الاحداث- كتبت صحيفة "الأنباء" الالكترونية: هل انتهى الصراع الثلاثي أم أنها جولة من حرب أطول؟ الإجابة على هذا السؤال رهن ما ستكشفه الأيام القادمة من تطورات. ما أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب انتهاء ما أسماه بـ "حرب 12 يوم" حتى تنفست دول المنطقة والعالم الصعداء ومن بينها لبنان.
استبشر لبنان واللبنانيون خيراً بإعلان وقف إطلاق النار، لا سيما أننا كنا نتوقع ونصبو الى صيف حافل وحركة سياحية وانتعاشاً اقتصادياً، عكرّت الحرب الثلاثية صفوه لأيام.
هذا وأعلن رئيس الحكومة نواف سلام خلال زيارة رسمية يقوم بها الى قطر عن "تضامنه مع دولة قطر وإدانته الشديدة للهجوم الإيراني على قاعدة العديد الجوية والذي يعتبر انتهاكاً صارخاً لسيادة دولة قطر ومجالها الجوي، وللقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة". وخلال مؤتمر صحافي جمعه برئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، شدد على "رفض لبنان القاطع لأي اعتداء يُهدّد أمن وسلامة دولة قطر ويُقوّض أمن واستقرار المنطقة".
وخلال الزيارة، عقد الرئيس سلام لقاء ثنائيّاً مع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تبادلا خلاله الآراء ووجهات النظر حول عدد من القضايا المشتركة، وانضم اليه لاحقاً الوفد المرافق، المؤلف من وزير الثقافة غسان سلامة، وزير الطاقة جو صدي، وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني، وزير التنمية الإدارية فادي مكي.
وكشف مصدر مطلع أن الزيارة "ناجحة بكل المقاييس، من حيث الشكل والمضمون"، مشيراً الى أن هناك اهتماماً قطرياً كبيراً بلبنان، من خلال الاستعداد الى تقديم المساعدة في قطاع الكهرباء، وتزويد لبنان بالفيول لتوفير الطاقة الكهربائية خلال فصل الصيف على المدى القصير، أما على المدى المتوسط، فيوجد مشاريع بما يتعلق بالغاز بمعامل إنتاج الكهرباء.
كما أبدت قطر، وفق المصدر، استعدادها للمساعدة في ملف اللاجئين السوريين، وتقديم مساعدات لهم داخل سوريا والعمل مع الحكومة اللبنانية على خطة لإعادتهم الى أراضيهم قريباً. كذلك، ملف إعادة الإعمار كان من أبرز محاور البحث بين الجانبين القطري واللبناني.
ومن ناحية أخرى، أشارت مصادر مراقبة لـ "الأنباء" الالكترونية أن هذه الزيارة مهمة جداً وتحديداً في الوقت الراهن، والتي تزامنت مع إعلان وقف إطلاق النار للصراع الذي كان دائراً في المنطقة، وتأكيد لبنان حياده عمّا كان يجري.
وإذ اعتبرت المصادر أنه من ناحية أخرى وفي الوقت عينه تحتاج الحكومة الى دفع ودعم دولي ضاغط على العدو الإسرائيلي للانسحاب من المواقع التي تتواجد فيها قواته العسكرية، وهذا ما أكده الرئيس سلام في تصريحاته خلال الزيارة للدوحة بقوله أنّ "إسرائيل لم تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان".
وتجدد المصادر التأكيد أن قرار حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية لا تراجع عنه وحُسم، مشيرة الى أن سياسية النأي بالنفس لن يسمح بخرقها، وهذا ما ذكره الرئيس سلام خلال زيارته قطر حين قال تمكّنا خلال الأسبوعين الأخيرين من منع جرّ لبنان لحرب جديدة".
ومع إعلان إنتهاء "حرب 12 يوماً"، عادت الملاحة الجوية الى حركتها المعتادة، بعد تقطّع، بحسب التطورات والمستجدات.
لبنان نال حصته أيضاً وأثر ذلك على الحركة السياحية. وأوضح رئيس اتحاد النقابات السياحية ونقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر أنه نتيجة ما جرى من أحداث أخيرة، ألغيت 90% من الحجوزات للأسبوعين المقبلين، ولن يظهر أي مؤشر قبل 7 الى 10 أيام، وذلك للتأكيد على ثبات وقف إطلاق النار.
ولفت الى أن ما تبقى من فصل الصيف للنشاط السياحي ما يقارب الشهرين على أبعد تقدير. وختم الأشقر متسائلاً: ماذا عن لبنان والاعتداءات الإسرائيلية؟
الوقود النووي والصراع التجاري!
