظار".
ماذا في الردّ؟
بحسب معلومات موثوقة لـ"الجمهورية"، فإنّ الورقة اللبنانية تضمنت مجموعة من الملاحظات والتأكيدات، تفيد بما يلي:
اولاً، التزام لبنان الكامل بالقرار 1701 ونشر الجيش في منطقة جنوبي الليطاني بالتعاون والتنسيق مع قوات "اليونيفيل". بحيث لم يعد هناك أي مراكز عسكرية (لـ"حزب الله) أو لأيّ مظاهر مسلحة قي تلك المنطقة.
ثانياً، الالتزام الكامل باتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في تشرين الثاني الماضي. مع لحظ عدم قيام لبنان بأيّ خرق لهذا الاتفاق.
ثالثاً، التأكيد على أنّ لبنان نفّذ كلّ ما هو مطلوب منه في ما خصّ القرار الدولي 1701 واتفاق وقف إطلاق النار، خصوصاً في منطقة جنوبي الليطاني. مع تجديد التمسك بقوات "اليونيفيل" واستكمال دورها ومهمتها بالتعاون والتنسيق الكاملين مع الجيش اللبناني.
رابعاً، التأكيد على عدم احترام اسرائيل للقرار 1701، وتماديها في خرق اتفاق وقف إطلاق النار واستمرارها في أعمالها العدائية ضدّ لبنان وانتهاكاتها للسيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً (عدد الخروقات بات يقارب 4 آلاف خرق)، وهو الامر الذي يشكّل العائق الأساس أمام إكمال الجيش اللبناني مهمّته في منطقة جنوبي الليطاني، وقد اشارت إلى ذلك تقارير "اليونيفيل" والأمم المتحدة.
خامساً، التأكيد على الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي، وعلى الحاجة إلى جوّ دولي ضاغط على إسرائيل، ولاسيما من قبل الدول الراعية لاتفاق وقف اطلاق النار، لإلزامها، باحترام القرار 1701 واتفاق وقف النار، ووقف اعتداءاتها، والانسحاب الكامل من الاراضي اللبنانية المحتلة وعلى وجه الخصوص التلال الخمس، والإفراج عن الأسرى اللبنانيين.
سادساً، انّ الدولة اللبنانية ثابتة على قرارها بحصريّة السلاح بيدها وحدها، وفق المسار الحواري بالديبلوماسية الهادئة الذي انتهجه رئيس الجمهورية. كما هي ثابتة على قرارها ببسط سيادتها كاملة على كامل حدودها وأراضيها، وضبط المعابر ومنع التهريب، واستكمال الإجراءات الإصلاحية، وفق ما جرى التأكيد عليه في خطاب القَسَم لرئيس الجمهورية، والبيان الوزاري للحكومة.
سابعاً، انّ الأولوية هي لحفظ الأمن في لبنان، خصوصاً في منطقة الجنوب، وصيانة سلمه الأهلي واستقراره في شتى المجالات، ومنع أيّ محاولات، او أيّ إجراءات من شأنها أن تخلّ بها او تشكّل عامل توتير، ما يستدعي توفير الدعم اللازم للجيش اللبناني بالعتاد والإمكانات، وخصوصاً في ظل ما تشهده المنطقة من تغيّرات وتحولات.
ثامناً، تأكيد حاجة لبنان إلى توفير الإمكانات المالية العاجلة التي تمكّنه من إعادة إعمار المناطق المهدّمة بفعل العدوان الإسرائيلي، وخصوصاً في الضاحية الجنوبية والبقاع والقرى الجنوبية المدمّرة.
تاسعاً، التأكيد على حرص لبنان على افضل علاقات مع سوريا، وعلى انّ ضرورات الأمن والاستقرار في لبنان باتت تستدعي توجّهاً دولياً عاجلاً لمساعدة لبنان على إنهاء ملف النازحين السوريين الذين بات عددهم يفوق المليوني نازح، وإعادتهم إلى بلدهم، وخصوصاً انّ ظروف انتقالهم إلى لبنان قد انتفت مع الحكم الجديد في سوريا.
برّاك
وكان برّاك قال في مؤتمر صحافي مطوّل بعد لقائه رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، انّه عقد "اجتماعاً مثيراً جداً ومرضياً للغاية مع فخامة الرئيس". وعبّر عن امتنان كبير "للسّرعة والإهتمام واللهجة المتّزنة والمدروسة في الردّ على اقتراحاتنا".
واعتبر انّها "فترة شديدة الأهمية بالنسبة للبنان وفي المنطقة"، مشيراً إلى أنّ هناك فرصة تلوح في الأفق، ولا أحد أكثر من اللبناني قادر على اغتنام الفرص المتاحة في مختلف أنحاء العالم". وقال: "حان الوقت، فالمنطقة تتغيّر وكل شيء يتحرك بسرعة فائقة، والدول من حولنا تمرّ بتحولات وتغييرات".
وأضاف برّاك: "انّ رئيس الولايات المتحدة الأميركية اعرب عن التزامه واحترامه الكبير للبنان ودعمه ورغبته في مساعدته لتحقيق السلام والازدهار. وانا لا أظن انّ هناك اي تصريح مشابه لذلك منذ عهد دوايت ايزنهاور. ونحن ممتنون ومتفائلون لذلك".
