Search Icon

ملف الجيش في عهدة عون... ونتنياهو يهدّد بـ"موجات مواجهات"

منذ 28 دقيقة

من الصحف

ملف الجيش في عهدة عون... ونتنياهو يهدّد بـموجات مواجهات

الاحداث-  كتبت صحيفة "الجمهورية": لا يمكن تفسير استمرار التهديد الإسرائيلي بـ«موجات من الهجمات»، كما عبّر بنيامين نتنياهو أمس، سوى انّه رفض متكرّر غير معلن للعرض اللبناني للتفاوض، في وقت ذهب البعض إلى اعتبار أنّ الإلغاء الأميركي لزيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل لواشنطن، يستبطن رفضاً لهذا العرض ايضاً. ما يجعل الوضع مفتوحاً على كل الاحتمالات من الآن وحتى نهاية السنة الجارية، فيما يعوّل البعض على أن تؤدي زيارة البابا لاوون الرابع للبنان نهاية الجاري، إلى تغيير في مسار الأوضاع نحو التهدئة، او على الأقل إعطاء المساعي الديبلوماسية فرصة لتحقق النتائج المرجوة منها. وقد اكّد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، انّ «الجميع معني بهذا الحدث الوطني الكبير، خصوصاً أنّ قداسته اختار لبنان لتكون وجهته الأولى خارج الفاتيكان، بعد تركيا التي يزورها لمناسبة دينية».

يعكف أركان الحكم هذه الأيام على احتواء العاصفة التي أثارها إلغاء الجانب الأميركي زيارة قائد الجيش العماد رودولف هيكل لواشنطن، انطلاقاً من اقتناع بأنّ أي اختلال في العلاقات بين لبنان والولايات المتحدة في الظرف الحاضر سيقود لبنان إلى مأزق لا يستطيع الخروج منه، ولن يجد وسيطاً يساعده على ذلك.

فواشنطن، عدا عن كونها اليوم الراعي الأساسي لكل التسويات السياسية في الشرق الأوسط، الذي يتسابق اللاعبون على نيل رضاها، تضطلع اليوم بدور أساسي في عملية إنهاض لبنان المفترضة من أزمته، سواء على مستوى الوضع المتفجّر مع إسرائيل، حيث تدير هي فريق «الميكانيزم»، وهي القوة الوحيدة التي يمكن للبنان أن يطلب دعمها لردع إسرائيل. كما أنّها تلعب دوراً محورياً على المستويين السياسي والاقتصادي، لإخراج لبنان من انهياره المستمر منذ 6 سنوات، ومنع انزلاقه إلى اللائحة السوداء عالمياً.

وقالت مصادر مواكبة لـ«الجمهورية»، إنّ هذه المعطيات تفرض على الجانب الرسمي اللبناني أن يعالج تداعيات ما جرى مع قائد الجيش بهدوء ومسؤولية، وعدم الانصياع وراء الشعارات والتحدّيات التي لا تخدم المصلحة اللبنانية، مع الحفاظ على معنويات الجيش وثوابته الوطنية.

في عهدة عون

ولم يُصدر مجلس الوزراء في جلسته أمس اي موقف في شأن إلغاء زيارة قائد الجيش لواشنطن، ولكنه ترك الامر «في عهدة فخامة الرئيس وقيادة الجيش، والعمل جارٍ على هذا الامر»، على حدّ قول وزير الإعلام بول مرقص بعد الجلسة.

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»، إنّ الرئيس عون لم يستسغ مناقشة هذا الامر في مجلس الوزراء، لتجنّب إدخال الجيش في البازار السياسي، وهو يجري مروحة من الاتصالات في غير اتجاه وخصوصاً مع الأميركيين، وسيلتقي قريباً السفير الأميركي ميشال عيسى لهذه الغاية.

