Search Icon

مصرف لبنان يحظر «القرض الحسن» وبـرّاك: إنجاز مهم... جلسة المناقشة: «نكوزات» للحكومة وتكرار التناقضات

منذ 8 ساعات

من الصحف

مصرف لبنان يحظر «القرض الحسن» وبـرّاك: إنجاز مهم... جلسة المناقشة: «نكوزات» للحكومة وتكرار التناقضات

الاحداث- كتبت صحيفة الجمهورية تقول:"كلّ التقديرات والتحليلات تتفق على أنّ المنطقة تزحل من مكانها، وليس معلوماً الشكل الذي سترسو عليه في ظلّ ما يتسارع فيها من تحوّلات ومتغيّرات تنذر بخرائط جديدة تُرسم فيها، وترخي بمخاطر مصيرية تهدّد وجود بعض الدول، وتضع حدودها على مقصلة التعديل والتضييق أو المحو والزوال. ولا يبدو في هذا السياق، انّ ما يجري من حوادث دموية في السويداء ودخول العامل الإسرائيلي عليها، معزولاً عنها. وأما أمام هذا الواقع المقلق، فكانّه ملقّح بمضادات التحصين الداخلي، ومعاقب بمداخلات خارجية، وبمكونات سياسية محترفة في السجالات والاشتباك والتوتير والاستفزاز، ولا تُحسن سوى إثقاله بإرباكات وشعبويات ومراهقات ومزايدات وتحريض سياسي وطائفي. وأمّا في لحظة الحقيقة والخطر على البلد كوطن وكيان، فيتبدّى صغرها وإفلاسها الذي يعرّيها حتى من ورقة التوت.
لا جديد!
الحدث الداخلي تجلّى بالأمس، في الجلسة العامّة لمناقشة الحكومة في سياستها وأدائها منذ تشكيلها، الّا أنّ وقائعها أكّدت بما لا يقبل أدنى شك، انّها لم تخالف التوقعات؛ نقاشات حكي بحكي، وكل طرف بدا ثابتاً على موقفه ومفرداته وشعاراته، فيما الحكومة تعرّضت لما يمكن وصفها بـ«النكوزات» من كتل نيابية مختلفة معارضة وغير معارضة، حول التعيينات وإجراءاتها الاقتصادية والمالية، وايضاً حول ما اعتبره بعض النواب إخلالاً بما وعدت به في بيانها الوزاري، وتصدّرت في هذا المجال، ما بدت أنّها «نكوزات من أهل البيت في الحكومة»، تولّتها كتل نيابية لها تمثيل وازن فيها، اتخذت من ملف السلاح وحصريته بيد الدولة وحدها ذخيرة لهجومها، ودعوتها للحكومة لحسم هذا الملف بصورة عاجلة.

في تقييم الجلسة، انّها في الشكل كانت مضبوطة إلى حدّ بعيد، وأمّا في المضمون فخطباء من كل الكتل والاتجاهات، ومداخلات جاءت انعكاساً واضحاً للمشهد العام، وتكرارًا لذات المواقف المعروفة والمعبّر عنها في الشارع وعلى المنابر والشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث انّها ظهّرت الانقسامات والاصطفافات على ما هي، ونقاط الاختلاف على ما هي، والملفات الخلافية والاشتباكية على ما هي، ما يعني في الخلاصة انّها لم تحمل جديداً، او أي افكار جدّية تحاكي الظرف الراهن الذي يمرّ فيه لبنان وما يلوح في أفقه من مصاعب ومخاطر وجودية، وضرورة نزول المكونات الداخلية عن أشجار الشعبوية والكيد السياسي، والتقائها في مساحة مشتركة على مسؤولية تحصين البلد من العواصف التي تتهدّده من كلّ جانب.

الردّ على الردّ
وسط هذه الأجواء، عادت الورقة الأميركية لتطفو على السطح الداخلي، في ظل ما أفيد عن تسلّم الجهات الرسمية عبر السفارة الأميركية في بيروت رداً أميركيّاً على ردّ لبنان الرسمي على خريطة طريق الحل التي قدّمها الموفد الأميركي توم برّاك. اللافت في هذا السياق، السرّية التي يحاط به الردّ الأميركي، ما خلا معلومات محدودة تتحدث عن «نصف تجاوب» مع الردّ اللبناني، حيث أفادت المعلومات انّ الصياغة الأميركية، وإن تضمنت ترحيباً بجانب كبير من الردّ اللبناني، وما ورد فيه من التزامات مؤكّدة، سواء ما يتعلق بالإصلاحات واتفاق الطائف والقرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار وترسيم الحدود، واستكمال نشر الجيش خصوصاً في منطقة جنوب الليطاني، ومبدأ حصرية السلاح بيد الدولة، إلّا أنّها جاءت في الجانب الأساسي فيها مشروطة بطلب مباشر مرتبط بسلاح «حزب الله»، مفاده وضع برنامج زمني لسحب سلاحه وتحديد الآلية التنفيذيه لسحبه ضمن مهلة لا تتجاوز نهاية السنة الحالية.
 
