Search Icon

صراع تعديلات متصادمة على حلبة الانتخابات
عون: مشكلتنا بمَن يبخّ السمّ... بري: لتقم "الميكانيزم" بدورها

منذ ساعة

من الصحف

صراع تعديلات متصادمة على حلبة الانتخابات
عون: مشكلتنا بمَن يبخّ السمّ... بري: لتقم الميكانيزم بدورها

الاحداث - كتبت صحيفة "الجمهورية" تقول:الأفق الأمني مغلقة فيه كلّ طاقات الإنفراج، وخاضع بالكامل إلى مزاجية إسرائيل التي تضع لبنان من أقصاه إلى أدناه على منصة الإستهداف، مطمئنّةً إلى غياب الرادع الحقيقي لها والكابح الصارم لعدوانيّتها المتمادية الذي تقود هذا البلد نحو منزلقات خطيرة، في وقت يبدو فيه الجمود مستفحلاً على خط الجهود والمساعي، بعد إحباط إسرائيل لكلّ المبادرات والحراكات الخارجية (آخرها المسعى المصري)، الرامية إلى بلورة حلول تنهي هذا العدوان، وتُلزم إسرائيل بالإلتزام باتفاق وقف إطلاق النار الذي تستبيحه منذ إعلانه في تشرين الثاني من العام الماضي.

وأمّا الأفق السياسي، فلا يقلّ إرباكاً وانسداداً، فالعلاقات بين المستويات الرفيعة في الدولة مكهربة، والمجلس النيابي شبه معطّل، فيما الحكومة باتت أشبه ما تكون بتصريف أعمال من دون مستوى المرحلة ومتطلّباتها، وتوازي ذلك، مراكمة عوامل التوتير والافتراق الكبير، سواء حول ملف السلاح أو الملف الانتخابي المفخّخ بعبوة «تصويت المغتربين»، التي نثرت في أجوائه تساؤلات وشكوكاً حول مصير هذا الاستحقاق.

 

بنك تعديلات

انتخابياً، ينتظر مجلس النواب أن تُحيل الحكومة إليه مشروع القانون المتعلّق بالإجازة للمغتربين التصويت للنواب الـ128 بحسب دوائرهم، وفترة الانتظار الذي دخلها المجلس النيابي منذ الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، حوّلت المجلس إلى حلبة مفتوحة على كل ما ليس في الحسبان، ووفق المعلومات، فإنّ الكواليس النيابية مزدحمة بالنقاشات والمداولات وجَسّ النبض بين التناقضات السياسية، وأكّدت بما لا يرقى إليه الشك أنّ المعركة السياسية السابقة للاستحقاق الإنتخابي أصعب بكثير من العمليات الانتخابية نفسها. وأمّا الصعوبة الكبرى، فتحوم في أجواء المتحمّسين لمشروع تصويت المغتربين الذين لا يضمنون أن يتمكنوا من تحقيق هذا الهدف، وتعديل القانون الإنتخابي النافذ بالشكل الذي يُريدونه.

ووفق الأجواء النيابية والسياسية، فإنّ مشروع الحكومة، لا يُشكّل العنوان الوحيد للإشتباك والصراع المحموم المنتظر بين التناقضات السياسية، بل هو يسقط على ما يبدو أنّه «بنك تعديلات» رُصِدَت فيه مجموعة كبيرة من الإقتراحات في موازاته أو بالأحرى مواجهة المشروع الحكومي، وبعض تلك الإقتراحات يذهب إلى مسافات واسعة أبعد بكثير من الإجازة للمغتربين بالتصويت لكل أعضاء المجلس النيابي.

