Search Icon

لم تُعرض على مجلس الوزراء دراسة مالية عن المشروع وأكلافه: «توزيع الخسائر» بحسابات سياسية

منذ 4 ساعات

من الصحف

لم تُعرض على مجلس الوزراء دراسة مالية عن المشروع وأكلافه: «توزيع الخسائر» بحسابات سياسية

الاحداث-  كتب محمد وهبة في صحيفة الاخبار يقول:"إلى جانب عدد من الملاحظات الجوهرية التي يمكن إثارتها بشأن مشروع «قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع» الذي أقرّته الحكومة، فإن أكثر ما كان لافتاً هو التصويت عليه بـ13 صوتاً موافقاً عليه مقابل 9 ضدّ المشروع. ففي لائحة الموافقين على المشروع، كان التغيير الأقصى هو الذي مارسته كتلة اللقاء الديمقراطي من معارضة مطلقة إلى موافقة مطلقة، وفي جانب المعارضين كان موقف وزراء «أمل» مقسوماً بالنصف بين موافقة وزير المال ياسين جابر وهو أحد عرابي المشروع، ومعارضة الوزيرة تمارا الزين. والأنكى من ذلك، أن عدداً من الوزراء لا يعرف تماماً ما الذي أقرّ فعلياً، وعلى هذه القاعدة أيضاً تردّد بأن صدور النسخة النهائية للمشروع المقرّ ستعدّ في اجتماع وزاري يعقد اليوم لإعادة صياغته وفق مقرّرات مجلس الوزراء.

ثمة إجماع على أن مشروع القانون بالصياغة التي عرضت على مجلس الوزراء، يعدّ خطوة متقدّمة عن أي خطوات سابقة في هذا المجال، لا سيما لجهة تحميل رساميل المصارف أولاً الموجة الأولى من الخسائر المحققة في ميزانياتها المرتبطة بميزانية مصرف لبنان. لكن المشكلة في المشروع، وفق بعض الوزراء، أنه ليس مبنياً على تقديرات مالية واضحة، ولا يجيب عن الكثير من الأسئلة المتعلقة بمفاعيله على الأطراف المرتبطة فيه، سواء الدولة ومصرف لبنان والمودعين. فهل صمم المشروع بهدف إسقاط المصارف، أم صُمم بهدف الحفاظ عليها؟ هل يسمح المشروع بإنشاء مصارف جديدة مع أن مضمونه لا يفترض أن يتطرق إلى هذا الأمر مباشرة لكن النتائج يفترض أن تكون خاضعة لتقييم من هذا النوع؟ ما هي نسبة الشطب التي تعرّض لها المودعون؟ كيف ستكون مساهمة الدولة وفق المادة 113 من قانون النقد والتسليف: إلزامية أم اختيارية، ووفق أي شروط؟

هل سيمسّ الذهب، أو هل هناك إمكانية للمساس به وتسييله لتسديد حصّة الدولة؟ من يملك الذهب أصلاً مصرف لبنان أم الدولة؟ إلى أي مدى أجريت حسابات السيولة المتعلقة بالبلد وحاجات لبنان بالعملات الأجنبية في سياق تسديد الودائع، بمعنى هل ستبقى هناك إمكانية للقيام بشيء آخر غير تسديد الودائع؟

هذه عيّنة فقط من الأسئلة المعلّقة والتي أثيرت في اليومين الماضيين خلال نقاشات مشروع القانون، وهي لا تقلّ أهمية عن النقاش في المبادئ الدستورية والقانونية التي يفترض أن يكون المشروع مبنياً عليها. فقد أعدّ المحامي نصري دياب، ورقة من 10 صفحات تتناول سلّة واسعة من الملاحظات الدستورية والقانونية على المشروع، لكنه أشار في مطلعها إلى أن المشكلة أن المشروع أعدّ من دون أن يكون مبنياً على أرقام مفصّلة وموثقة متسائلاً: لماذا لم يحدّد حجم الفجوة قبل الشروع في وضع القانون؟

ولماذا لا يزال حجم الفجوة غير محدّد بعد صدور تقارير رسمية من لازار، الفاريز أند مارسال، وغيرهم؟ ويشير إلى أن المشروع يحمّل المودع عبء الأزمة إما مباشرة من خلال الآلية التي ستنطبق على حساباته، أو غير مباشرة بتحرير الدولة من كل موجب أو مسؤولية، ومن خلال قطع وعود تلزم ظاهرياً مصرف لبنان والمصارف لكن من دون أي ضمانة ومن دون أي دراسة علمية، إذ إن أي فشل في احترام إلزامات تسديد الودائع يتحمّل المودع وحده تبعاتها؟

طبعاً دياب المقرّب من حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، دافع عن تراتبية توزيع الخسائر كما ينظر إليها سعيد، أي أن تبدأ بتنقية الأصول غير المنتظمة وتخمين قيمة ودائع المصارف التجارية لدى مصرف لبنان «للتوصل إلى أرقام واضحة قبل إجراء مراجعة جودة أصول المصارف التجارية وإلزامها بإعادة رسملتها».

