الاحداث – كتبت صحيفة "الديار": بالتوازي مع التصعيد العسكري الاسرائيلي المتواصل، والذي بلغ مداه الأسبوع الماضي، عادت واشنطن لتشدد الخناق المالي على حزب الله. فبعد حزمة العقوبات التي أعلنتها وزارة الخزانة الأميركية الأسبوع الماضي، وقالت إنها «استهدفت أفرادا وشركات صرافة تورّطوا في تسهيل تحويل عشرات ملايين الدولارات من إيران إلى حزب الله خلال عام 2025»، زار وفد من الخزانة برئاسة نائب مساعد الرئيس الاميركي لشؤون مكافحة الارهاب سيباستيان كورغا، رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، لحثّ لبنان على اتخاذ مزيد من الاجراءات لتجفيف تمويل حزب الله.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الديار» إنه «وبعد كل التضييق والاجراءات التي اتخذت في السنوات الماضية، لقطع كل وسائل وسبل تمويل حزب الله عبر ايران كما من دول أخرى، نجح الحزب في تأمين سبل وآليات جديدة لمدّه بالمال، لذلك حمل وفد الخزانة سلسلة مطالب الى لبنان الرسمي، للتصدي لهذه المحاولات واتخاذ اجراءات أكثر تشددا».
وأشارت المصادر الى أن «واشنطن تعتبر منع تمويل الحزب، جزءا من الحرب التي يتم شنها عليه، ولن تقبل من الدولة اللبنانية بأي طريقة من الطرق التهاون بهذا الملف».
مواقف عون
وبحسب بيان صادر عن الرئاسة الأولى، فقد أبلغ رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون الوفد الأميركي، «أن لبنان يطبق بصرامة الاجراءات المعتمدة، لمنع تبييض الأموال أو تهريبها، أو استعمالها في مجال تمويل الارهاب، ويعاقب بشدة الجرائم المالية مهما كان نوعها». واشار إلى أنه في هذا المجال، «أقر مجلس النواب تعديل قانون السرية المصرفية، واعادة هيكلة المصارف، وكذلك التعاميم التي تصدر عن مصرف لبنان في هذا الشأن». واوضح «أنّ الحكومة في صدد انجاز مشروع قانون ما يعرف بالفجوة المالية، والذي من شأنه ايضا ان يساعد في انتظام الوضع المالي في البلاد».
وتناول البحث ايضا الاتصالات الجارية مع صندوق النقد الدولي، والسبل الآيلة إلى التوصل إلى اتفاق مع الصندوق في اطار دعم لبنان، للمساعدة في إخراجه من الوضع الاقتصادي الراهن. كما تم التطرق الى الخطوات الواجب اعتمادها، لإنعاش القطاع المصرفي من جديد، ليكون انسياب المال طبيعياً ووفق النظم المالية المعتمدة دوليا.
ولفت عون إلى أنّه في موازاة الاجراءات المالية المتخذة، «يعمل الجيش والأجهزة الامنية على ملاحقة الخلايا الارهابية، وإحالة أفرادها إلى القضاء المختص، وبالتالي احباط اي محاولة لزعزعة الامن والاستقرار في المناطق اللبنانية كافة».
وعن الوضع في الجنوب، أكد عون على «ضرورة الضغط على «اسرائيل» لوقف اعتداءاتها المستمرة على لبنان، وإلزامها تطبيق القرار 1701، والاتفاق الذي تم التوصل اليه في العام الماضي، ما يؤدي إلى استكمال انتشار الجيش حتى الحدود الجنوبية، وتفعيل الخطة التي وضعتها قيادة الجيش، لتطبيق قرار حصرية السلاح». وجدّد التأكيد على «ان خيار التفاوض الذي اعلن عنه مرارا، ينطلق من ان الحرب لم تؤد إلى اي نتيجة، غير ان التفاوض يحتاج إلى مناخات ملائمة، أبرزها وقف الأعمال العدائية وتحقيق الاستقرار في الجنوب، لافتاً الى ان هذا الخيار يلقى دعم الولايات المتحدة الأميركية ودولا أخرى.
من جهته، أكّد الوفد الأميركي الاستعداد لمساعدة لبنان في سعيه لتحقيق الامن والاستقرار في الجنوب، ودعم الجيش لبسط سلطة الدولة على الأراضي اللبنانية كافة، وإلغاء المظاهر المسلحة، وتمكين القوى الامنية الشرعية من القيام بدورها كاملا.
«اسرائيل» تسقط الخطوط الحمراء
ميدانيا، بدا واضحا أن العمليات الاسرائيلية على لبنان دخلت في الأيام الماضية، مرحلة جديدة من التصعيد، بحيث لم تعد عمليات الاغتيال تتفادى المدنيين والأضرار المادية، بل باتت تنفذ حتى داخل الأحياء السكنية.
وتشير مصادر واسعة الاطلاع الى أن «الخشية في المرحلة المقبلة أن تتوسع العمليات، لتشمل مناطق في البقاع وحتى الضاحية الجنوبية لبيروت وغيرها من المناطق»، معتبرة في حديث لـ «الديار» أن «المعطيات تشير الى أن العدو لن يلتزم بأي خطوط حمراء، بعد انقضاء المهلة التي تنتهي مطلع الشهر المقبل».
ويوم أمس، نفذت «اسرائيل» عمليتي اغتيال: الأولى استهدفت سيارة على طريق الصوانة - خربة سلم، أدت إلى استشهاد مواطن، والثانية سيارة في بلدة حومين الفوقا - قضاء النبطية، أدت إلى استشهاد مواطن آخر، وفق وزارة الصحة.