وإذا كان مشروع تصويت المغتربين يُعتبَر تعجيزاً من قِبل أطراف لأطراف آخرين، وفرصة مؤاتية لتحقيق غلبة المتحمّسين له على سائر الآخرين، فإنّ الإقتراحات الموازية له، تتضمّن بدورها تعديلات جوهرية على قانون الإنتخابات النافذ، أقلّ ما يُقال فيها إنّها تعجيزية، وخصوصاً أنّ بعضها يتجاوز قليلاً الشق التقني كالبطاقة الإنتخابية والـ«ميغاسنتر» وما شابه ذلك من تقنيات، بطرح إجراء الإنتخابات في أيار المقبل وفق أحكام القانون الإنتخابي النافذ مع إلغاء تصويت المغتربين بشقَّيه الخارجي والداخلي، أي في الخارج للنواب الستة على مستوى القارات الست، ومن الخارج للمقيمين في لبنان، وأمّا بعض الإقتراحات الأخرى، فيتضمّن جوهريات تنسف القانون الإنتخابي من أساسه، ومنها:

أولاً، إقتراح يرمي إلى قانون انتخابي قائم على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية.

ثانياً، إقتراح يرمي إلى قانون انتخابي قائم على المحافظات دوائر انتخابية، وفق ما نصّ عليه اتفاق الطائف.

ثالثاً، إقتراح تعديل دستوري بتخفيض سن الإقتراع إلى 18 سنة.

رابعاً، إقتراح يقضي بوقف العمل بصوت تفضيلي واحد، بل يقترح رفع النسبة إلى صوتَين تفضيليَّين.

 

الإحتمالات مفتوحة

في هذه الأجواء الصدامية، يؤكّد مصدر سياسي لـ«الجمهورية»، أنّ المشروع الحكومي في حال وصل إلى المجلس النيابي، فثمة أصول تتَبع حياله قبل إدراجه في جدول أعمال جلسة تشريعية، إذ يُفترَض أن يُحال إلى اللجان النيابية المختصة لدراسته، ليس فقط من عنوانه وجوهره وما يرمي إليه، بل في الأسباب الموجبة التي يرتكز عليها. لكن بمعزل عن كيفية التعاطي مع هذا المشروع، فإنّ الأجواء على ما هي عليه من تباعد وانقسام وإرادة جدّية بالصدام، تُغطّي أفقاً سياسياً مسدوداً بتصلّب كل فريق على موقفه وعدم التراجع عنه، ما يجعل من العثور على معبر آمن للانتخابات النيابية أمراً مستحيلاً.

ورداً على سؤال، يقول المصدر عينه، إنّ من الطبيعي في هذه الأجواء أن يجري الحديث عن احتمالات مفتوحة، وتُرسَم في الأجواء علامات استفهام حول الاستحقاق الانتخابي برُمّته. إلّا أنّ هذا الأمر لا يغيّر في القرار الحازم على مستوى الدولة وكل سلطاتها ورئاساتها، بأنّ الإنتخابات ستجري في موعدها المُحدَّد في أيار المقبل، والأرجح أن تجري وفق القانون النافذ حالياً. علماً أنّ جهات داعمة لتصويت المغتربين تُروّج في أوساطها أنّ تحقيق هذا الهدف تعتريه صعوبة كبرى، ولعلّ أكثر تلك الصعوبات هو تعمّد رئاسة المجلس النيابي تمييع مشروع الحكومة وعدم إدراجه في جدول أعمال جلسة تشريعية لمجلس النواب، كما أنّ تلك الجهات تتهامس في ما بينها بأنّ ظروفاً ما قد تطرأ وتفرض تأجيلاً للإنتخابات، وتمديداً للمجلس النيابي الحالي لسنة أو لسنتَين أو ربّما أكثر.

 

لا تأجيل

وحول هذا الموضوع، سألت «الجمهورية» مرجعاً سياسياً عمّا إذا كان احتمال تأجيل الإنتخابات وارداً، فأجاب: «لا تأجيل للإنتخابات ولا تمديد ولَو دقيقة واحدة لمجلس النواب، فليس ثمة ما يمنع إجراءها. الدولة بكل مستوياتها تريد الإنتخابات وتؤكّد عليها، ووزارة الداخلية أكّدت بلسان وزيرها أنّها على جهوزية تامّة لإجرائها. علماً أنّه كان هناك هناك طرح لتأجيل هذه الانتخابات لبضعة أسابيع، أو شهر على أبعد تقدير، إفساحاً في المجال أمام مَن يُريد من المغتربين المجيء إلى لبنان للمشاركة في عملية الإقتراع، أمّا وقد حصل ما حصل وتبنّوا تصويت المغتربين، فلم يَعُد لهذا الطرح من وجود، وبالتالي فإنّ الإنتخابات في موعدها».