باستثناء ورقة وحيدة غير مفصّلة عن شرائح 
الودائع كان هناك غياب للزوايا التقنية مالياً وقانونياً

هذا الاعتراض، والكثير غيره، نوقش في الجلسات الثلاث التي خصصها مجلس الوزراء لدراسة مشروع القانون ثم إقراره، لكن باستثناء ورقة وحيدة غير مفصّلة عن شرائح الودائع، كان هناك غياب للزوايا التقنية مالياً وقانونياً، لا بل كانت النقاشات خاضعة بشكل واضح للحسابات السياسية التي تُرجمت في التصويت على المشروع وتبديل القناعات والآراء. بحسب المعلومات، فإن رئيس الجمهورية جوزف عون، لم يكن راضياً عن صيغة المشروع كما عرضت على مجلس الوزراء ربطاً بقناعة مصدرها حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، ولا سيما ما يتعلق منها بتراتبية توزيع الخسائر التي «فرضها» صندوق النقد الدولي على معدّي المشروع.

وعلى هذا الأساس، كان يفترض أن يصوّت وزراء الرئيس ضدّ المشروع، لكن المفاجأة تمثّلت في أن غالبية الوزراء المحسوبين عليه صوّتوا معه. وبحسب المعطيات المتداولة، فإن ضغوطاً سعودية مورست من أجل هذا التعديل في الموقف، وهو ما أدّى إلى بلبلة كبيرة بين المحيطين بالرئيس لا سيما المصرفي أنطون الصحناوي. أيضاً كان لافتاً الانقلاب الاشتراكي من ضدّ القانون بالمطلق في الجلسة الأولى وما سبقها من اتصالات، إلى إبلاغ الوزراء الجنبلاطيين بأنه يجب التصويت مع المشروع. وبحسب المعلومات، فإن هذا الأمر أتى انسجاماً مع ضعوط سعودية - فرنسية، لا سيما تلك التي قادها المبعوث الفرنسي جاك دو لا جوجي.

على الضفّة المقابلة، كانت هناك حسابات أخرى؛ فالوزير ياسين جابر الذي سار طوال فترة ولايته في وزارة المال وفق المسار المرسوم من صندوق النقد الدولي، صوّت مع المشروع، فيما كانت الوزيرة تمارا الزين تصوّت ضدّ المشروع. يقال إن الوزير السابق علي حسن خليل أبلغ المعنيين بقرار الرئيس، وإن جابر شعر بالحرج من مواجهة مع صندوق النقد الدولي.

يمكن قول الكثير في هذا المجال، إلا أن هذه الفوضى السياسية في التعامل مع مشروع القانون، سواء بحسابات محلية ضيّقة أو واسعة، أو بحسابات مرتبطة بالضغوط الخارجية، ستترجم بشكل صاخب في مجلس النواب حيث الأصوات أكثر صخباً وأكثر شعبوية وأكثر خبرة في المناورة. ليس واضحاً حتى اللحظة، ولا سيما أن النسخة النهائية للمشروع لم تظهر إلى العلن بعد، ما إذا كان المشروع لديه فرصة للمرور في مجلس النواب من دون تعديلات جذرية أم أنه سيخضع لجراحة واسعة ولأشهر من الجلسات.


ما مصير الذهب؟

يقول أحد الوزراء إن النقاشات التي أثيرت في مجلس الوزراء بشأن شهادات الإيداع المعزّزة بأصول مصرف لبنان ومنها المعادن الثمينة (الذهب ضمناً)، كانت محتدمة جداً.

في النص الأساسي المحال إلى مجلس الوزراء، فإن مصرف لبنان ملزم بإصدار شهادات مالية تمثّل رصيد الودائع المتوسطة والكبيرة والكبيرة جداً على أن تتحمّل المصارف 20% من مسؤولية تسديدها، وتكون «معزّزة بإيرادات الأصول التي يملكها مصرف لبنان ومداخيلها وبعائد تصفية هذه الأصول في حال حصولها».

هذه العبارة كانت محورية في النقاش، فهل هي تعني عملية تسنيد، أم إصدار سندات بضمانة هذه الأصول؟ بعض الوزراء فسّرها انطلاقاً من كلمة «التصفية» بأنها عملية تصفية للذهب، لكن رئيس الحكومة نواف سلام أصرّ على العكس تماماً، عندها قيل له إنها عملية تسنيد، لكن لا يبدو أنه كان قادراً على التمييز بين الأمرين.

فالتسنيد يعني أنه لا يمكن تصفية الأصل، وأن قيمتها المالية ستكون أدنى بكثير، وأنها غير قابلة للتداول في الخارج. في حساب بسيط يظهر أن قيمتها لن تكون أعلى من 10% بينما قيمتها في حال كانت مضمونة بالأصول تفوق 30%.

Link Whatsapp