Search Icon

قلق يرافق «هدوء» توم برّاك: هل تتكرّر خدعة هوكشتين؟

منذ 10 ساعات

من الصحف

قلق يرافق «هدوء» توم برّاك: هل تتكرّر خدعة هوكشتين؟

الاحداث - كتبت صحيفة "الأخبار": الأسئلة تستغرب الأسلوب كما المضمون، وتوقّفت عند الإيجابية المُفرطة والتطمينات التي بشّر بها برّاك، وحتى كلامه غير المسيء إلى حزب الله. مردّ الأسئلة إلى أن أجواء الأيام القليلة الماضية، جعلت الأمر يبدو وكأنّ لبنان على موعد مع "عاصفة" هلّلت لها قوى سياسية ووسائل إعلام لبنانية وعربية تجنّدت في خدمة الدعاية الإسرائيلية للتهديد والتهويل بأن لبنان أمام أسبوعين خطيرين سيشهدان تصعيداً كبيراً في حال لم يمتثِل حزب الله لمطالب الورقة الأميركية التي حملها برّاك إلى بيروت في أول زيارة له قبلَ ثلاثة أسابيع، واعتبرت بمثابة "الفرصة الأخيرة" للبنان، بما أن صبر الرئيس دونالد ترامب بدأ ينفد.
بعد خروجه من لقاء رئيس الجمهورية، توسّع برّاك في حديثه مع الإعلاميين، وكانت النتيجة الأولى أنه تسبّب بما يُشبه الصدمة لكل من قاد حملة التهويل، بعدما أطلق كلاماً مرناً ودبلوماسياً ودمثاً، لا يُشبه بتاتاً صلافة وغرور وعنجهية المبعوثة السابقة مورغان أورتاغوس، فما الذي حصل؟
عملياً، لا يزال العدو الإسرائيلي عند قراره بعدم الانسحاب قبلَ نزع السلاح بالكامل، وأميركا لا تجِد نفسها مضطرة إلى القيام بأي ضغط عليه، بينما أكّد حزب الله على لسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم موقفه لجهة عدم الاستسلام، والاستعداد للمواجهة، أما الدولة اللبنانية التي تولّت لجنة رئاسية صياغة ردّها الذي أُجريت تعديلات عليه خلال ساعاتٍ متأخرة من اجتماع ليلي جمع النائب علي حسن خليل، موفداً من رئيس مجلس النواب نبيه برّي، والنائب محمد رعد والحاج حسين خليل من شورى القرار في حزب الله، وعلمت "الأخبار" أن جهة رسمية حاولت استمزاج رأي الحزب في مسألة الضمانات التي يريدها، فكان ردّ الحزب "أنه لا يريد ضمانات من أحد، وأن السلاح هو الضمانة".
بعد الاجتماع مع عون، أكّد برّاك بعد تسلّمه الردّ اللبناني أنه "ممتنّ وراضٍ"، ووصفه بأنه غني بالأفكار، وتضمّن 15 نقطة، لافتاً إلى امتنانه لـ"السرعة واللهجة المتّزنة ردّاً على اقتراحاتنا". وفي ما يتعلق بحزب الله، قال برّاك: "لا نملي على لبنان ما يجب عمله بخصوص حزب الله الذي يُعتبر حزباً سياسياً وله جناح عسكري، وعلى لبنان أن يتعامل مع الحزب وليس الولايات المتحدة".
ولفت إلى أنه "ليس على لبنان الالتزام بأي جدول زمني بشأن السلاح، وعلى بيروت الوصول إلى صيغة لما يريده ونحن كأميركيين نساعد". وتابع: "ندعم لبنان في قراراته والآلية التي كانت موجودة بين لبنان وإسرائيل لم تسر في المسار الصحيح. المسار يجب أن يبدأ من الداخل اللبناني وهناك يكمن التحدي، ونريد من لبنان أن يتعامل مع حزب الله وليس نحن".
وقال برّاك: "أنا متأكد من أن إسرائيل تريد السلام مع لبنان لكن كيفية تحقيق ذلك، يشكّل تحدياً، وإسرائيل لا تريد احتلال لبنان ولا تسعى إلى الحرب والقرار بيد اللبنانيين". وأشار إلى أن "لا علاقة لمباحثاتنا في لبنان بالمفاوضات بين أميركا وإيران"، مشيراً إلى أن الحوار بين سوريا وإسرائيل "بدأ ويجب أن ينتقل ذلك إلى لبنان". وأكّد الموفد الأميركي "التزام ترامب بالمساهمة في بناء السلم والازدهار في لبنان".
الإيجابية نفسها انسحبت على لقاء بري - برّاك، إذ علّق الأول أن "الاجتماع كان جيّداً وبنّاء، آخذاً بحرص كبير مصلحة لبنان وسيادته وهواجس اللبنانيين كافة وكذلك مطالب حزب الله"، ولفت الموفد الأميركي إلى أن "اللقاء مع بري كانَ ممتعاً ولا سيّما أنّنا نتفاوض مع متمرّس في العمل السّياسيّ، وأخذنا في الاعتبار كل هواجس اللبنانيين".
وبعد زيارة برّي، توجّه برّاك إلى السّراي الحكوميّ حيث التقى رئيس الحكومة نواف سلام الذي أكّد بعد انتهاء اللقاء أنّ "الخطوات يجب أنّ تكون متلازمة بين انسحاب إسرائيل وحصر السّلاح، وبحثنا مع المبعوث الأميركيّ ينطلق من المسلّمات اللبنانية المؤكّدة في البيان الوزاري". وشدّد سلام على "ضرورة الانسحاب الإسرائيليّ الكامل من الأراضي اللّبنانيّة، ووقف كامل للأعمال العدائيّة، وبدء عملية إعادة الإعمار، والإفراج عن الأسرى".