وقبل أن يوجّه عون عند الثامنة مساء اليوم رسالة إلى اللبنانيين لمناسبة الذكرى الـ82 لاستقلال لبنان، قال في مستهل جلسة مجلس الوزراء: «بعد يومين، يحتفل لبنان بذكرى استقلاله، ونتمنى أن يحلّ عيد الاستقلال في السنة المقبلة من دون وجود أي شبر محتل من الأراضي اللبنانية. فضّلنا عدم إقامة احتفالات أو عرض عسكري في المناسبة، نظراً للظروف التي يمرّ فيها البلد، على أن يتمّ تكريم رجالات الاستقلال غداً وفق التقليد». ونوّه «بالمؤتمرات الدولية التي يستضيفها لبنان»، شاكراً المشاركين فيها، «وخصوصًا الأشقاء السعوديين». وقال: «هذا هو الردّ الحقيقي على بعض النفوس السود التي تتقصّد تشويه صورة البلد وعدم تقبّل وجود دولة تعمل للنهوض. وهناك ثلاثة أنواع من المعارضين: من لا يرغب في العمل، ومن كان يريد أن يقوم بعملك، ومن يعمل عكس ما تقوم به».

بري

ولمناسبة ذكرى الاستقلال، وجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري رسالة إلى اللبنانيين قال فيها: «الإستقلال ليس يوماً من تاريخ، وليس فعلاً ماضياً مبنياً على المجهول، إنما هو امتحان يومي للبنانيين شعباً وجيشاً ولسائر السلطات، وهو دعوة دائمة لهم لاستكمال معركة إستقلال الوطن وتحصينه من الإرتهان والخضوع، وصون السيادة، وتحصين الإرادة الوطنية من التبعية، وتحرير الأرض والإنسان من براثن الإحتلال، والسعي الحثيث لتأمين كل مستلزمات الدعم والمؤازرة لتمكين الجيش من تحقيق وإنجاز كل المهام المناطة به باعتباره مؤسسة ضامنة وحامية للبنان واللبنانيين ولسلمهم وبالطبع لمكافأة قيادتها وجنودها وضباطها ورتبائها على عظيم ما يقدّمون، وليس التشكيك والوشاية والتحريض عليهم في الداخل والخارج وإستهداف دورهم الوطني المقدّس الذي كان وسيبقى عنواناً للشرف والتضحية والوفاء من أجل حماية لبنان وصون كل تلك العناوين من عدوانية اسرائيل التي كانت ولا تزال تقف حائلاً بين اللبنانيين وبين إستقلالهم الحقيقي الناجز براً وبحراً وجواً». وأضاف: «مجدداً اللبنانيون كل اللبنانيين، وكل قواهم السياسية في ذكرى الاستقلال هذا العام، هم أمام إختبار مصيري لمدى إستحقاقهم «الإستقلال» بكل ما يمثل من مفاهيم وأبعاد وقيم وطنية، إنّ ميدان هذا الإختبار اليوم هو الجنوب الذي يجسّد صورة مصغّرة عن لبنان الوطن والرسالة».

مستعدون للتفاوض

في غضون ذلك، أكّد رئيس الحكومة نواف سلام لوكالة «بلومبيرغ» أنّه سيبحث مع مسؤولين أميركيين في «رفض إسرائيل للتفاوض والتسوية»، وقال: «عندما نُظهر استعدادنا للتفاوض لا نحصل على موعد». وشدّد على أنّ «لبنان مستعدّ للانخراط في مفاوضات مع إسرائيل»، لافتاً إلى أنّه «يكرّر عرض لبنان السابق للاستعداد للتفاوض في شأن الحدود البرية والمناطق التي ما زالت إسرائيل تحتفظ بها».

وأوضح أنّ «خطّة نزع السلاح في جنوب لبنان تسير على المسار الصحيح، وأنّ الجيش يوسّع انتشاره قرب الحدود مع إسرائيل». وأشار إلى أنّ «إسرائيل لا تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار وتواصل البقاء في 5 مواقع حدودية «عديمة القيمة الأمنية والعسكرية».