ورداً على سؤال قال: "أنا ممتن للردّ اللبناني، وكان مدروساً ومتزناً. ونحن نعمل على إعداد خطة للمضي قدمًا، ولتحقيق ذلك نحتاج إلى الحوار، وما قدّمته لنا الحكومة كان امراً استثنائياً في فترة قصيرة. وانا اشعر برضى غير عادي عن الردّ. ونحتاج الآن إلى التعمق وفترة للتفكير اكثر في التفاصيل، وهذا ما سنقوم به".
اضاف: "نحن، مع الجانب اللبناني، ملتزمون بالوصول إلى القرار والحل، ولذلك أنا متفائل ومتفائل جداً جداً. التعقيدات هائلة، لكن في النهاية، الامر بسيط: هل سئم الجميع مما جرى خلال السنوات الماضية؟ الجواب هو: بالتأكيد نعم. لذا اذا وضعنا كل ذلك جانباً، هناك هندسة جديدة، علينا ان نغتنم الفرصة الآن، وسيكون على الجميع ان يتنازل عن شيء ما. فعندما يتخلّى البعض عن بعض الأمل الزائف او عن التوقعات غير الواقعية او عن الأوهام، او عن العداوات الداخلية التي عشناها، يمكنكم ان تحظوا بدعم من العالم أجمع لتحقيق ذلك. لكن لا بدّ من أن يبدأ ذلك من الداخل. وكل هذا يحدث في فترة قصيرة جداً".
ورداً على سؤال عمّا اذا كانت هناك فرصة أخرى للبنان، وكيف سيتمّ التعامل مع موقف "حزب الله" الرافض لتسليم سلاحه إلى الدولة؟ أجاب: "الخبر السار بالنسبة إلى الولايات المتحدة هو اننا لا ننوي التعامل معهم، بل ننوي ان تتعاملوا انتم معهم. فهذه ليست حالة تأتي فيها الولايات المتحدة لتقول: نريد تغيير النظام، او نحن غير راضين عن أحد أكبر الأحزاب السياسية في البلاد. او نحن غير مرتاحين للطائفية الدينية في هذا البلد. هذا ليس موقفنا. ما نقوله ببساطة هو، إذا اردتم التغيير فأنتم من يجب أن يحدثه، ونحن سنكون إلى جانبكم وندعمكم. أما إذا لم ترغبوا في التغيير، فلا مشكلة، فالمنطقة بأسرها تسير بسرعة فائقة، وانتم ستكونون متخلّفين للأسف".
أضاف: "ما قمنا به هو الرجوع إلى الماضي واستخلاص الدروس. نحن الآن نأخذ جميع هذه الدروس بالاعتبار ونملك اليوم فرصة. وانا اعتقد أنّ اسرائيل تريد السلام مع لبنان، ولكن التحدّي يكمن في كيفية الوصول إلى تحقيق ذلك. "حزب الله" هو حزب سياسي، لكنه ايضاً يمتلك جانباً عسكرياً. وهو يحتاج لأن يرى أنّ هناك مستقبلاً له، وانّ الطريق المطروح ليس مفروضاً ضدّه فقط، بل هناك نقطة تقاطع بين السلام والازدهار يمكن ان تشمله ايضاً".
وعن الفارق بين المقاربة الأميركية والردّ اللبناني، قال: "هناك 15 نقطة تشمل كل الامور، والردّ اللبناني كان على قدر كبير من المسؤولية، هناك بعض الامور التي أغفلناها، واخرى يرى الجانب اللبناني انّه يجب ان تكون مختلفة بعض الشيء عمّا طلبناه. لكن في المجمل، فإنّ ما يحصل هو جزء للوصول إلى قرار مبني على أساس ديبلوماسي، وعلى أساس مطالب صندوق النقد الدولي، وعلى أساس مجلس الوزراء، وكيفية الجمع بين هذه الامور، وإعادة الحياة إلى الجنوب، وطرح التعاطي مع إسرائيل حول هذه المواضيع، وكيفية جعل الجميع يخففون من حدّتهم والقول إننا سنثق بالآلية التي ستراقب هذه المسائل، كيفية المراقبة والقيام بها".
ورداً على سؤال قال: "هل "حزب الله" حزب سياسي في لبنان؟ فلماذا تظنون أنّ اميركا او فرنسا او بريطانيا ستأتي إلى لبنان لحل حزب سياسي في دولة سيادية؟ انّها مشكلتكم وعليكم انتم حلها".
وعمّا سيقدّمه الإسرائيليون، قال: "اعتقد انّ البلدين يحاولان القيام بالأمر نفسه، التخفيف من التوتر والحدّية ووقف الأعمال العدائية، وأن يخطوا نحو السلام. واشعر بالفعل انّ الإسرائيليين لا يريدون حرباً مع لبنان، لا رغبة لديهم في السيطرة عليه، ولديهم ايضاً مصلحة في ان يكون جوار إسرائيل هادئاً. واعتقد انّهم صادقون بذلك، وان هذا ما يحصل".
وقال: "الرئيس ترامب يعتقد انّ لبنان لا يزال المفتاح للمنطقة، لؤلؤة المتوسط، وقد أرسلنا للقول بأنّه إذا اراد لبنان ان يقوم بذلك، فهو جاهز. إنّ الفرصة متاحة الآن، ويمكنكم ان تكونوا قياديين".