فكيف يُمكن تفسير سلوك الرجل الذي خالف كل التوقّعات؟
في المعلومات، قالت مصادر بارزة إن "اللغة الإيجابية التي تحدّث بها برّاك، لا تعني بالضرورة فترة استقرار وعدم وجود مخاطر، فالهدف الأميركي لم يتغيّر وكذلك المطالب الأميركية، إنما ما فعله برّاك أنه قدّمه بشكل هادئ لا يُشبه الجو التصعيدي الداخلي". وأضافت: "كان هناك أيضاً من يراهن على موقف متمايز للرئيس بري عن حزب الله، لكنّ موقف الثنائي أتى موحّداً، والملاحظات والأسئلة والتفسيرات التي سلّمها بري كانت باسم الثنائي، فضلاً عن أن الموقف اللبناني كان يستند إلى الحق والحجة القوية، ما يجعل الأميركي يتراجع خطوة إلى الوراء".
وقالت المصادر إن "لبنان الرسمي ليسَ مشدوهاً بكلام المبعوث الأميركي ومطمئنّاً بالكامل، خصوصاً أن التجربة مع هؤلاء ليست مشجّعة، وغالباً ما كانت الوساطة الأميركية متلازمة مع تصعيد إسرائيلي وهذا ما حصل، إذ استبقت تل أبيب وصول المبعوث الأميركي إلى بيروت بحملة تصعيد عسكري واسع شمل البقاع والجنوب"، لكننا "بانتظار ما سيعود به بعدَ أن يحمل الرد اللبناني إلى الولايات المتحدة بالتزامن مع اللقاء الذي سيجمع ترامب وبنيامين نتنياهو ثم يأتي بردّ على الرد اللبناني المؤلّف من 15 نقطة في 7 صفحات".
وكشفت مصادر بعبدا أن "برّاك لم يقل شيئاً استثنائياً في اللقاءات، حتى إنه لم يدقّق في الرد الذي تسلّمه من لبنان وتحدّث في إطار عام مع بعض المجاملات"، وقالت المصادر إن "الورقة التي أتى بها سابقاً هي نفسها التي صاغتها أورتاغوس".
وحتى ذلك الحين يمكن التوقف عند نقاط محددة في الزيارة أبرزها أن: خطاب برّاك في الظاهر كانَ مقبولاً خلافاً لما روّج الإعلام اللبناني، وأحبط من كان ينتظر لهجة تهديد لدفع الدولة اللبنانية إلى الرضوخ، علماً أن برّاك سعى بخطابه المغلّف بالدبلوماسية، إلى تصوير المشكلة كأنها داخلية فقط، وحمل دعوتين مبطّنتين، الأولى نحو التطبيع وربطه بالازدهار، والثانية وضع ملف السلاح على عاتق الدولة فإمّا أن تقوم بما يلزم أو تُترك لمصيرها.
برّاك لجعجع: لا علاقة لنا بمشاكلكم
إلى جانب اللقاءات مع الرؤساء الثلاثة، عقد المبعوث الأميركي توم برّاك اجتماعات مع قيادات سياسية بعيداً عن الإعلام. وكان البارز اجتماعه مع قائد "القوات اللبنانية" سمير جعجع الذي طلب منه بإلحاح أن تتدخّل واشنطن لمنع السلطات في لبنان "من تسويف" الملف، فيما أكّد له الموفد الأميركي أن "هذه المسألة تخصّكم أنتم اللبنانيين".
يشار إلى أن جعجع سارع بعد زيارة برّاك إلى قصر بعبدا إلى انتقاد الردّ اللبناني. وقال إنه غير دستوري وغير قانوني أو حتّى رسمي. فالمطلوب من رئيس الحكومة أن يدعو مجلس الوزراء إلى الاجتماع من دون إبطاء، بعد أن يكون قد أطلع الوزراء على ورقة برّاك، وأن تتم مناقشة الورقة في اجتماع، أو اجتماعات متتالية لمجلس الوزراء مكتملاً لاتّخاذ الموقف الدستوري الرسمي منها.
ومن المُفترض أن يعقد برّاك اجتماعات إضافية قبل ظهر اليوم، على أن يُجري مقابلة مع قناة "LBC" قبل أن يغادر بعد الظهر.
اعتداء على صحافية أجنبية في السراي الحكومي
نشرت المصوّرة الصحافية العاملة في لبنان كورتني بونو مقطعاً مصوّراً تتهم فيه موظفاً في السراي الحكومي بالاعتداء عليها، لمنعها من توجيه سؤال إلى الموفد الأميركي توم برّاك.
وروَت بونو أنها حضرت لتصوير قدوم برّاك، وسألت موظفاً إن كان بإمكانها طرح سؤال، فأجابها: "نعم، لكنه قد لا يجيب"، مشيرةً إلى أنها كانت تنوي أن تسأل عن "نحو 4000 انتهاك إسرائيلي لوقف إطلاق النار (...) فأنا أعيش في الجنوب، وبالتالي أنا معرّضة لهذا القصف كسائر سكان الجنوب، نحن معرّضون للقصف والاغتيالات والمراقبة (...) إنه يحصل يومياً، يبدو أن الحرب لم تنتهِ هناك أبداً".
ووفقاً لبونو، فإنها عندما كانت تنوي طرح السؤال والتصوير، سألت برّاك: "هل ستأخذ أسئلة؟"، ليأتي موظف ويقرص معدتها بقوة، ويقول لها: "الأسئلة ممنوعة". ولفتت بونو إلى أنها فوجئت بأنّ موظفاً من الممكن أن يضع يديه على جسدها، واصفةً ذلك بأنه "غير أخلاقي".