Search Icon

لبنان الحاضر الغائب على طاولة واشنطن؟
مُستشارة ماكرون في بيروت بعد لقائها رئيس المخابرات المصريّة
الشيخ قاسم: للصبر حدود... ولكلّ شيء نهاية

منذ ساعتين

من الصحف

لبنان الحاضر الغائب على طاولة واشنطن؟
مُستشارة ماكرون في بيروت بعد لقائها رئيس المخابرات المصريّة
الشيخ قاسم: للصبر حدود... ولكلّ شيء نهاية

كتبت صحيفة "الديار" تقول:"في زيارة حملت الكثير من الابعاد التي تجاوزت البروتوكول السياسي، شكل لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، نقطة تحول في معادلة الشرق الأوسط. فالزيارة، التي جاءت وسط تبدل الأولويات الأميركية، أعادت واشنطن إلى قلب اللعبة السورية، ليس من باب الحرب، بل من بوابة التسويات الكبرى.

الشرع، الذي يقدم نفسه كوجه براغماتي يسعى لفك العزلة عن دمشق، حمل معه مشروع «تبادل مصالح» أكثر منه «طلب دعم»، مدركا أن واشنطن اليوم تبحث عن ترتيبات استقرار بأقل كلفة ميدانية، على ما ينقل العارفون. من هنا، فإن اللقاء قد يمهد لمرحلة جديدة من إعادة التموضع الإقليمي، تفتح فيها خطوط خلفية بين دمشق وبعض العواصم الخليجية، بإشراف أميركي غير معلن.

أما لبنان، فكعادته الحلقة الأضعف في لعبة الكبار، اذ ان التقارب السوري – الأميركي، قد يضعه أمام إعادة رسم موازين النفوذ في المنطقة، ما سيعني مزيدا من الضغوط على الساحة اللبنانية، حيث سيختبر «الحياد المستحيل» مجددا.

 

اين لبنان؟

في الشكل، بدت زيارة الشرع إلى واشنطن حدثا سوريا - أميركيا صرفا، عنوانه «إعادة التموضع» وفتح صفحة جديدة بين دمشق والعاصمة الأميركية بعد عقدين من القطيعة، لكن في المضمون، تقول مصادر مطلعة على السياسة الاميركية، إن «لبنان كان حاضرا بقوة في النقاش حول الحدود، وإن لم يذكر بالاسم، وكمعادلة في لعبة النفوذ الإقليمي، وكهاجس في ذهنية الأميركيين الذين يخشون انفجار الساحة اللبنانية في وجه ترتيباتهم الجديدة للمنطقة».

فواشنطن التي بدأت تتعامل مع سوريا الشرع كسلطة أمر واقع يصعب تجاوزها، تدرك أن أي تسوية شرق أوسطية، لا يمكن أن تستقر من دون «هدوء لبناني» محسوب بدقة. كما ان الشرع بدوره، يدرك أن استعادة الدور السوري في الإقليم، لا تمر فقط عبر «البوابة الإسرائيلية» أو العراقية، بل من لبنان أولا، البلد الذي كان تاريخيا الامتداد الطبيعي لسوريا وواجهة نفوذها غربا.

وبحسب المصادر، فقد طرحت ملفات الأمن الحدودي، والنازحين والموقوفين، وملف «الميكانيزم»، الذي تسعى واشنطن لتوسيعه ليشمل مراقبة الحدود الشرقية للبنان، مع مجموعة من المسؤولين في الخارجية والدفاع والامن القومي، الذين التقاهم الشرع، حيث تم تناول هذه النقاط بعبارات فضفاضة، توحي بأن الأميركيين أرادوا اختبار استعداد دمشق، للقيام بدور «الضامن الصامت» لاستقرار لبنان.

الشرع من جهته، حاول أن يقدم نفسه كوسيط قادرعلى التهدئة لا كطرف مواجه، مقدما عرضا ضمنيا مكررا: «سوريا تستطيع المساعدة في استقرار لبنان، شرط أن يعاد الاعتراف بها لاعبا شرعيا لا يمكن تجاوزه». منطق لاقى آذانا أميركية صاغية، وإن بحذر، فالإدارة الأميركية تدرك أن ترك لبنان ينهار، يعني خسارة ساحة حساسة على البحر المتوسط.

وفي هذا السياق، تؤكد مصادر متابعة أن الشرع أشار إلى «خطوط التواصل» القائمة بين بيروت ودمشق، والتي يمكن تفعيلها ضمن تفاهمات إقليمية أوسع، تتيح ضبط السلاح جنوباً ،وتنظيم العلاقة مع حزب الله في إطار «الاستقرار» الذي تريده واشنطن.

