Search Icon

«حزب الله» يهاجم سلام ويضع لبنان على حافة الهاوية
لأن بيئته ليست جاهزة للتكيف مع حصرية السلاح

منذ 6 ساعات

من الصحف

«حزب الله» يهاجم سلام ويضع لبنان على حافة الهاوية
لأن بيئته ليست جاهزة للتكيف مع حصرية السلاح

الاحداث- كتب محمد شقير في صحيفة الشرق الاوسط يقول:"يستعد لبنان الرسمي، للدخول في مرحلة سياسية جديدة بتكليف مجلس الوزراء قيادة الجيش وضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية الشهر، وعرضها عليه لتطبيقها قبل نهاية هذا العام؛ ما يتيح له استرداد سيادته على أراضيه كافة، التي كان تنازل عن جزء منها بتوقيعه مع منظمة «التحرير الفلسطينية» في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 1969 على «اتفاق القاهرة» الذي سمح لحركة «فتح» بالتواجد عسكرياً في إقليم العرقوب المحاذي للحدود اللبنانية مع إسرائيل؛ ما أدى إلى إقحام البلد في حرب الآخرين على أرضه وتحويله جبهةً مشتعلة، بينما استبق «حزب الله» جلسة الخميس بفتح النار على سلام وحكومته بما ينذر بإقحام البلد بأزمة مفتوحة ويضعه على حافة الهاوية ما لم تنجح المساعي بتطويق تداعياتها ومنعها من التفلت.

ورغم أن «حزب الله» بلسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم اختار التوقيت السياسي، بالتزامن مع انعقاد الجلسة التاريخية لمجلس الوزراء التي خُصصت للبحث بحصرية السلاح استكمالاً لما ورد في البيان الوزاري للحكومة في هذا الخصوص، لتمرير رسالة عالية النبرة برفضه البحث في اتفاق ثانٍ تحت سقف استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان، ومطالبته بتنفيذ الاتفاق الأول الذي تم التوصل إليه في 27 نوفمبر الماضي الذي التزم به الحزب، وامتنعت إسرائيل عن تطبيقه.

رفض لخطاب قاسم

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر وزاري أن خطاب قاسم حضر على طاولة البحث في مجلس الوزراء، وقوبل برفض من قِبل أكثرية أعضاء الحكومة، بذريعة أنه يتصرف وكأن الأمر له، ويتوخى منه الضغط على المجلس لمنعه من وضع جدول زمني لحصرية السلاح غير آبه للوضع المأزوم في البلد، ولا للضغوط الدولية والعربية بسحب السلاح غير الشرعي.

وكشف المصدر عن أن رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون سعى منذ الدقائق الأولى لانعقاد الجلسة لإقناع الوزراء بحصر النقاش بالشق المتعلق بحصرية السلاح من دون أن يلتزم بجدول زمني لتطبيقه، لكن رفض قاسم التوصل إلى اتفاق جديد برعاية الوسيط الأميركي توم براك كان وراء تشدد رئيس الحكومة نواف سلام وأكثرية الوزراء، بذريعة أن مجرد الرضوخ لضغط الحزب سيؤدي إلى ارتفاع منسوب الضغوط الدولية على لبنان، بدلاً من احتوائها، وكان الأجدر بقاسم وقوفه خلف الدولة في مفاوضاتها لإلزام إسرائيل بالانسحاب تطبيقاً للقرار 1701 وقاعدته الأساسية بسط الدولة سيادتها على أراضيها كافة.

لا تأزم في جلسة الحكومة

واستغرب ما تردد بأن التوتر سيطر على الجلسة بتبادل المواقف الحادة بين وزيري حركة «أمل» تمارا الزين، و«حزب الله» راكان نصر الدين، وبين سلام والوزراء المؤيدين لوضع جدول زمني لسحب سلاح الحزب تطبيقاً لحصريته بيد الدولة. وقال إنهما عرضا وجهة نظرهما بهدوء، واقترحا أن يقتصر موقف الحكومة بالتأكيد على حصرية السلاح استكمالاً لتطبيق البيان الوزاري الذي خلا من جدول زمني لحصريته، على أن يترك تطبيقها لمشاورات سياسية بين الكبار من خارج مجلس الوزراء؛ كون أنهما من التكنوقراط ويشغلان حقيبتين بحسب اختصاصهما.

