Search Icon

عطر ترامب ووصفة العراق... ولبنان الحربين!

منذ ساعة

من الصحف

عطر ترامب ووصفة العراق... ولبنان الحربين!

الاحداث- كتب نبيل بو منصف في صحيفة النهار يقول:"

ليس من اللائق أن تطرح معادلات سياسية إقليمية إيجابية من منظار سلبي لتبرير سوء الأحوال وتخبطها وتعثر مساراتها في لبنان. من ذلك مثلاً أن نقول كان ينقص لبنان أن تمر الانتخابات العراقية بحدود عالية من النجاح والاستقرار المؤسساتي أياً يكن ما سينجم عن نتائجها في الواقع الداخلي والإقليمي العراقي، لكي تضاف هذه التجربة مادة تعيير للبنانيين بأنهم يتخلفون قدماً عن مجاراة دول المحيط الأقرب والأبعد كسوريا والعراق في المقام الأول.

ولكن غالباً ما حفلت الاستعارات الصحافية والإعلامية اللبنانية والعراقية بتسميات تعكس أوجهاً من التشابه العميق في الانقسامات والصراعات أو التسويات الطائفية أو الصراعات الإقليمية بين المحاور إياها، في كل من لبنان والعراق. حتى أن أسوأ الاستعارات كانت في إسقاط "اللبننة" أو "العرقنة" على مسارات الحروب والصراعات الدموية المتعاقبة تبعاً لظروف كل من البلدين.

"انضمت" سوريا إلى نادي البلدان التي تداخلت فيها الاستعارات والمقارنات مع لبنان بعدما توّج نظام الأسد رعونته الكارثية الإجرامية بتفجير ثورة شعبه عليه، ولكنّ أحداً لم يذهب خياله الخلاق إلى حدود تصور أن يحل يوم يغدو فيه أحمد الشرع "الجولاني"، الذي قام "الرئيس الملك" دونالد ترامب، وبمجاملة مذهلة، بتعطيره بعطره الخاص، أن يغدو نموذج تعيير لمسؤولي لبنان وطبقته السياسية قاطبة بأنه نموذج البراغماتية الذي يتعين الاقتداء به لقيادة بلدهم الفاشل نحو الدول الناجحة.

ترانا سنكون بعد الآن إذن أمام تعيير الدول الغربية قاطبة لنا بأننا المتخلفون عن ركب "السورنة" الحديثة الاستيلاد و"العرقنة" الماضية في تطوير انتظامها، ولا ندري ما إذا كنا سنشهد ما لا يخطر ببال بعد بأن تغدو غزة إياها أحد مسارب الاستعارات والتعيير والحضّ على التماثل! يحدث ذلك ولبنان على مشارف "شبح الحربين" اللتين تتهددانه بدرجات متساوية من الخطورة: حرب إسرائيلية يكاد ألا ينقص اندلاعها سوى إعلان توقيتها السافر وتحديد الساعة الصفر. وحرب سياسية بكل معايير الانقسامات التي تتهدد الواقع الداخلي والدستوري والسياسي المتصلة بتطور الخلاف وتعمقه بشأن قانون الانتخاب، بما سيتهدد فعلاً بأزمة من عيار الأزمات التي تسببت سابقاً بفراغات رئاسية وشلّت الانتظام وعمّقت أزمة النظام كلاً.

بهذه المفارقة الصادمة، وأمام مشهدين سوري وعراقي، لا يمكن اللبنانيين إلا أن يدققوا في تفاصيلهما، يهرول لبنان نحو مصير مجهول معلوم إلى حدود التساؤل والقلق مسبقاً، عما ستتركه زيارة البابا لاوون الرابع عشر لبيروت، ولو مرت أو سمح بتمريرها بسلام، إذا انفلت بعدها زمام الأمور واتجه لبنان نحو حرب مدمرة جديدة من جهة، وأزمة متفجرة تتهدد الانتخابات النيابية والواقع السلطوي والسياسي برمته من جهة أخرى.

ليس في هذا الرسم البياني للواقع الحالي للبلد أي مغالاة ما دامت الجبهة الداخلية الحامية الرؤوس، المتمثلة بفريق الثنائي الشيعي، تمضي قدماً نحو شحن المشهد بمسببات الحرب أسوة بمتاريس الأزمة السياسية وأكثر. سيكون البلد على موعد وشيك مع انفجار التحدي الداخلي بسبب قطع الطريق على مشروع الحكومة الذي يتيح انتخاب المغتربين لمجموع النواب، فيما يرتفع منسوب خطر الحرب الجديدة بين إسرائيل و"حزب الله" بعد مرور السنة الأولى على اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي تطيحه الانتهاكات وحرب السرديات، والأهم ضعف الدولة اللبنانية في تثبيت سيطرتها المطلقة الأحادية لمنع إسرائيل والحزب، من المضي في تمزيق أمن لبنان واستقراره وسيادته الناجزة الكاملة. سيحتاج لبنان تالياً للنجاة من هذا الهول، إلى ما يفوق بكثير ما يعيرنا به الشامتون!