 

خطاب قاسم

اما في لبنان، وفي يوم الشهيد هذا العام، فقد قدم الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، خطابا جمع بين الرمزية السياسية والتحذيرات الاستراتيجية، مشيرا الى موقع الحزب «كحارس للسيادة الوطنية ومدافع عن لبنان في مواجهة الضغوط الخارجية»، مؤكدا على دور «مجتمع المقاومة» كدرع للدولة، مشددا على أن «هذا المجتمع يصون لبنان، ويشكل خط الدفاع الأول أمام أي محاولة إخضاع، ما يجعل من تضحيات الشهداء ووفاء القواعد عنصر قوة عمليا ورمزيا على حد سواء».

على الصعيد الإقليمي، ركز الخطاب على الانتهاكات الإسرائيلية في الجنوب، محذرا من «أن الصمت على الخروقات لن يستمر، وأن لبنان لن يظل متفرجا أمام الاعتداءات، التي تمنع الأهالي من العودة إلى قراهم»، مشددا، على «أن اتفاق وقف إطلاق النار محدد في جنوب نهر الليطاني، وأن أي تأويل أو تعديل له يعتبر تبرئة للاحتلال»، مؤكدا «أن أي نقاش داخلي حول مستقبل قوة لبنان وسيادته ، يجب أن يكون لبنانيا بحتا دون تدخل خارجي»، في رسالة واضحة بأن القرار الوطني لا يقبل التفويض لأي طرف خارجي.

أما على المستوى الداخلي، فقد انتقد قاسم الولايات المتحدة، معتبرا تدخلها في شؤون لبنان عبر الضغط الإسرائيلي «مرفوضا بالكامل»، ورفض «أي محاولة لتسليح الجيش اللبناني لمواجهة المقاومة»، طارحا تساؤلات حادة للحكومة حول «غياب خطة زمنية واضحة، لاستعادة السيادة الوطنية وتكليف القوى الأمنية تنفيذها، وهو ما يعكس فجوة بين خطاب الدولة الرسمي، وواقع حماية الأرض والمواطنين».

وختم قاسم بأن «خروقات إسرائيل تجاوزت 7 آلاف مرة في الجنوب، في حين لم تسجل أي خروقات من المقاومة»، محملا الاحتلال مسؤولية تصعيد التوتر، ومعيدا التأكيد على أن لبنان لن يتحمل استمرار هذا الوضع، قائلا: «لكل شيء نهاية، ولكل صبر حدود»، في رسالة مزدوجة تحذّر الداخل والخارج، وتثبت أن حزب الله يرى نفسه خط الدفاع الأول عن السيادة، مع التأكيد أن أي تسوية أو تعديل للواقع العسكري والسياسي، يجب أن يبدأ بالالتزام الكامل من العدو الإسرائيلي أولا، قبل أي نقاش لبناني داخلي.

 

حبر على ورق

كلام سبقه معلومات لصحيفة «هآرتس الإسرائيلية» قالت فيها إن اتفاق وقف النار قد ينهار خلال أيام، بل إنّ بعض المراقبين يجادل بأن الاتفاق بات فعليا «حبرا على ورق»، متحدثة عن «ارتفاع احتمالات أن تتطور الهجمات الإسرائيلية في الأسابيع المقبلة إلى حرب شاملة جديدة، وأن يفضّل حزب الله خيار الحرب على خيار نزع السلاح. فما زال الحزب يمتلك آلاف الصواريخ والمسيّرات، القادرة على ضرب شمال إسرائيل ووسطها، وهو ما يعني أن عودة النيران إلى بلدات الشمال الإسرائيلي، بعد أشهر قليلة فقط من عودة السكان إلى منازلهم، احتمال لا يمكن الاستهانة به».

 

عودة فرنسية

وفي وقت يغرق فيه لبنان في أزماته الداخلية ، وتزداد الجبهة الجنوبية توترا، عاد الحَراك الفرنسي ليكسر الجمود الديبلوماسي. فالإليزيه، التي لم ترفع يدها يوماً عن «الملف اللبناني»، تتحرك مجددا بخطوات محسوبة، وسط حديث متزايد عن احتمال قيام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بزيارة إلى الجنوب خلال فترة الأعياد لتفقد كتيبة بلاده، في حال توافرت الظروف السياسية والأمنية، على ان تسبقه مستشارته لشؤون الشرق الاوسط آن كلير لوجاندر هذا الاسبوع الى بيروت، في زيارة استطلاعية، بعد ان كانت شاركت في الاجتماعات التي عقدها في باريس، رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد في بيروت.