الرئيس الأميركي دونالد ترامب الطامح الى أن يكون رئيسا صانعاً للسلام، أعلن بنفسه وقف إطلاق النار. هذا وأعرب أمس عن عدم رضاه عن البلدين، لافتاً أنهما انتهكتا وقف إطلاق النار، ليؤكد لاحقاً أنه "ساري المفعول". وقال في منشور على منصته "تروث سوشال" إن "إسرائيل لن تهاجم إيران، ستعود كل الطائرات أدراجها وهي تلوح بود لإيران ولن يتعرض أحد إلى الأذى".
الإعلان المفاجئ لترامب، الذي ضج به العالم، دخلت فيه قطر على خط الوساطة. وفي هذا الصدد، أشار رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع رئيس الحكومة نواف سلام، الى أن قطر "بذلت جهوداً مضنية للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، بالرغم من الضربات الصاروخية التي وجهها الحرس الثوري الإيراني إلى قاعدة العديد الجوية في قطر. كما دعا الولايات المتحدة وإيران للعودة مجدداً إلى طاولة المفاوضات بهدف التوصل إلى حل دبلوماسي شامل، متمنياً أن يستمر وقف إطلاق النار وفقاً لما تم الاتفاق عليه.
لا شك أن استمرار الحرب الثلاثية وتوّسع النزاع العسكري بأبعاده "النووية" كان ليخلق تداعيات على الأمن الإستراتيجي للمنطقة، فضلاً عن مؤثراته على الاقتصاد العالمي وأسواق النفط العالمية، خصوصاً أن هذا التفاؤل الحذر، محكوم بالالتزام بوقف إطلاق النار من الطرفين.
على إثر هذه التطورات ماذا سيكون مستقبل المفاوضات الأميركية - الإيرانية حول الملف النووي الإيراني؟
من جهته، في حديث الى جريدة "الأنباء" الإلكترونية، رأى مدير مركز الدراسات الانثروستراتجي، العميد الركن المتقاعد نضال زهوي أن "وقف الحرب بالطريقة التي حدثت لا يعني الدخول في مرحلة التفاوض أو أن الحرب انتهت".
واعتبر زهوي أننا لسنا ذاهبون الى مفاوضات لكن الحرب مستمرة حتى لو انتهت هذه المعركة، إذ أن الأطراف الثلاثة أي واشنطن وطهران وتل أبيب لم تدخل في نقاش حقيقي ومفاوضات حقيقية لإنهاء الصراع، لا بل توقفت المعركة بكل أريحية ودون أي مقابل، على حد تعبيره.
وأشار الى أن "طريقة إنهاء الحرب غير المشروطة في لحظة معينة، تعني أنه يجب إعادة تقييم الموقف بشكل دقيق والعودة الى المعركة بطرق دبلوماسية و إعادة الكرة مرة أخرى، لمعرفة أين توجد المواد المخصبّة التي ممكن أن تستخدمها إيران للردع النووي، لافتاً الى أن إيران ذاهبة باتجاه تأمين الردع النووي من خلال إنشاء رؤوس نووية، فهي تملك كافة التقنيات لصناعة الرؤوس النووية ولديها القدرة على إنتاج صواريخ يصل مداها أكبر بكثير من المدى المطلوب.
وفي سياق متصل، سأل زهوي: لماذا استهدفت هذه المنشآت بعينها وليس منشأة أخرى، فمثلاً منشأة بوشهر تعد منشأة مدنية لإنتاج الطاقة الكهربائية، مشيراً الى أن المنشآت التي استهدفت هي لصناعة الوقود النووي، لافتاً الى أنه إذا وصل التخصيب الى 90% من نظائر اليورانيوم لا يمكن ضبط إذا ما كان للتصنيع المدني أو العسكري.
وأشار زهوي الى أن "إيران تمتلك مخزون كبير من اليورانيوم على أراضيها، وإذا أضحت مخصبّة، أصبحت في منافسة تجارية للوقود النووي في العالم، الذي يكلّف هذه الدول مبالغ كبيرة من المال، ولكن إيران من الممكن أن تُقدم على بيعها بأقل من نصف السعر، كونها تمتلك اليورانيوم كمخزون إستراتيجي على أراضيها ولديها تقنية التخصيب. مضيفاً: "المشكلة ليست في السلاح النووي، ولو كان السلاح النووي الموجود في باكستان أو الهند كان له أثر وممكن أن يفكك دون حصول إشكاليات".
واستخلص زهوي أن "الصراع تجاري على الوقود النووي"، معيداً ذلك الى أن "الطاقة الأحفورية مادة غير تجارية في المستقبل"، إذ أن "المنافسة الحقيقية هي على اليورانيوم لإنتاج الطاقة كطاقة بديلة للطاقة الأحفورية".