وأكّد سلام أنّ «الجيش شدّد السيطرة على طرق التهريب خصوصاً على الحدود مع سوريا».

موجات مواجهات

من جهة ثانية، لم يفارق الطيران المسيّر الإسرائيلي الأجواء اللبنانية كلها أمس، فيما أكّد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو «أنّ التهديد الذي يشكّله حزب الله على إسرائيل قد اختلف تماماً عمّا كان عليه قبل تاريخ 7 تشرين الأول»، وقال انّ «الوضع الأمني شهد تحولاً كبيراً في الأسابيع الأخيرة»، معتبراً «أنّ كل شيء قد تغيّر منذ بداية الحرب مع غزة، وأنّ التهديد الذي يشكّله حزب الله بات أكثر تعقيداً وخطورة». وأشار إلى «أنّ إسرائيل لم تعد تكتفي بالهجمات المحدودة والنسبية على مواقع الحزب في لبنان، بل إنّها تتّجه نحو تصعيد أكبر عبر «موجات من الهجمات» التي تستهدف أهدافاً متعددة»، لافتاً إلى «أنّ الهدف من هذه الهجمات هو التأثير على حزب الله وتهديد قدراته العسكرية».

وفي السياق نفسه، قالت «القناة 14» الإسرائيلية القريبة من نتنياهو «إنّ إسرائيل قد تنتقل من الهجمات المحدودة إلى عمليات عسكرية أوسع، قد تصل إلى تصعيد شامل». وتوقعت «أن يكون الهدف النهائي لهذه الهجمات هو نزع سلاح حزب الله، في خطوة تهدف إلى تقليص تهديده المستمر لإسرائيل، لا سيما في ظل التوترات الأمنية المتزايدة على الحدود اللبنانية».

في غضون ذلك، أعلنت «اليونيفيل» عبر منصة «إكس»، أنّها منذ توقيع اتفاقية وقف الأعمال العدائية العام الماضي، رصدت قواتها أكثر من 7,500 انتهاك جوي ونحو 2,500 انتهاك بري شمال الخط الأزرق، إلى جانب اكتشاف أكثر من 360 مخبئًا متروكًا للأسلحة تمّ تحويلها إلى الجيش اللبناني».

إحاطة لمجلس الأمن

في هذه الاثناء، قدّمت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت إحاطتها أمام مجلس الأمن حول تنفيذ القرار 1701، فأشارت الى «إحراز تقدّم ملحوظ» في تنفيذ بعض بنود «تفاهم وقف الأعمال العدائية»»، وانّه «لا تزال بنود أخرى تراوح مكانها». وأشارت إلى أنّ «عامل الوقت أصبح حاسماً»، وقالت: «لم يعد في وسع لبنان أن يتحمّل الظهور بمظهر المماطل، سواء بالنسبة لانخراطه في الحوار أو في حصر السلاح في يد الدولة».

وأثنت على «التقدّم الذي أحرزته القوّات المسلحة اللبنانية في معالجة مسألة السلاح خارج سلطة الدولة، لا سيما جنوب نهر الليطاني»، مؤكّدة «الحاجة الملحّة إلى اعتماد مقاربة حكومية شاملة، في ما يتعلق ببسط سلطة الدولة»، موضحة أنّ «الجيش وحده لا يمكنه تنفيذ القرار 1701». وأضافت: «وجود الجيش الإسرائيلي شمال الخط الأزرق والنشاط العسكري الإسرائيلي المتكرر في جميع أنحاء البلاد لا يزال يشكّل انتهاكاً لسيادة لبنان وسلامة أراضيه». وأكّدت أنّ «الوضع الراهن لا يخدم المصالح الاستراتيجية لإسرائيل ولا للبنان، بل ينذر بمزيد من عدم الاستقرار في المستقبل، إن لم يكن الآن، فلاحقاً».