مصادر ديبلوماسية مطلعة أكدت أن باريس تشعر بأن الوقت حان لإعادة الإمساك بخيوط اللعبة اللبنانية، بعدما نجحت واشنطن في فرض إيقاعها خلال الأشهر الماضية، عبر مقاربتها الأمنية للجنوب وملف «الميكانيزم»، حيث انها بخلاف العاصمة الاميركية، تريد التقدم من البوابة السياسية والاقتصادية، عبر مبادرة محدثة، تحاول الجمع بين الواقعية الإيرانية والانفتاح العربي، تحت مظلّة «تسوية هادئة» لا تصطدم بأي طرف.

وتشير المصادر الى ان الزيارة المحتملة لماكرون، لن تكون رمزية كما في السابق، فالإليزيه تريد أن يعود الرئيس الفرنسي هذه المرة بعرض ملموس، يجمع بين الضمانات السياسية وبعض المساعدات التنموية المحدودة، على أن تكون كـ «دفعة على الحساب» ، تشجيعا لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، رغم خيبة الأمل الفرنسية من السلطة السياسية اللبنانية.

وختمت المصادر بان لبنان بالنسبة إلى ماكرون، يبقى رمز الحضور الفرنسي في الشرق الأوسط، ومساحة اختبار لقدرة باريس على القيام بدور الوسيط الموثوق به في زمن الصفقات الكبرى. لذلك، قد تتحوّل زيارته المرتقبة إلى محاولة أخيرة، لإنقاذ الدور والوجود الفرنسيين، قبل أن تبتلعها ديناميكيات «الشرق الأوسط الجديد»، الذي تعيد واشنطن رسم ملامحه.

 

وفد الخزانة الاميركية

وفي انتظار وصول السفير الاميركي ميشال عيسى الى بيروت، وبعده وفد من الكونغرس، لتدشين مرحلة جديدة من السياسة الاميركية، التي يبدو ان سفنها تسير خلافا لرياح العهد، استمر انشغال الساحة المحلية بتداعيات زيارة وفد وزارة الخزانة، التي اكتسبت منحى خطِرا، خصوصا في ظل المعلومات من واشنطن، عن تقرير اورتاغوس «غير المشجع والايجابي»، بعد زيارتها الاخيرة الى لبنان ولقاءاتها ، والتي انتهت الى خلاصة «ان المسؤولين في لبنان لا يريدون ان يفهموا ان القرارات الاميركية جدية».

فالاخذ والرد والبلبلة التي شهدتها الاجواء المحيطة بالزيارة، بعد التسريبات عن اجواء ايجابية بثتها «القنوات الرسمية»، قبل ان تنكشفت حقيقة « كلام المجالس المغلقة»، لم تخف وفقا لمصادر وزارية، ان الطابع «التقني» الذي غلّف الزيارة، فضحه مضمون اللقاءات وحجم الوفد وطبيعة الاسئلة المطروحة ، التي كشفت الابعاد السياسية والاستراتيجية، التي تتجاوز مجرد متابعة الالتزامات اللبنانية في ملف مكافحة تمويل الإرهاب. من هنا، يمكن قراءة الزيارة كجزء من استراتيجية «الضغط الوقائي»، لا كعقوبة آنية، هدفها تحذير بيروت من أي انزلاق خارج منظومة الضبط المالي الغربية.

من جهتها اكدت اوساط واكبت الزيارة، أنّ واشنطن أرادت اختبار العهد وتوجهاته حيال مسألتين أساسيتين: أولاً مدى التزامه بآليات الشفافية المالية الدولية، وثانياً موقع لبنان المقبل في منظومة العقوبات الأميركية على إيران، اذ بحكم موقعها الجغرافي وتركيبتها المصرفية، ما زالت بيروت تشكّل ثغرة محتملة في منظومة الرقابة الإقليمية ،على حركة الأموال المرتبطة بالشبكات الخاضعة للعقوبات، فواشنطن تريد ان تضمن «ألا يتحوّل لبنان إلى منفذ مالي خلفي لحلفاء طهران».

وتتابع الاوساط، بان الوفد طرح سلسلة من الأسئلة الدقيقة تتعلّق بمسار الإصلاحات في مصرف لبنان، وبالتعاون القائم بين الأجهزة اللبنانية والهيئات الرقابية الدولية، محذرا من التدخلات السياسية المتمادية في عمل المؤسسات النقدية، محاولة التغطية على تحويلات مشبوهة، تحت طائلة إعادة النظر في التعاون المالي مع واشنطن وصندوق النقد الدولي.

