Search Icon

لماذا استبعد الوفد الأميركي شيعة لبنان من لقاءاته؟

منذ ساعة

من الصحف

لماذا استبعد الوفد الأميركي شيعة لبنان من لقاءاته؟

الاحداث - كتب نذير رضا في صحيفة الشرق الاوسط يقول:"توقف المراقبون السياسيون في لبنان عند استبعاد وفد وزارة الخزانة الأميركية من لقاءاته، في بيروت مطلع الأسبوع، المسؤولين اللبنانيين الذين ينحدرون من الطائفة الشيعية، رغم أن بعضهم معنيون، وفق مواقعهم، بتنفيذ المطالب الأميركية من لبنان بشأن ضرورة إقفال منافذ تمويل «حزب الله» وتنفيذ «حصرية السلاح» بيد القوى العسكرية الرسمية في لبنان، وأن يتم ذلك عبر التشريعات والتدابير التنفيذية.
فالوفد الأميركي، الذي زار بيروت مطلع الأسبوع، برئاسة نائب مساعد الرئيس الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب، سيباستيان غوركا، وضمّ وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب جون هيرلي، والمختص في مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن القومي الأميركي رودولف عطا الله، عقد لقاءات مع رئيسَي؛ الجمهورية جوزيف عون، والحكومة نواف سلام، ووزيرَي؛ العدل عادل نصار، والداخلية أحمد الحجار، وحاكم «مصرف لبنان» كريم سعيد، ومع رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، كما اجتمع بنواب لبنانيين على مائدة عشاء أولمها النائب فؤاد مخزومي.

وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية جون هيرلي يتحدث للصحافيين خلال لقاء محدود بالسفارة الأميركية في بيروت (أ.ف.ب)
وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية جون هيرلي يتحدث للصحافيين خلال لقاء محدود بالسفارة الأميركية في بيروت (أ.ف.ب)
واللافت في لقاءات الوفد أنه استثنى المسؤولين الشيعة في لبنان؛ إذ لم يزر رئيسَ البرلمان نبيه بري، الرجلَ الثاني في الدولة وحليف «حزب الله» والمفاوض باسمه مع الوفود الأجنبية، ولم يلتقِ وزيرَ المال ياسين جابر، فيما لم تحضر أي شخصيات شيعية أي لقاءات رسمية أخرى، مثل النائب الأول لحاكم «مصرف لبنان» وسيم منصوري الذي غاب، كما آخرين، عن لقاء حاكم «المركزي» مع الوفد.

لا مقاطعة

وبينما قالت مصادر مطلعة على جدول الزيارة إن معظم اللقاءات جرت بين الوفد والمسؤولين اللبنانيين منفردين، وبينهم حاكم «المركزي» كريم سعيد الذي التقى الوفد وحده من دون حضور حتى مسؤولين في «لجنة الرقابة على المصارف» على سبيل المثال، في إشارة إلى نفي البُعد الطائفي من الفرضية، قلّلت مصادر في «الثنائي الشيعي» من رمزية استبعاده من تلك اللقاءات.

وقالت المصادر، لـ«الشرق الأوسط»، إن الوفد «عقد لقاءات مع أصحاب الاختصاص المعنيين بمهمته»، مشيرة إلى أن «فرضية المقاطعة غير صحيحة؛ لأن الوفد التقى وزير المال ياسين جابر في عشاء النائب فؤاد مخزومي، كما حضر نائب شيعي آخر العشاء؛ مما يؤكد أنه لا مقاطعة».

رمزية الاستبعاد

لكن هذه التفسيرات لا تلغي رمزية ما حدث، بالنظر إلى أن الوفد لم يطلب موعداً من رئيس البرلمان، كما جرت عادة المسؤولين الأميركيين الآخرين الذين يزورون بيروت، كما لم يطلب موعداً من وزير المال في وزارته؛ مما يعطي الحدث تفسيراً سياسياً.

لكن مصادر وزارية لبنانية، مواكبة زيارات الوفد الأميركي في بيروت، رأت في الأمر رسائل إلى إيران؛ الداعمة الرئيسية لـ«حزب الله».