 

إلى ذلك، أكّد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، أمام وفد نقابة المحرّرين أمس، أنّه مُصرّ مع رئيسَي مجلسي النواب والوزراء نبيه بري ونواف سلام، على إجراء هذه الإنتخابات في موعدها، إنّما على مجلس النواب لعب دوره. وأضاف: «نحن نسير على طريق إجراء هذا الاستحقاق الدستوري، إنّما صيغة القانون الذي ستُجرى على أساسه، تعود إلى البرلمان، قد يكون هناك مَن لا يرغب في حصول الإنتخابات، وهذا هو واقع لبنان، إنّما في ما يخصّني مع الرئيسَين بري وسلام، فهناك تمسّك بإجراء الإنتخابات النيابية، والحكومة قامت بواجبها في هذا الموضوع، وانطلاقاً من مبدأ فصل السلطات، لا يمكنها لعب دور مجلس النواب، وهذا ما نصّ عليه الدستور واتفاق الطائف».

وأشار، حول التفاوض مع إسرائيل، إلى أنّ لبنان لم يتسلّم رسمياً أي موقف أميركي واضح بشأن هذا الطرح، وأنّه في انتظار وصول السفير الأميركي الجديد إلى لبنان الذي قد يحمل معه جواباً إسرائيلياً، وأنّ ما قاله الرئيس بري في هذا الخصوص، موازٍ تقريباً لمسألة المفاوضات حول الحدود البحرية التي كانت قد تمّت سابقاً، وأنّ لجنة «الميكانيزم» موجودة وهي تضمّ كل الأطراف ويمكن إضافة بعض الأشخاص إليها إذا اقتضى الأمر.

وطمأن إلى أنّ أموال المودعين خط أحمر، وأنّه «لا يزال يحدوه الأمل ببناء لبنان الجديد،، وأنّ الفُرَص أمامنا كبيرة جداً»، إلّا أنّه لفت إلى «أنّ البعض لا تزال تستهويه صراعات داخلية لا فائدة منها، وكلٌّ يُريد أن يشدّ عصب مجموعته، إذ نحن في سنة إنتخابية. هذا حق كل شخص، ولكن لا يحق لأحد أن يُشوّه صورة لبنان بالسلبيات، وأن يوقِظ الوحش الطائفي والمذهبي، وتحريك العصبيات من أجل مصالح خاصة لا تؤدّي بالبلد إلّا إلى الخراب».

 

ورداً على سؤال، أوضح: «الرئيس الأميركي لديه مشروعه في المنطقة، وهو قائم على الاستقرار والأمن فيها. ونحن لدينا مشروعنا وقوامه وقف الإعتداءات وتحرير الأرض واستعادة الأسرى، ونقوم بما تقتضيه مصلحة بلدنا. وهناك حكومة هي المسؤولة وحدها، ولا أحد غيرها. وأنا أسأل: هل لغة الحرب قادرة على إيصالنا إلى نتيجة؟ عندما لا تؤدّي الحرب إلى أي نتيجة، فإنّها تنتهي بالديبلوماسية، ونحن لدينا تجارب سابقة وهي الحدود البحرية». وأضاف عون: «مشكلتنا، كما ذكر لي بعض المسؤولين الأميركيِّين أنفسهم، أنّ بعض اللبنانيِّين الذين يقصدون الولايات المتحدة «يبخّون سمّاً» على بعضهم البعض، وهم مصدر الأخبار المسيئة. لقد أصبح بعض اللبنانيِّين لا يرحمون حتى أنفسهم. وأنا بتُّ أستلم نفياً من الأميركيِّين على الذي يُقال. هناك فئة من اللبنانيِّين همّها تشويه الصورة، وهي لا تقصد الأميركي لتنقل إليه حقيقة الأمر. عليك أن تقول للأميركي الحقيقة كما هي لا كما يُحبّ أن يسمعها، مثلما يفعل بعض اللبنانيِّين، وهو يقتنع عندذاك».