وأكد المصدر أن التأزم الذي كان يحاصر الجلسة من الخارج لم يكن حاضراً في المداولات، وقال إن الزين اقترحت تأجيل البحث 48 ساعة؛ ليكون في وسعها التواصل مع المرجعية السياسية التي تمثلها. وسألت ما المانع من تأجيلها؟ وألا يحق لنا المطالبة بذلك في حين الوزراء المحسوبون على «القوات» يعترضون على التعيينات بذريعة أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء لم توزع عليهم السيرة الذاتية للمرشحين لشغل مراكز إدارية في الدولة قبل 48 ساعة من انعقاد الجلسة، أفلا يحق لنا المعاملة بالمثل؟ مع أن الموضوع المطروح سياسي بامتياز ويتعلق بمصير البلد.

وقال إن الزين ونصر الدين انسحبا بهدوء من الجلسة ولم يتجاوبا مع طلب سلام بالبقاء إلى حين رفعها مع الاحتفاظ بحقهما بمعارضة القرار، مستبعداً مقاطعة وزراء الثنائي الشيعي جلسة الخميس المخصصة لمناقشة الأفكار التي طرحها برّاك لمساعدة لبنان لوضع آلية لتطبيق وقف النار بكل مندرجاته في ضوء الرد الرئاسي عليها، وإن كان حضورهم ليس محسوماً ويتوقف على ما سيقرره رئيس المجلس النيابي نبيه بري بتشاوره مع «حزب الله» لتوحيد موقفيهما من الجدول الزمني لتطبيق حصرية السلاح.

ارتياح عربي ودولي

وقرار الحكومة قوبل ببوادر ارتياح دولي وعربي من شأنه أن يؤدي إلى تراجع الضغوط على لبنان، وانفتاح المجتمع الدولي عليه لدعم مطالبته بإلزام إسرائيل بالانسحاب من الجنوب وإطلاق الأسرى التزاماً منها بما طرحه برّاك مشمولاً بإخلائها للتلال الخمس على مرحلتين.

في المقابل، لا بد من التريث بانتظار توصل الثنائي الشيعي لتقويمه حصيلة الأجواء التي سادت الجلسة ليبني على الشيء مقتضاه، وإن كانت الأنظار مشدودة إلى ما سيرسمه بري في تعاطيه مع المرحلة الجديدة التي يستعد لبنان للدخول فيها؛ لما له من دور في ضبط إيقاع رد الفعل بمنع نقل الصراع السياسي إلى الشارع، رغم أن وضع جدول زمني لحصرية السلاح يستدعي حكماً تشاور قيادة الجيش مع «حزب الله» بخصوص مراحل تنفيذها لتهيئة الأجواء أمام وضعها على نار حامية لتطبيقها بما يحفظ السلم الأهلي.

لكن الحزب استبق موقفه الموحد مع حليفه بري بإصدار بيان شديد اللهجة ضد الرئيس سلام وحكومته، هو أشبه ببيانه ضد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عندما اتهمها بوضع يدها على شبكة الاتصالات الخاصة به، وأدت إلى اقتحام محازبيه بيروت في 7 مايو 2008، والآخر ضد حكومة الرئيس سعد الحريري، مطالباً إياها بإحالة شهود الزور في جريمة اغتيال والده الرئيس الأسبق رفيق الحريري على المجلس العدلي ومحاكمتهم، وإسقاطها أثناء اجتماعه بالرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما، مبرراً موقفه، كما يقول مصدر في الثنائي الشيعي، بأنه تعرّض لهجوم سياسي مضاد يراد منه حشره من قبل خصومه الذين أبدوا حماسة للضغط الأميركي الذي يستهدفه، ليس للتخلص من سلاحه وتأليب بيئته عليه، خصوصاً أنها ليست جاهزة للتكيّف مع تسليم سلاحه، وإنما لاستئصال دوره في المعادلة السياسية والحد من نفوذه بصفته شريكاً في السلطة.

فهل تنجح مساعي اللحظة الأخيرة، وبدور مميز لـبري بتعاونه مع عون في انتزاع الضمانات من الولايات المتحدة الأميركية بإلزام إسرائيل بوقف عدوانها والانسحاب بما يفتح الباب أمام استعداد «حزب الله» ليعيد النظر بموقفه من الحكومة، أم أن البلاد ذاهبة إلى موجة من التصعيد السياسي يصعب السيطرة عليها، رغم أن لا مصلحة للحزب بأن يكون وحيداً في مقارعة خصومه في وقت هو أحوج إلى إخراج البلد من تأزمه لأنهم يحمّلونه مسؤولية ما حل به من دمار بتفرّده بإسناده لغزة؟