الاحداث - كتبت ماريان صّوان
أقدمت القاذفات الأميركية من طراز B-2 Spirit فجر اليوم على إطلاق صواريخ B-57 الخارقة للتحصينات، مستهدفة منشأة "فوردو" النووية. بالتزامن، أطلقت غواصات هجومية أميركية متمركزة في الخليج العربي وبحر العرب صواريخ "توماهوك" باتجاه منشأتَي "نطنز" و"أصفهان".
عن عنصر المفاجأة: هل صُدِمت طهران فعلًا؟
الضربة الأميركية أثارت ردود فعل واسعة في الأوساط السياسية، خصوصًا لناحية توقيتها. البعض رأى أن الإيرانيين تفاجأوا، غير أن العودة لتصريح سابق للرئيس الأميركي دونالد ترامب يُظهر أنه ألمح إلى هجوم خلال أسبوعين، ما يطرح فرضية أن إيران قد تكون كانت على دراية مسبقة.
لكن في حال لم تكن تعلم، فهذا يعني وقوعها مجددًا في فخ التضليل الإعلامي الأميركي، كما حصل خلال الهجوم الإسرائيلي السابق، حين باغتتها الضربة أثناء مفاوضات مع واشنطن رغم تصريح ترامب بأنه كان على علم بها مسبقًا.
ما بعد الضربة: سيناريوهات الردّ الإيراني
أمام طهران عدة خيارات، تتراوح بين التصعيد الكبير والاحتواء المرحلي:
السيناريو الأول: ردّ عنيف وتصعيد شامل
يتضمّن هذا الخيار قصفًا صاروخيًا مباشرًا على إسرائيل باستخدام صواريخ باليستية وفرط صوتية، وربما محاولة استهداف مفاعل ديمونا. كذلك قد يُغلق مضيق هرمز من قبل الحرس الثوري ومضيق باب المندب من قبل الحوثيين، ما سيؤدي إلى أزمة كبرى في أسواق النفط العالمية. وإذا سلكت طهران هذا الخيار، فذلك يؤشر على أن الضربة الأميركية سببت ضررًا فعليًا رغم النفي الإيراني.
السيناريو الثاني: ردّ محدود وحسابات داخلية
يُرجّح هذا السيناريو في حال قررت إيران الاكتفاء بردّ رمزي لحفظ ماء الوجه، خصوصًا في ظل ما تسرّب عن رسالة أميركية غير رسمية مفادها أن هدف الضربة لم يكن تغيير النظام. هذا يفسّر تصريحات طهران بأن المنشآت المستهدفة كانت قد أُخليت سابقًا، وأن الأضرار قابلة للإصلاح، كما لم يُرصد أي تسرب إشعاعي.
جدير بالذكر أن وسائل الإعلام الإيرانية أشارت إلى تفعيل الدفاعات الجوية حول "فوردو" قبل ساعة من الضربة، ما يعزز فرضية العلم المسبق، خاصة بعد الضجة الإعلامية الأميركية عن نوع القاذفات ومواقع الإطلاق، وإخلاء عدة قواعد أميركية في المنطقة.
هجوم بلا خاسر؟
المفارقة أن كل طرف ادّعى النصر:
واشنطن تؤكد نجاح الضربة وتحقيق هدفها. إيران تؤكد بقاء النظام وعدم المسّ باليورانيوم العالي التخصيب، نافية أي خسارة حقيقية.
إسرائيل تعتبر الهجوم ضرورة قصوى لضرب التهديد النووي الإيراني.
لكن هذا يطرح تساؤلًا جوهريًا: ما الهدف الحقيقي؟ وهل الضربة كانت لشلّ البرنامج النووي، أم مجرّد رسائل سياسية تحت غطاء عسكري؟
هل كانت الضربة "استرضاء انتخابيًا"؟
تُطرح فرضية أن هذه الضربة لم تكن إلّا محاولة من ترامب لإرضاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وضمان دعم اللوبي اليهودي في الانتخابات النصفية عام 2026، حيث يسعى الجمهوريون للحفاظ على أغلبيتهم في الكونغرس، في ظل سعي الديمقراطيين لاستعادة 35 مقعدًا.
الضربة الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية قد تكون نقطة تحوّل، أو فصلًا عابرًا في مسرح سياسي معقّد. ما نراه اليوم ليس نهاية، بل بداية لمرحلة جديدة، قد تتّسم إما بتصعيد تدريجي أو مفاوضات جديدة على قواعد مختلفة.