Search Icon

قمة باريس من أجل المتوسط: تعزيز الربط الإقليمي لتحقيق ازدهار مشترك

منذ 4 ساعات

اقليميات

قمة باريس من أجل المتوسط: تعزيز الربط الإقليمي لتحقيق ازدهار مشترك

الأحداث - بدعوة من رئيس الجمهورية الفرنسية، انعقد في العاصمة الفرنسية مؤتمر قمة دولي تحت عنوان “من أجل تحسين التواصل في منطقة البحر الأبيض المتوسط”، على هامش مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات. وشارك في القمة رؤساء دول وحكومات وكبار المسؤولين من قبرص، كرواتيا، اليونان، إيطاليا، مالطا، المغرب، البرتغال، تونس، الاتحاد الأوروبي، الاتحاد من أجل المتوسط، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، إلى جانب ممثلين عن منظمات دولية ومصارف إنمائية وشركات كبرى.وفي ضوء التحديات المشتركة التي تواجه منطقة البحر الأبيض المتوسط، اتفق القادة المشاركون على تعزيز التعاون والعمل المشترك لتحقيق الرخاء المستدام من خلال تحسين الروابط البحرية والبريّة والرقمية بين أوروبا، البحر الأبيض المتوسط، والخليج العربي.

البحر المتوسط في قلب التبادلات العالمية

يشكل البحر الأبيض المتوسط 25% من حركة الملاحة البحرية العالمية، ويُعد محوراً حيوياً للتبادل في مجالات التجارة والطاقة والتكنولوجيا الرقمية. ونظراً للكثافة المتزايدة في حركة المرور في هذه المنطقة، رفعت الدول المشاركة من مستوى حماية البيئة البحرية، لا سيما من خلال تنظيم النقل في خليج الأسود وإنشاء منطقة منخفضة الانبعاثات الكبريتية تغطي البحر الأبيض المتوسط بأكمله، والتي دخلت حيّز التنفيذ اعتباراً من 1 أيار/مايو 2025، بعد موافقة المنظمة البحرية الدولية.وفي هذا الإطار، أشارت المفوضية الأوروبية إلى أن الدعم المقدم من الاتحاد الأوروبي لبلدان شمال أفريقيا والشرق الأوسط، ضمن استراتيجية “المدخل العالمي”، بلغ 5.9 مليارات يورو، ما من شأنه أن يحشد استثمارات عامة وخاصة تصل إلى 27.2 مليار يورو.

مبادرات عملية لتعزيز الربط

أعلن المشاركون في القمة عن تعزيز الشراكات الثنائية والإقليمية بهدف إنشاء وصلات برية وبحرية جديدة، إزالة الكربون من الموانئ، ومد كابلات بحرية جديدة، كما ناقشوا الأهداف المشتركة لضمان:

أولاً – إزالة الكربون من النقل البحري والموانئ:

أعلنت موانئ الإسكندرية، الجزائر العاصمة، بيروت، ومرسيليا عن تشكيل فريق عمل مشترك يهدف إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن النقل البحري. وسيشمل ذلك توفير محطات شحن كهربائية للسفن في الموانئ، وتطوير البنية التحتية للوقود البديل، وتعزيز النقل عبر السكك الحديدية والمجاري المائية الداخلية، إضافة إلى استكشاف إمكانية إنشاء ممرات بحرية خضراء جديدة في المنطقة. ودُعيت جميع موانئ البحر الأبيض المتوسط للانضمام إلى هذا التحالف قبل انعقاد المؤتمر الرابع والعشرين للدول الأطراف في اتفاقية برشلونة، المقرر في القاهرة في كانون الأول/ديسمبر 2025.

ثانياً – دعم المبادرات الإقليمية والربط في قطاع الطاقة:

في سياق تنفيذ استراتيجية المدخل العالمي والميثاق الجديد للبحر الأبيض المتوسط، جدّدت فرنسا والمفوضية الأوروبية دعمهما لإنشاء ممر الهند – الشرق الأوسط – أوروبا، بما في ذلك تمويل دراسات الجدوى اللازمة عبر المدخل العالمي. كما أعربت فرنسا عن دعمها لانضمام مصر إلى المبادرة الإقليمية لتعزيز الربط بين الشرق والغرب، وهو موقف أيدته كل من إيطاليا والمفوض الأوروبي لشؤون البحر الأبيض المتوسط.وفي 30 أيار/مايو 2025، استضافت فرنسا أول اجتماع لخبراء التعاون الدولي في المناخ منذ توقيع مذكرة التفاهم في أيلول/سبتمبر 2023، حيث أعاد المشاركون تأكيد دعمهم للمشروع، وضرورة تعزيز إدارة المؤسسة الاقتصادية الدولية في كمبوديا، وحشد شركات القطاع الخاص في المجالات الاستراتيجية.ومن بين الدول التي أبدت اهتماماً بالانضمام إلى شبكة الربط الإقليمي في منطقة البحر الأبيض المتوسط: اليونان، قبرص، مالطا، وكرواتيا.أما على صعيد الربط في قطاع الطاقة بين أوروبا والخليج، فقد أعلنت شركة ACWA Power السعودية عن إنشاء فريق عمل من شركات الطاقة بمشاركة السعودية، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا، واليونان، لاستكشاف مشاريع جديدة في مجالات الهيدروجين الأخضر والربط الكهربائي. وتهدف هذه المبادرة إلى تحسين فهم تدفقات الطاقة المتجددة المستقبلية وتحديد الاحتياجات الاستثمارية ضمن المنطقة الجغرافية التي تغطيها المبادرة الدولية للطاقة المتجددة.

ثالثاً – تعزيز البنى الرقمية والربط التكنولوجي:

وفي ما يتعلق بتطوير الروابط الرقمية بين البحر الأبيض المتوسط والخليج العربي، استعرض المشاركون مشروع “نظام ميدوسا للكابلات البحرية” التابع للاتحاد الأوروبي، والذي سيعمل على ربط ضفتي البحر المتوسط، إضافة إلى ربط بلدان جنوب المتوسط، من خلال نشر كابلات بحرية متطورة تعتمد على الألياف الضوئية والتقنيات الأوروبية.ويساهم هذا النظام في تضييق الفجوة الرقمية بين ضفتي المتوسط، ويعزز التبادل الرقمي والتكنولوجي. كما أُشير إلى أهمية مشاريع رقمية موازية، من بينها مركز العقبة الرقمي، المتوقع افتتاحه خلال هذا العام، والذي يُعد من أكبر مراكز التكنولوجيا في الشرق الأوسط.وتوّجت القمة بإجماع المشاركين على أن التعاون المتوسطي–الخليجي–الأوروبي هو المفتاح لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية والتكنولوجية، وأن الربط الإقليمي المستدام والعادل سيشكل أساسًا لتكامل اقتصادي حقيقي وتحقيق ازدهار مشترك في المنطقة.