مواقف حزب الله
وبعد الرسالة التي وجهها الحزب الى الرؤساء الثلاثة، وأكد فيها رفضه منطق للتفاوض والتمسك بالمقاومة، أطلق نوابه وقياديوه يوم أمس سلسلة مواقف انتقدت بشدة الموقف والأداء الأميركي تجاه لبنان. فاعتبر رئيس «تكتل بعلبك الهرمل» النائب الدكتور حسين الحاج حسن، أن «الضغوط الأميركية التي ما زالت تتوالى على لبنان، تريد أن تأخذه إلى مكان آخر، فما طرحه الأميركيون إقامة منطقة اقتصادية عازلة في الجنوب، أما نتنياهو فمشروعه «إسرائيل الكبرى». وسأل: «إلى أي مفاوضات تأخذنا أميركا؟ وإلى أين تريد ان تقود لبنان؟ لذلك قلنا في كتابنا المفتوح، انتبهوا الى المفاوضات التي يدفعنا إليها الأميركي لأنها مصلحة إسرائيلية كاملة».
من جهته، استغرب عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، خروج بعض المسؤولين ليقولوا إن قرار الحرب والسلم في يد الدولة، وتساءل:»ولكن متى أخذت هذه الدولة قرارا ليس بالحرب ضد هذا العدو؟ بل قرارا بالدفاع في وجه هذا العدو ومنعها أحد؟ فنحن نرفض أن يكون في لبنان قرار للاستسلام لهذا العدو، والمطلوب اليوم من هذه الحكومة ألا تكتفي بترداد شعارات لم يعد لها أي معنى، بل أن تلتزم بما كتبته في البيان الوزاري، وتتلخص في حماية السيادة وردع المعتدي، وإعادة الإعمار وإطلاق الأسرى، وهذه البنود بقيت حبرا على ورق، ولم يكتشفوا من البيان الوزاري، إلا جملة واحدة لا تستهدف حماية السيادة، بل توجّه ضد جزء كبير من الشعب اللبناني».
وشدد على أننا «لا نريد للمشكلة أن تصبح لبنانية - لبنانية، في حين أن هناك من يصر في الداخل على أن تكون المشكلة بين اللبنانيين، لذلك لا يجوز لأحد في لبنان أن ينصب نفسه كأنه صدى للصواريخ الإسرائيلية، أو أن يستغل هذا العدوان من خلال حملة التحريض والتضليل التي نسمعها، اتركوا المشكلة مع العدو، فلماذا هناك من يريد نقلها إلى الداخل؟ وإذا نُقلت إلى الداخل ماذا سيستفيد؟ وهل يظن أحد في لبنان أن شعبنا يمكن أن ينكسر أو أن ينهزم»؟
وتابع: «المعادلة الداخلية دقيقة وحساسة، ولا يحق لأحد أن يمس بها، لأن هذا يهدد الداخل اللبناني، ونحن لا نريد تهديد الداخل اللبناني، لكن هناك من يصر على هذا المسار».
جديد التفاوض
وفي ملف التفاوض، اعتبر مصدر رسمي أن «البعض يصوّر وجود خلاف وانقسام لبناني في مقاربة الملف، لكن حقيقة الامر ان كل القوى وضمنا حزب الله، موافقة على توسيع لجنة وقف النار «الميكانيزم»، لتشمل مدنيين اختصاصيين»، لافتا في تصريح لـ«الديار» الى أن «ما يرفضه الحزب هو ما يرفضه راهنا لبنان الرسمي، ألا وهي المفاوضات السياسية المباشرة والتطبيع».
وتضيف المصادر:»الكرة راهنا في ملعب «اسرائيل» لا في الملعب اللبناني. ويبدو ان «تل أبيب» غير متحمسة لتوسيع الميكانيزم وتفضل الخيار العسكري».
تصويت المغتربين
ويفترض أن يتضح هذا الأسبوع المسار الذي سيسلكه ملف تصويت المغتربين في الانتخابات النيابية المقبلة، علما أن كل المعطيات تفيد بتوجه رئيس مجلس النواب نبيه بري، لاحالة مشروع القانون الذي سيصل من الحكومة إلى اللجنة النيابية التي تبحث قوانين الانتخاب، في إطار سعيه لتجنب طرحه على الهيئة العامة وتعديل القانون الحالي، وهو ما أشار إليه بوضوح معاونه السياسي النائب علي حسن خليل، بقوله يوم أمس:» البعض لا يتعاطى بوطنية وشِرْكة حقيقية، بل يحاول الانقلاب السياسي على الموقف، من خلال تعديل قانون الانتخاب،ـ بما يلائم مصلحة فئة على حساب مصلحة المواطنين»، وأضاف: « لا احد يراهن على ضعفنا، وسنقود معركة سياسية للحفاظ على قانون الانتخابات الحالي دون تعديل، يسعى له البعض من اجل مزيد من الضغط».
وبحسب معلومات «الديار» لا تزال القوى التي تعرّف عن نفسها بـ «السيادية»، تبحث خياراتها في التعامل مع توجه بري لاحالة مشروع القانون إلى اللجنة النيابية. وقال مصدر نيابي في هذا الإطار:»صحيح أن خياراتنا ليست كثيرة، لكنها موجودة وستفاجىء البعض، فهذه المعركة بالنسبة إلينا معركة وجودية، ولن نتراجع عنها أي كان الثمن».