 

خارطة طريق اميركية

وكشفت الاوساط ان الوفد تحدث بصراحة، وفقا لمعلومات استخباراتية دقيقة يملكها، حول اماكن التسرب واسماء اشخاص وموظفين في الدولة، مؤكدا ان اجراءات السلطة اللبنانية لا تتناسب مع الاتجاهات الاميركية الواضحة، واضعا خارطة طريق لجهة تشديد الرقابة على المعابر الشرعية وغير الشرعية، اغلاق عدد من شركات تحويل الاموال، مكافحة «اقتصاد الكاش»، منع حزب الله من الاستفادة من علاقاته ونفوذه داخل مؤسسات الدولة.

وختمت الاوساط بالتأكيد ان واشنطن منحت العهد فرصة، لكنها ربطتها بالالتزام الدقيق بقواعد اللعبة المالية الدولية، والتي ستنعكس في المرحلة المقبلة من خلال تشديد الرقابة الأميركية على المصارف اللبنانية، ومتابعة حركة التحويلات بالدولار، آملة ان تكون الرسالة قد فهمت جيدا في بيروت، ذلك ان «أي تهاون او تباطؤ في انجاز خطوات الاصلاح المطلوبة اقتصاديا وسياسيا وامنيا، سيواجه بعقوبات وبوقف المساعدات، غامزة من قناة مساعدة ال 230 مليون دولار للقوى العسكرية والامنية، والتي تم تجميدها لارتباطها بخطة «حصر السلاح».

 

الى الشارع

وليس بعيدا عن الضغوط الممارسة، أشيعت معلومات عن اتجاه «بيئة المقاومة» وجمهورها الى تنظيم تحرك شعبي في منطقة الحمرا، للمطالبة بالاسراع في تنفيذ خطط الاعمار، في ظل ما يراه كثيرون تقاعسا من قبل الحكومة في معالجتها لهذا الملف، خصوصا ان لبنان مهدد بقرض البنك الدولي المخصص ب250 مليار دولار، ما لم يتم اقراره في مجلس النواب قبل نهاية العام، بعد تمديد المهلة لشهرين، وفي ظل الاعتمادات الخجولة التي رصدتها الحكومة لدعم ومساعدة المتضررين، حيث يتوقع الكثيرون ان يكون هذا التحرك باكورة سلسلة من الاحتجاجات في الشارع.

 

تسوية خلاف الـ 16 مليار

على الصعيد المالي، كشفت اوساط مطّلعة أن الخلاف المزمن بين وزارة المال ومصرف لبنان حول الدين البالغ 16.5 مليار دولار، بدأ يسلك طريقه الى الحل، بعد أشهر من التباين في وجهات النظر بين الوزير والحاكم، نتيجة الضغوط التي مارسها صندوق النقد الدولي، حيث اتفق الطرفان على تكليف شركة «KPMG Netherlands» الدولية المتخصصة في التدقيق المالي، للتحقق من واقعية هذا الدين، ومن القيمة التي يمكن اعتمادها في الميزانية الجديدة لمصرف لبنان، وسط تقديرات اولية أن القيمة الحالية للدين، قد تتراوح بين 2 و4 مليارات دولار فقط، تبعا لأسعار الصرف والقدرة الفعلية للدولة على السداد.

ويرى خبراء اقتصاديون أن هذا التفاهم يشكل مؤشراً إيجابياً للأسواق، ويعزز الثقة بين المؤسستين الماليتين الأساسيتين في البلاد، خصوصاً إذا ترجم بتفاهمات إضافية حول توزيع الخسائر، وآلية إعادة هيكلة الدين العام، ما قد يفتح الباب أمام عودة المفاوضات الجدية مع صندوق النقد في الأشهر المقبلة، معتبرين ان هذه الخطوة، وفق مصادر مالية، تطور مهم في مسار تنظيم العلاقة المالية بين الدولة والمصرف المركزي، تمهيدا لوضع أسس أكثر شفافية وواقعية، في إعداد الموازنات العامة والمصرفية، بما يتمشى مع متطلبات صندوق النقد الدولي وبرنامج الإصلاح المالي المرتقب.

حرائق

وعلى رغم ان حرائق الغابات في لبنان، اضحت منذ سنوات عنوانا دائما للتبدل المناخي وقصور قدرات الدولة وامكاناتها، أمام المواسم المتكررة للحرائق في معظم فصول السنة، احدثت موجتها الحالية على امتداد قرى الجنوب والاقليم صدمة كبيرة، نسبة للمساحات الشاسعة التي شكلت «وجبة» دسمة للنيران، وبلغت ذروة اتساعها، ان بفعل العدوان الاسرائيلي او الجفاف المناخي، مخلّفة كارثة بيئية تضاف الى كوارث الاعوام الماضية، لا سيما في إقليم الخروب وغابة بكاسين، التي تمثل واحدة من أهم الثروات الوطنية والبيئية في لبنان والمنطقة.