Search Icon

الإيجابية السعودية أمنية - تجـــاريّة لا سياسيّة

منذ 13 ساعة

من الصحف

الإيجابية السعودية أمنية - تجـــاريّة لا سياسيّة

الاحداث- كتب ألان سركيس في صحيفة نداء الوطن:"أحدث اتفاق غزة انقلابًا كبيرًا في سياسة المنطقة. وعدا عن توقف الحرب، فقد انتزعت الدول العربية بمساعدة أميركية الورقة الفلسطينية من النظام الإيراني وعادت إلى موقعها الطبيعي. وينتظر كيف سينعكس هذا الأمر على لبنان الذي لم تنته فصول تداعيات حرب «الإسناد» عليه وغارات المصيلح الدليل الأكبر على ما ينتظرنا.

أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب والدول العربية بقيادة المملكة العربية السعودية مسارًا جديدًا وجديًّا للسلام. وبما أن الورقة الفلسطينية عادت إلى الحضن العربي، فلا خوف من المتاجرة بها بعدما عاشت إيران أكثر من 40 عامًا تشتري وتبيع تحت اسم فلسطين.

وبعد الانتهاء من ملف غزة والذي تتسارع خطواته، سينتقل الاهتمام حكمًا إلى لبنان، فالورقة التي أقرّتها الحكومة في 5 و 7 آب الماضي تحتاج إلى متابعة عملية على الأرض، ولا يوجد رضى أميركي على الأداء الموجود، بل هناك شكوى من التباطؤ في التطبيق.

وتفتح السيناريوات اللبنانية على كلّ الاحتمالات. رفض «حزب اللّه» التجاوب مع مطلب سحب السلاح، سيجعل احتمال عودة الحرب مرتفعًا جدًا، وسيحلّ بلبنان ما حلّ بغزة قبل توقيع اتفاق الاستسلام. وبقاء قسم من الدولة والسلطة اللبنانية في موقع المساير لسياسات «الحزب» سيعرّض كلّ لبنان للخطر في حال عادت الحرب. أما الحلّ الوحيد لكلّ تلك المشكلة فهو حزم الدولة أمرها ووقف مسايرة «حزب اللّه» والبدء بخطوات عملية على الأرض لجمع السلاح.

ولا تبدو الدول العربية في موقف مغاير عن موقف واشنطن، وكل عملية الإيحاء بعودة العلاقات اللبنانية - العربية إلى طبيعتها هي محاولات يائسة لذرّ الرماد في العيون. في الشكل، تحرّرت السلطة اللبنانية من قبضة «حزب اللّه» ولم تعد هناك هجومات مباشرة على السعودية ودول الخليج، لكن في المضمون تؤكّد المعلومات وجود حذر خليجي تجاه لبنان خصوصًا إذا لم يسر بالمسار المرسوم للمنطقة وبقي في موقع المساير لـ «حزب اللّه» واستطرادًا لإيران التي بدأت تنكفئ عن المنطقة.

ولم تصل الأمور إلى معاملة الدول الخليجية لبنان مثلما توجّه اندفاعتها تجاه الوضعية الجديدة في سوريا، فعلى سبيل المثال، لا يوجد قرار خليجي بالدخول في عملية إعادة الإعمار مثلما حصل بعد حرب تموز 2006. وليست هناك مساعدات أو استثمارات خليجية ضخمة أو محاولة دراسة سبل الاستثمار مثلما يحصل في دمشق، كلّ المساعدات هي تلبية لحاجات معيّنة أو إنسانية لكي لا ينهار البلد.

وتشير المعلومات إلى أن الخليج يتخذ القرار بأن لا مساعدات طالما هناك بندقية واحدة غير شرعية، فإذا لم تحزم أمرها الدولة وتبسط سيطرتها، فالأمور ستبقى على حالها. أما بالنسبة إلى مؤتمر الرياض المخصّص لدعم الجيش اللبناني والذي سيعقد في الرياض الشهر المقبل، فلا شيء نهائي بالنسبة له، إذ إن التحضيرات لا تزال مستمرّة، وإذا حصل، يكون بفعل توافق سعودي - فرنسي - أميركي، ولا دخل للسياسة به. إذ تفصل هذه الدول الملف العسكري عن السياسي، ففي عز مقاطعة الدول الخليجية لبنان، كانت هناك مساعدات تأتي إلى الجيش والشعب اللبناني، ولم تتوقف.

وإذا كان الملف الاقتصادي الكبير متوقف، فقد علمت «نداء الوطن» أن الرياض ترغب في عودة التبادل التجاري مع لبنان وفتح أسواقها أمام المنتجات اللبنانية، لكن هذا الأمر يتوقف على ثلاثة شروط أساسية هي: أولًا جودة البضاعة اللبنانية، ثانيًا المراقبة على البضاعة وثالثًا ضرب صناعة وتصدير الكبتاغون وكل أنواع المخدّرات.

وفي التفاصيل، تؤكّد المعلومات أن زيارة المسؤولين اللبنانيين إلى الرياض أتت بنتائج إيجابية، فالمملكة لا تريد تدفيع الشعب سياسة «حزب اللّه» وحكّامه، وما يؤخر عملية فتح السوق السعودية هو تركيب ماكينات «السكانر» في مرفأي بيروت وطرابلس وتأخير العملية الأمنية للقضاء على صناعة وتجارة الكبتاغون والمخدّرات، وعندما ينتهي هذا الأمر، ستكون أسواق السعودية مفتوحة أمام الصادرات اللبنانية لكن ضمن مراقبة مشدّدة.

هناك استنتاج في كلّ ما يحصل، أن السعودية التي تقف إلى جانب الشعب اللبناني، تريد اختبار السلطة الجديدة في لبنان، فإذا نجح الاختبار يكون لبنان قد اجتاز مسافة كبيرة في إعادة العلاقات مع المملكة، لكن إذا بقيت السلطة مكانها راوح، فلا انفتاح سياسيًا على لبنان بل ينحصر في المجال الأمني مثل رعاية مؤتمر دعم الجيش وتنظيم العلاقات اللبنانية - السورية، إضافة إلى فتح الأسواق أمام المنتجات اللبنانية لاحقًا إذا قام لبنان بالمطلوب منه.