الاحداث- كتب نبيل بو منصف في صحيفة النهار يقول:"مثل المرواغة السافرة والمثيرة لأقصى السخرية التي توسّل "حزب الله" تمريرها على ذقون البيروتيين برفعه من "ساحة الروشة" وصخرتها صورة السيد حسن نصرالله يتوسّط الرئيسين رفيق وسعد الحريري، راوغ رجل إيران علي لاريجاني في بيروت لمغازلة السعودية وبسط ثوب رعاية طهران على عملية إعادة تعافي ذراعها الأول المهيض. مر أسبوع إحياء ذكرى نصرالله بما تجاوز أسوأ التقديرات الاستباقية، لا بفعل شطارة وبراعة مزعومتين لدى الحزب، بل بسبب "الأضرار الجانبية" التي انكشفت عنها السلطة في مواجهة واقعة ما كان يفترض أن تغدو واقعة لو كانت السلطة على مستوى أدائها في الخامس والسابع من آب الفائت. تلاعب الحزب، ولم تردعه رمزية الذكرى نفسها، كما لم يفعل سابقاً، باستغلال التهاون الأمني المريب الذي أتاح له ان يتنمّر حيث كان يفترض أن يكون التنمر خطاً أحمر ممنوعاً تحت وطأة أي إجراءات صارمة، فتوغل في التحدي السياسي والأمني الأبعد مع خطاب نعيم قاسم غداة واقعة الروشة. ولعل أسوأ الأسوأ، أن كليهما، الحزب وراعيته الإقليمية إيران، راحا يتبارزان في التنمر من خلال استغلال ذكرى نصرالله، التي كان الغائب الأكبر الثاني معه فيها المراجعة الجدية لدى قيادة الحزب ولدى جمهوره وبيئته والاعتراف الجدي بالكارثة التي كادت تصفّي الحزب عن بكرته قبل سنة وتطيح معه مناطق لبنانية بدمار يحاكي دمار غزة. وإيران تلك، اختارت يوم ذكرى نصرالله لحجب إعادتها إلى أحكام العقوبات الدولية المنذرة بدفعها قدماً نحو كوارث إضافية، فإذا بطهران وذراعها لا يستطيعان التنمر أو المناورة أو التهديد إلا من بيروت وضاحيتها الجنوبية.
بعيداً من استباق ما قد لا يتأخر بروزه من تداعيات سلبية خارجية وداخلية بعد واقعات الأسبوع الفائت، وهي تداعيات حتمية على غير ما يتظاهر في مواجهتها بعض الذين يطمرون رؤوسهم في رمال الانكشاف السلطوي، لن تكون ثمة إعادة اعتبار حاسمة للسلطة لإسقاط آثار التداعيات والأضرار والتشوّهات التي أصابتها إلا بإحياء حاسم لا مردّ له لمنطق وأداء وإجراءات الخامس والسابع من آب بما لا يحتمل جدلاً. مفاد ذلك أن تلاعب "حزب الله" على حبال التمييز والشرذمة والانقسام بين رئاسيات من هنا وسلطة سياسية وسلطة عسكرية من هناك، وتعمّده الإشادة بالجيش فيما هو يكسر خطة الجيش ويتحدّى سلطة الجيش والقوى الأمنية والدولة كلها جهاراً نهاراً ومن أمام مرقد زعيمه كأنه تعهّد ديني لا تراجع عنه برفض تسليم سلاحه للدولة تحت وطاة التهديد بمواجهة الجيش... هذه المراوغة المكشوفة والتلاعب المكشوف صارا في مرمى الدولة ورئاساتها ومجلس وزرائها وليس في مرمى أيّ دولة أو جهة خارجية أو أي طرف داخلي أياً كان. لقد صار مكشوفاً، بعد واقعة الروشة، أن قوة المناورين والمراهنين على إعادة الاستقواء على الدولة، لا يواجهون إسرائيل، بل الدولة وحدها لا من انهيار قدراتهم والضربات الكارثية التي تسببوا بها لأنفسهم فقط، بل لأنهم يشبكون علاقات وعرى وحسابات تحت الطاولات وفوقها في استقوائهم على الدولة بحيث يظهرون كأنهم يتحكمون بالدولة كما في السابق، وكما قبل الكارثة التي حلت بهم. والأخطر أن تتمادى مناوراتهم تحت وطأة أيّ تهاون إضافي، بتبريرات واهية لا تقنع أحداً من داخل أو خارج، وحينها "تخبزوا بالأفراح" بحصرية السلاح وحصرية الدولة سواء بسواء!