الأحداث - تُجمع القوى السياسية على أن الغارات الإسرائيلية على المنطقة الممتدة من بلدة النجارية إلى المصيلح (قضاء صيدا- الزهراني) تحمل رسائل نارية موجهة تحديداً إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وجاءت كما قال لـ"الشرق الأوسط" بعد أقل من 24 ساعة على إلحاحه على الحكومة بالالتفات إلى الجنوب بتخصيص بند في موازنة العام 2026 لإعادة إعمار البلدات التي دمّرتها إسرائيل، وفيها بأن إعمارها ممنوع، وهذا ما يكمن وراء تدميرها لأكثر من 300 آلية من جرافات وحفارات ورافعات تُستخدم لإزالة الركام للبدء بورشة الإعمار.
كما أكد الرئيس بري بأن" الرسالة الإسرائيلية بمنع إعادة إعمار البلدات المدمرة وصلته على عجل بتدميرها المعدات والآليات التي تستخدم لرفع الركام وإعادة تأهيل البنى التحتية التي من دونها لا يمكن الشروع في إعمارها. وقال بأن إسرائيل اختارت الوقت المناسب لدخولها بالنار على السجال الذي دار بينه وبين رئيس الحكومة نواف سلام حول تغييب إعمار الجنوب من مشروع الموازنة".
ولفت إلى أن إصرارنا على إعادة إعمار البلدات المدمّرة وتأهيل البنى التحتية هو الرد العملي على مخطط إٍسرائيل بتحويل البلدات الحدودية وبقوة النار إلى منطقة عازلة منزوعة من السلاح ويصعب العيش فيها، وأولى أولوياتنا إعادة بناءها وتأهيل مرافقها الحيوية وبناها التحتية. وسأل الولايات المتحدة الأميركية أين هي مصداقيتها برعايتها، إلى جانب فرنسا، اتفاق وقف النار الذي التزم لبنان بحرفيته، فيما تمعن إسرائيل بمواصلة خروقها واعتداءاتها على مرأى من هيئة الرقابة الدولية التي شُكّلت للإشراف على تطبيقه ويرأسها جنرال أميركي، وتناوب على رئاستها بعد أقل من 11 شهر على تشكيلها ثلاثة من كبار الضباط الأميركيين".
وكشف الرئيس بري بأن "الجنوب هو الآن على موعد مع اجتماع هيئة الرقابة في الخامس عشر من الشهر الحالي. وسأل ما الذي يمنعها من التدخل لدى إسرائيل لتوقف اعتداءاتها وخروقها؟ وهل سينتهي بلا أي نتيجة على غرار اجتماعاتها السابقة منذ أن وافق لبنان على وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه برعاية أميركية- فرنسية في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي؟ وماذا ستقول في ردها على البيانات الصادرة عن قيادة قوات الطوارئ الدولية "يونيفيل" بتحميل إسرائيل مسؤولية خرق الاتفاق وعدم الالتزام به، بخلاف "حزب الله" الذي لم يطلق رصاصة واحدة فور سريان مفعول الاتفاق؟"
ورأى الرئيس بري بأن "لبنان كان ولا يزال مع الحل الدبلوماسي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وسأل أين التحرك الدبلوماسي؟ وكنتُ توصلت إلى اتفاق مع المبعوث الأميركي السفير توم براك قاعدته الأساسية اعتماد التلازم في الخطوات بين لبنان وإسرائيل، ووعدني بأن يعود بجواب بعد زيارته تل أبيب، لكنه عاد بلا جواب، وهذا ما يشجعها على المضي في اعتداءاتها بغياب الضغط الأميركي لإلزامها التقيد باتفاق وقف النار كممر إلزامي لتطبيق القرار 1701؟"
كذلك أضاف "إن لبنان ملتزم بتطبيقه اليوم قبل الغد، وأن إسرائيل بغياب الضغط الأميركي هي من تعطل تنفيذه. وقال نحن أول من رحبنا بإنهاء الحرب في غزة وأيّدنا خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي شكلت الإطار العام للتوصل إلى اتفاق في هذا الخصوص، وكنا نأمل بأن ينسحب على جنوب لبنان، لكن يبدو بأن القرار بيد واشنطن ولديها القدرة للضغط على إسرائيل في حال قررت بأن يشمل جنوب لبنان، وهل لم يحن أوان انسحابها؟ وما هي الموانع التي حالت دون أن ينعم لبنان بدءاً من بوابته الجنوبية بالاستقرار؟ وإلى متى سنبقى على لائحة الانتظار؟"
كما أكد الرئيس بري بأن "الرسالة الإسرائيلية وصلت بمنع إعمار البلدات المدمّرة، وأن الرد عليها لن يكون إلا بوحدتنا الوطنية التي تتطلب منا جميعاً الترفع عن تبادل الحملات والكف عن المهاترات بالتلازم مع تكثيف تحركنا الدبلوماسي كما يجب وعدم الاكتفاء بإصدار البيانات، والتقدم من مجلس الأمن بشكوى تتطلب انعقاده للنظر في العدوان الإسرائيلي الأخير الذي يستهدف بنيتنا الاقتصادية للضغط علينا للدخول معها بمفاوضات مباشرة، وهذا مرفوض بإجماع اللبنانيين، وأن تبرير عدوانها بادعائها بأنها تواصل تدميرها للبنى العسكرية لـ"حزب الله" ليس في محله لأنه أتى على هذا العدد الكبير من الآليات والمعدات التي تستخدم لإعادة الإعمار وليس لشيء آخر. وختم بقوله بأن النيران الإسرائيلية التي أتت على هذا الكم من المعدات والآليات التي نحن في أمس الحاجة لها لإعمار بلداتنا لن تثنينا عن إصرارنا على إعادة إعمارها لمنعها من تحويل القوى الأمامية إلى شريط حدودي على غرار الذي أقامته طوال فترة احتلالها الجنوب قبل تحريره في 25 أيار مايو عام 2000".