الأحداث - توجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، متوجهاً إلى أهل الجنوب والبقاع والضاحية قائلاً: “دولتكم تحاصركم وتشدّ الخناق على أعناقكم وهي تلتزم بمشاريع خارجية تتعارض مع سيادتها وواجباتها الوطنية”.
وقال: “سدّ بعض ديون الجنوب اللبناني يمرّ باستنفار الدولة بكلّ مؤسساتها ومرافقها وتزخيم دورها وقدراتها وإمكاناتها في الجنوب اللبناني وهذا غير موجود يا أصحاب دولة لبنان، واللحظة للبنان وطبيعة خياراته، لأنّ الجنوب اللبناني كما البقاع متروك لمصيره ومصير ناسه وأهله وسط سياسة داخلية لا يهمّها الجنوب ولا البقاع ولا الضاحية ولا الطائفة التي خاضت غمار عشرات السنين لاسترداد لبنان من الصهاينة وتأمين سيادته، ومع أن الدولة تستطيع فعل الكثير في الجنوب إلا أنها لا تفعل، بل تحاصر أهله وتمنع عليهم أي قدرات حكومية وأي مساعدات إقليمية أو دولية، لدرجة أنّها تسدّ المنافذ البحرية والجوية بوجههم وتصادر الأموال الوافدة بخلفية التزامات خارجية وظيفتها خنق ومنع القدرة المالية عن جوهرة سيادة لبنان، ورغم ذلك تتنكّر لهم ولما يلزم لصفتهم السيادية ولما تفرضه حيثيّتُهم التأسيسية للشرعية الوطنية، وبهذا السياق فإنها تردّ على تضحياتهم السيادية طيلة خمسين سنة بالتنكّر والحصار والإبتزاز والمزيد من التطويق، واللحظة للمصارحة، لأنّ غارات مصيلح الصهيونية تُلاقي للأسف مشاريع الدولة اللبنانية التي تحاصر وتمنع أي قدرة حكومية أو مساعدة خارجية يمكنها إغاثة أهل الجنوب، لدرجة أن بعض الدول تشتكي بأنها تريد المساهمة بإعمار الجنوب والضاحية والبقاع إلا أن الدولة اللبنانية تمنعها من ذلك، بل بعض الدول التي لها استحقاقات مالية على الدولة اللبنانية أصابتها الصدمة بسبب تهرّب الدولة اللبنانية عن قبول أي مساعدة إعمارية للجنوب تحت أوصاف واهية ومقصودة”.
وأضاف قبلان: “ومع هذه وتلك هناك طائفة بأمّها وأبيها متروكة للعدوان والغارات والقتل والإستنزاف فضلاً عن الحصار الخانق الذي تقوده الدولة اللبنانية بإحكام، وما زالت أنقاض أخطر حرب وجودية للبنان على الأرض، وما زال كثير من أهل الجنوب والضاحية والبقاع بلا منازل وفوق الأنقاض وبلا أي مجهود مرفقي أو اندفاع وطني بالإضافة إلى الإبتزاز العمدي لأهل الجنوب، وبنفس الوقت الذي تنشغل فيه حكومة لبنان بالنوم والسهرات والأعراس والكسل والاهمال المقصود ينشغل أهل الجنوب بمواجهة النار والغارات وإنقاذ ما أمكن من الآليات الهندسية الحيادية التي تساهم بالناتج المحلي للقوة الإقتصادية الوطنية”.
وتابع قبلان: “بلا مجاملة أقول: الجنوب اللبناني لا يهمّ الدولة اللبنانية وتتعامل معه كمنطقة عدو بل أخطر، لأنها تعاقب الجنوب وأهله وفي نفس الوقت لا تعاقب إسرائيل، وعين بعض من يحكم ليس على إهماله فقط بل على استنزافه وتركيعه وتركه ساحةً للغارات والقتل والخراب، وبإذن الله لن نركع ونحن أهل النخوة والسيادة والحميّة والتضحيات السيادية، وبيانات الدولة كذبة وجزء من لعبة تستنزف جنوب لبنان، مع أن الدولة اللبنانية قادرة على القيام بمجهود دبلوماسي وإغاثي وتنموي كبير إلا أنها لا تريد ذلك، خاصة أنّ هناك من تحنُّ ذاكرته لزمن الصهاينة ومشاريع الاحتلال، ومنذ وقف النار والدولة تعاقب أهل الجنوب والبقاع والضاحية وعينها على الخلاص من طائفة بأمّها وأبيها، رغم أنّ لهذه الطائفة ديوناً سيادية بعنق هذا البلد ووجوده منذ نصف قرن، وكلها ديون بحجم استرداد وحماية وجود لبنان إلا أن الدولة دولة التزامات خارجية ومشاريع استنزافية، وهنا أقول لأهل الجنوب والبقاع والضاحية: دولتكم تحاصركم وتشدّ الخناق على أعناقكم وهي تلتزم بمشاريع خارجية تتعارض مع سيادتها وواجباتها الوطنية، والحكومة اللبنانية لا شغل لها إلا الإنتقام الصامت من الجنوب اللبناني، واللحظة تاريخ وخيارات، وتاريخ الدولة اللبنانية زمن الاحتلال الصهيوني للبنان مرّ للغاية، ولولا انتفاضة 6 شباط وما صاحبها من مقاومة وتضحيات لكنّا اليوم ضمن مستعمرة صهيونية سرطانية، والحل بتضامن وطني واسع، والقيادات الوطنية من كل الطوائف مدعوة لرفع الصوت والتلاقي على هذا الوطن، ولا شيء صادم أكثر من تلك القيادات التي تخلّت فجأةً عن خطابها الوطني”.
وختم قائلاً: “للتاريخ أقول: لبنان أكبر من أي طواقم تدير الدولة وتستنزف أهلها، والدولة اللبنانية إرث تاريخي ومجهود وجودي لكل الطوائف والمكونات التأسيسية لهذا البلد، ولن نترك لبنان للنهش، ولن نقبل باستنزاف جنوبه وبقاعه، ولن نسكت عن السياسات الداخلية التي تحاصر مجتمع المقاومة وجبهة سيادة لبنان، ولا ضمانة أكبر لهذا البلد من الجيش والمقاومة والمجهود الشعبي الوطني، ولا بديل أبداً عن الجيش والمقاومة والبيئة المقاومة التي بها عاد لبنان حرّاً وسيداً ومستقلاً، والدولة اللبنانية بما هي دولة خطّ أحمر ودونها كل ما نملك، واللحظة التاريخية تفحص الرجال والقيادات الوطنية التي تشبّعت من عسل الشعارات سابقاً، والعين الآن على الشجاعة الوطنية ومن ينهض بأعبائها، والوضع الحالي استثنائي جداً، والهروب من المسؤولية الوطنية خيانة بحجم إعدام لبنان”.