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «الاستبعاد من اللقاءات يدل على أن الجانب الأميركي يرسل إشارة إلى إيران بأن الولايات المتحدة تتجنب جميع الشيعة بمعزل عن انتماءاتهم السياسية»، مضيفة: «هذه الإشارة ردّت عليها إيران؛ على لسان الأمين العام لـ(حزب الله)، نعيم قاسم، في اليوم نفسه، برفض التفاوض على اتفاق جديد مع إسرائيل، كما رفض (قاسم) تسليم سلاحه في منطقة شمال الليطاني، بقوله إن الاتفاق محصور بجنوب نهر الليطاني».

ساحة الرسائل

وتتابع المصادر: «الأمر ليس مرتبطاً بمقاطعة للشيعة، بل يظهر أن لبنان بات ساحة لتبادل الرسائل، حيث ترسل واشنطن الإشارات، وترد عليها طهران» منه عبر «حزب الله». وتضيف: «هذا الواقع ليس جديداً، فواشنطن واضحة لجهة رفع يد إيران عن لبنان، وإجبارها على التخلي عن نفوذها هنا»، لافتة إلى أن المسؤولين اللبنانيين «سمعوا عن هذا التوجه في بدايات ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأولى في 2017، وكان البيت الأبيض مصراً على أن تحضر طهران إلى طاولة المفاوضات ومناقشة موضوع نفوذها بالمنطقة... وبعد 10 سنوات، يسمع اللبنانيون اليوم أيضاً المطلب نفسه لجهة كف نفوذ إيران في لبنان».
وأضافت المصادر: «لبنان يعيش صراعاً قوياً في هذا الوقت. أرسل الأميركيون رسالة قوية خلال الزيارة الأخيرة، ورفعوا صوتهم ضد تمويل (حزب الله) وسلاحه، لكنهم في الوقت نفسه يمارسون الضغط بطرق عملية» على الحكومة اللبنانية والمؤسسات لتطبيق هذا الهدف. وقالت المصادر: «المشكلة في رسالة الوفد الأميركي أنها تشمل الطائفية الشيعية بأكملها، ولا تفرّق بين الطائفة و(حزب الله) الذي تقول واشنطن إنها تسعى إلى قطع تمويله وتقليص نفوذه»، في إشارة إلى خطوط بري المفتوحة مع واشنطن، وجهوده التي أدت في وقت سابق إلى إنجاز اتفاق وقف إطلاق النار.

تواصل أميركي مع بري

ومنذ العقد الماضي، حين اشتدت الضغوط على إيران وعلى «حزب الله» في لبنان، فرّق الجانب الأميركي بين الشيعة بصفتهم مواطنين لبنانيين، وبين «حزب الله»؛ إذ طالت العقوبات المالية من تعدّهم واشنطن جزءاً من منظومة «الحزب» المالية أو العسكرية، وكانت حينها الاتصالات نشطة مع الجانب الأميركي، واتخذت الطابع الرسمي عبر «لجنة الشؤون الخارجية» في مجلس النواب، حين قرر رئيس البرلمان، نبيه بري، منذ 2015 إرسال وفود لبنانية إلى واشنطن، وعقد لقاءات مع مسؤولين في الكونغرس. وتواصلت تلك الزيارات النيابية إلى واشنطن منذ عام 2015، ونجحت طيلة تلك الفترة في إيضاح الموقف اللبناني.

وبالموازاة، نفذ وزير المال، ياسين جابر، منذ تشكيل الحكومة، زيارتين على الأقل، إلى واشنطن، عقد في الأخيرة اجتماعاً مع ممثلين لوزارة الخزانة الأميركية في واشنطن الشهر الماضي، كما استقبل في بيروت مرات عدة وفوداً من الإدارة الأميركية ومن «صندوق النقد الدولي» و«البنك الدولي»... وغيرهما.
وقالت مصادر نيابية شاركت في الاجتماع، لـ«الشرق الأوسط»، إن جابر قدّم، خلال العشاء الذي دعا إليه النائب مخزومي، للوفد الأميركي مطالعة لمدة 10 دقائق لجهة إنجازات الحكومة والسلطات اللبنانية التشريعية والتنفيذية «لضبط الاقتصاد النقدي، وتشديد الرقابة الجمركية على المعابر الحدودية في المطار والموانئ والحدود البرية مع سوريا، فضلاً عن التقدم على صعيد ضبط شركات تحويل الأموال، وطلب زيادة مراقبتها وتشديد التدقيق بها»، كما أكد، وفق المصادر، أن «الإصلاحات قائمة من الجهة التنفيذية»، أما الشق السياسي فهو موضع نقاش مع رئيس الجمهورية.