وفيما لم يشأ مرجع رسمي تأكيد أو نفي ما إذا كان لبنان قد تلقّى فعلاً رداً اميركياً على الردّ اللبناني، مكتفياً بجواب مبهم: «يمكن إي يمكن لا»، أفيد بأنّ موضوع الردّ الأميركي على الردّ اللبناني كان في الساعات الأخيرة محل مشاورات بين مستويات سياسية رفيعة، وبات في عهدة اللجنة الثلاثية الممثلة لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نوّاف سلام. وتردّدت في هذا السياق معلومات عن اجتماع للجنة الثلاثية في الساعات القليلة الماضية لمناقشة مضمون الردّ الأميركي ووضع الأفكار والملاحظات عليه، تمهيداً لصياغتها بصورة نهائية في ردّ يُسلّم لاحقاً إلى السفير توم برّاك.

 
وفي موازاة الغموض الذي يكتنف هذا الأمر، تخوّفت مصادر متابعة لهذا الملف مما سمّتها محاولة «حشر لبنان في وضع صعب»، وقالت لـ«الجمهورية»: «إن صحّ ما قيل عن أنّ الردّ الأميركي تضمن طلباً من الحكومة اللبنانية بوضع جدول زمني لسحب السّلاح وضمن مهلة معينة، ففي هذا الطلب شيء من التعجيز، كونه يضع لبنان أمام مهمّة صعبة ومعقّدة، في ظل رفض «حزب الله» القاطع للتخلّي عن سلاحه، سواء الخفيف او السلاح الذي يُقال انّه يهدّد إسرائيل ويشكّل خطراً عليها. وايضاً في ظلّ التعقيدات الشديدة المرتبطة بسلاح المنظمات الفلسطينية في المخيمات، وصعوبة نزعه، والتي تبدّت بوضوح حينما طُرح هذا الأمر خلال الفترة التي تلت زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى بيروت».
الموقف الأميركي معروف
إلى ذلك، أبلغ مسؤول رفيع الى «الجمهورية» قوله، إنّ «الردّ اللبناني الذي تمّ تسليمه إلى الموفد الأميركي، راعى المصلحة اللبنانية اولاً واخيراً، ولنكن صريحين، فإننا من الأساس، وبناءً على التجارب السابقة، وضعنا شكوكاً حول احتمال استجابة الأميركيين وغيرهم (الإسرائيليون) لردّ لبنان فور تسليمنا الردّ لبرّاك. علماً اننا قرأنا ملامح الردّ الأميركي – الأسرائيلي على الردّ اللبناني مسبقاً، في موضعين:
 
الأول، في المحادثات مع برّاك، حيث انّ مقارباته كما لاحظ الجميع، جاءت دمثة وبنبرة ديبلوماسية هادئة في الشكل، انما في جوهرها أبقت على التصلّب في الطروحات، خصوصاً في ملف سلاح «حزب الله»، وتبعاً لذلك من الخطأ او بمعنى أدق، من الغباء الكلي افتراض تحوّل في الموقف الأميركي. ومن الخطأ أيضاً القول بوجود خلاف او اختلاف بين الموفدين الأميركيين إلى لبنان، فبرّاك مثل مورغان اورتاغوس، واورتاغوس مثل آموس هوكشتاين، وهوكشتاين مثل برّاك، ومن يأتي غيرهم فهو يشبههم بالتأكيد، إذ انّهم جميعهم يعبّرون عن حقيقة الموقف الأميركي، انما بطرق ووجوه ونبرات مختلفة.
 
الثاني، ملامح الردّ على ردّ لبنان، تبدّت بصورة واضحة في الرسائل اليومية التي ترسلها إسرائيل بالبريد الحربي تجاه لبنان، عبر تكثيف الاعتداءات على ما جرى بالأمس في البقاع وقبله في الجنوب، وبالاغتيالات والتوغلات في المناطق اللبنانية القريبة من خط الحدود، والانتهاكات المتتالية للسيادة اللبنانية واحتلال الأجواء بالمسيّرات».
 