ورداً على سؤال أكّد: «كلمة حق تُقال، فـ«حزب الله» لا يتعاطى في منطقة جنوب الليطاني، والجيش وحده يقوم بواجباته على أكمل وجه». وعن فكرة الدعوة إلى حوار وطني، اعتبر الرئيس عون أنّه قبل إجراء الإنتخابات النيابية، سيكون الحوار بمثابة «حوار طرشان».

 

بري

بدوره، أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام وفد موسع من اللقاء الروحي العكاري، الذي ضمّ ممثلين عن كافة الطوائف الروحية في محافظة عكار، «أنّ لبنان في هذه المرحلة بأمسّ الحاجة إلى هذا المزيج الحقيقي الذي يمثله قولاً وعملاً اللقاء الروحي العكاري، والذي يختصر في تكوينه صورة لبنان الحقيقية في العيش الواحد وفي الوحدة الوطنية». وأضاف: «صدقوني بأنّ لبنان لن يكون لبنان من دون هذه الصيغة الفريدة في المنطقة التي تمثل نقيضاً لعنصرية إسرائيل، وإنّ الجنوب اللبناني ومنذ نشأة الكيان الإسرائيلي دفع ثمن التاريخ والجغرافيا، ليس لأنّ أبناءه من طائفة محدّدة بل العكس، فالجنوب بتعدّد طوائفه يُشبِه إلى حدٍّ كبير عكّار وإقليم الخروب، وإنّ المخاطر الإسرائيلية التي هدّدته ولا تزال تُهدّده، إنّما هي مخاطر تُهدِّد كل اللبنانيِّين الذين هم مطالبون بمقاربة هذه المخاطر والتحدّيات والتداعيات مقاربة وطنية، وبأن يكونوا جميعاً جنوبيِّين في الجرح والهمّ والألم والأمل».

وتابع الرئيس بري: «أنتهزها مناسبة ومن خلالكم، لأجدِّد توجيه الشكر لكل المناطق اللبنانية عامة والشمال وعكار خصوصاً، الذي كان لبنانياً جنوبياً في استضافته ومؤازرته للنازحين من أبناء الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت خلال العدوان الإسرائيلي الأخير».

وجدّد بري المطالبة بوجوب أن تضطلع لجنة «الميكانيزم» بدورها، وكذلك الدول الراعية لإتفاق وقف إطلاق النار، لجهة إلزام إسرائيل بوقف عدوانها على لبنان وانسحابها من الأراضي التي لا تزال تحتلها في الجنوب.

وأكّد الرئيس بري، بأنّ كل المصائب التي يعاني منها لبنان على المستوى الداخلي ناجمة عن الهروب من تنفيذ البنود الإصلاحية في اتفاق الطائف، لا سيما البند المتصل بتحقيق الإنماء المتوازن، الذي وللأسف محافظة عكار بما تعانيه من حرمان هي ضحية عدم تنفيذ هذا البند ولغياب الإنماء المتوازن.

 

مستشارة ماكرون وغوتيريش

على صعيد آخر، تزور بيروت اليوم مستشارة الرئيس الفرنسي آن كلير لوجاندر، وتجري لقاءات مع الرؤساء الثلاثة، لبحث التهدئة في الجنوب وحث إسرائيل على وقف الإعتداءات.

من جهة ثانية، وفيما لوحظ أنّ إسرائيل تواصل أعمال بناء جدار إسمنتي على الحدود خلف الخط الأزرق على طول المساحة المقابلة لسهل يارون حتى موقع «الحدب»، كثّف الطيران الحربي والمسيّر الإسرائيلي تحليقه في الأجواء اللبنانية.

 

وفي سياق متصل، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أنّ وجود القوات الإسرائيلية شمال الخط الأزرق وغاراتها على لبنان انتهاك لسيادة لبنان وللقرار 1701. ودعا كل الأطراف إلى حماية المدنيين وتهيئة الظروف لحوار يؤدّي لوقف دائم لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وأكّد على وجوب أن يكون السلاح بيَد الدولة اللبنانية وحدها وأن تمارس سيادتها الكاملة على أراضيها.