حظر القرض الحسن
من جهة ثانية، وفي إجراء لافت في مضمونه وتوقيته، أصدر حاكم مصرف لبنان كريم سعَيد تعميماً حمل الرقم 170، للمصارف والمؤسسات المالية، حظّرها فيه التعامل مع مؤسسات مالية عدة ومنها «مؤسسة القرض الحسن». ومعلوم انّ جمعية «القرض الحسن» تُعتبر العصب المالي لـ«حزب الله». ولفت في هذا السياق ترحيب الموفد الأميركي توم برّاك بهذا القرار، وقال عبر منصة «إكس»: إن «قرار البنك المركزي خطوة في الاتجاه الصحيح لضبط تدفّق الأموال الخاصة بـ«حزب الله»، والتي كانت تمرّ عبر جمعية القرض الحسن»، أضاف: «تعزيز الشفافية وإخضاع جميع الوسطاء الماليين في لبنان لإشراف مصرف لبنان يُعدّان إنجازاً مهمّاً وضرورياً».
 
وجاء في تعميم مصرف لبنان: «یحظّر على المصارف والمؤسسات المالیة وسائر المؤسسات الخاضعة لترخیص من مصرف لبنان وعلى مؤسسات الوساطة المالیة وهیئات الاستثمار الجماعي أن تقوم بأي تعامل (مالي أو تجاري، او غیره...)، بشكل مباشر أو غیر مباشر، كلي أو جزئي، مع مؤسسات الصرافة وشركات تحویل الاموال والجمعیات والهیئات غیر المرخصة كـ«جمعیة القرض الحسن» و«شركة تسهیلات ش.م.م.» و«شركة الیسر للتمویل واللاستثمار» و«بیت المال للمسلمین»، وغیرها من المؤسسات والهیئات والشركات والكیانات والجمعیات المدرجة على لوائح العقوبات الدولیة، لاسیما لجهة:
 
- تقدیم أو تسهیل خدمات مالیة أو نقدیة أو تحویلات أو خدمات وساطة.
- إنشاء أو تنفیذ ترتیبات تمویل أو إیجار أو إقراض.
- تسهیل الوصول المباشر أو غیر المباشر إلى النظام المصرفي اللبناني، بأيّ عملة كانت، من قبل الجمعیات او الهیئات او الشركات المذكورة وغیرها أو من قبل أي من فروعها».
ولفت حاكم المركزي في تعميمه إلى «انّ عدم التقيّد بأحكام هذا القرار يعرّض مرتكبيه للملاحقات القانونية واتخاذ اجراءات قد تصل إلى حدّ تعليق او سحب الترخيص، وتجميد الحسابات والأصول والإحالة على هيئة التحقيق الخاصة»، وقال: «إنّ مصرف لبنان يؤكّد على انّه سيقوم باتخاذ كل الإجراءات الإدارية والقانونية المناسبة لفرض تطبيق أحكام هذا القرار».
 
اعتداءات
 
أمنياً، رفعت إسرائيل أمس، وتيرة اعتداءاتها على لبنان، باستهدافات جوية بسلسلة غارات مكثفة في منطقة البقاع، على السلسلتين الشرقية والغربية في منطقة شمسطار وطاريا والحريبة وجرود بريتال وبوداي والنبي شيت ووادي ام علي ووادي فعرة. وأعلنت وزارة الصحة انّ هذه الغارات على محافظتي البقاع وبعلبك الهرمل أدّت إلى سقوط 12 شهيداً وإصابة 12 آخرين بجروح.
وأعلنت إسرائيل على لسان وزير دفاعها يسرائيل كاتس، أنّ «الهجمات في لبنان رسالة واضحة لـ«حزب الله» الذي يخطّط لإعادة بناء قدراته ضدّ إسرائيل». فيما قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي «انّ الطائرات الحربية الإسرائيلية، وبإيعاز من جهاز الإستخبارات العسكرية وقيادة المنطقة الشمالية، شنّت غارات جوية على مواقع في منطقة البقاع، زاعماً أنّها مواقع تابعة لـ«حزب الله».
 
وأشار المتحدث الإسرائيلي إلى انّ الغارات استهدفت معسكرات تستخدمها «قوة الرضوان»، (وحدة النخبة في «حزب الله»)، وقال : «لقد استخدم «حزب الله» المعسكرات المستهدفة لتنفيذ تدريبات وأعمال تأهيل بهدف تخطيط وتنفيذ مخططات ارهابية ضدّ قوات جيش الدفاع ودولة إسرائيل. في إطار أعمال التأهيل كان الإرهابيون يخضعون لتدريبات بإطلاق النار واستخدام وسائل قتالية من أنواع مختلفة».
 
وقال: «إنّ هذه المواقع تُستخدم في أنشطة تُعدّ «خرقًا واضحًا للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان»، وتشكّل «تهديدًا مستقبليًا»، مؤكّدًا «استمراره في العمل لإزالة ما وصفها بالتهديدات من الأراضي اللبنانية».